الموجة الثانية| قيود أوروبية مشددة وحظر تجول ومنع تجمعات لـ”تحجيم كورونا”.. وإصابة في مقر بابا الفاتيكان
دخلت إجراءات صارمة حيز التنفيذ في أوروبا، أمس السبت، كجزء من محاولات حثيثة يؤمل منها السيطرة على الموجة الثانية من وباء كوفيد-19، كان أبرزها منع التجمّع في لندن وفرض حظر تجوّل في فرنسا وإغلاق المدارس في بولندا.
يأتي ذلك في أعقاب أسبوع شهد ازدياداً في الإصابات (+44% مقارنة بالأسبوع السابق)، بينما انخفضت في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وآسيا حسب تعداد أجرته فرانس برس، وترى منظمة الصحة العالمية أنّ الوضع في أوروبا يبعث على “القلق الشديد”.
وأمرت سلطات منطقة لومبارديا الإيطالية، البؤرة الأولى لفيروس كورونا المستجد في أوروبا، جميع الحانات بإغلاق أبوابها منتصف الليل اعتبارا من السبت ضمن جهودها للحد من موجة ثانية للوباء.
وتم تعليق كافة الفعاليات الرياضية للهواة في المنطقة الغنية بشمال إيطاليا، حيث رصدت أولى الإصابات بكوفيد-19 في أوروبا في فبراير.
وبموجب القيود الجديدة التي ستطبق حتى 6 نوفمبر، ستتمكن الحانات بعد الساعة السادسة مساء فقط من خدمة الزبائن الجالسين إلى طاولات، وستحظر خدمة بيع الكحول (تيك أواي) بعد ذلك الوقت.
وحظرت لومبارديا، التي تعد أكثر المناطق الإيطالية كثافة سكانية، أيضا استهلاك الطعام والشراب في كافة المساحات الخارجية العامة بموجب القواعد الجديدة.
وأعلن الفاتيكان السبت اكتشاف إصابة بكوفيد-19 في بيت القديسة مرتا، مقرّ إقامة البابا فرنسيس.
وقال مكتب الإعلام في الكرسي الرسولي إنه “تم اكتشاف حالة إيجابية أخرى بكوفيد-19 لشخص من بين سكان دولة الفاتيكان. ووُضع المصاب الذي لا يزال من دون عوارض حتى الساعة، في العزل على غرار كل من كانوا على احتكاك مباشر معه”. وأضاف أنه “غادر مؤقتاً بيت القديسة مارتا حيث يقطن عادةً”.
في المقابل، لم يُذكر أي تفصيل عن الوضع الصحي للبابا فرنسيس الذي فضّل عند انتخابه السكن في بيت القديسة مرتا بدلاً من القصر الرسولي. واكتفى البيان بالقول إن “صحة جميع القاطنين مراقبة باستمرار”.
وتجنب البابا فرنسيس خلال لقاء عام تقليدي الأربعاء، أي احتكاك مقرب مع المؤمنين، واكتفى بتحيتهم عن بعد خلال ظهوره العام الأربعاء ودعاهم إلى الحيطة من أجل “إنهاء الجائحة”.
ودعت حكومة منطقة كانتابريا في شمال غرب إسبانيا، سكانها البالغ عددهم نصف مليون نسمة إلى “عزل أنفسهم” في مواجهة “الارتفاع الحاد في عدد الإصابات”، في إجراء جديد في البلد الذي يشهد موجة إصابات ثانية بكوفيد-19.
وكُتب على الموقع الإلكتروني للحكومة الإقليمية أن “السلطات الصحية توصي (السكان) بعزل أنفسهم طوعياً وتنصح بالحدّ من النشاط والاجتماع والتحركات قدر الإمكان في مواجهة الارتفاع الحاد في عدد الإصابات في كانتابريا”.
وتابعت السلطات أنها توصي “بإلغاء الاجتماعات العائلية والاجتماعية أو إرجائها قدر الإمكان” مطالبة بتجنّب المساحات المغلقة والذهاب إلى الحانات والمطاعات والخروج بعد الساعة العاشرة مساء.
وأعلنت سلطات المنطقة أنها أحصت أكثر من 210 إصابات جديدة في الساعات الـ 48 الماضية، من أصل 8665 إصابة مثبتة في المنطقة التي تعدّ حوالي 53 ألف نسمة.
وفي ألمانيا التي أحصت 7,830 إصابة جديدة في 24 ساعة، وهو رقم قياسي، طلبت المستشارة أنغيلا ميركل من مواطنيها السبت ضبط العلاقات الاجتماعية قدر الإمكان، وحثت ميركل الألمان على التكاتف لإبطاء تفشي كورونا في البلاد، كما فعلوا في الربيع الماضي.
وقالت ميركل في كلمتها الأسبوعية “تنتظرنا أشهر صعبة، كيف سيمر علينا الشتاء وموسم أعياد الميلاد الإجابة ستكون في الأيام والأسابيع المقبلة وستتوقف على طريقة تصرفنا”، وأضافت “تخلوا عن كل سفر ليس ضرورياً بالفعل، عن كل احتفال ليس ضرورياً بالفعل، من فضلكم الزموا منازلكم”.
وفي المملكة المتحدة، أكثر الدول الأوروبية تضرراً جراء تفشي وباء كوفيد-19 (43429 وفاة و15 ألف إصابة جديدة الجمعة)، اتجهت السلطات إلى تشديد القيود، وكانت بريطانيا (أكثر من 55 مليون نسمة) قد حدّدت التجمعات بستة أشخاص كسقف أعلى (في الداخل والخارج على السواء) وسط إغلاق الحانات عند الساعة 22,00، ولكن مع حلول السبت، أصبح نصف السكان خاضعين إلى قيود أكثر شدّة.
ومنعت لندن وعدّة مناطق أخرى، بما يعني نحو 11 مليون نسمة، التجمعات في الأماكن المغلقة بين العائلات والأصدقاء، فيما تخضع لانكشاير (شمال-غرب) وليفربول لحالة تأهب صحي قصوى (لا لقاءات بين العائلات في الداخل كما في الخارج، وإغلاق الحانات التي لا تقدّم وجبات الطعام، وفي آيرلندا الشمالية، أغلقت الحانات والمطاعم الجمعة لمدة شهر وجرى تمديد العطل الدراسية.
وفي فرنسا حيث يتسارع انتقال العدوى (+25086 إصابة الجمعة)، صار سكان عدّة مدن كبرى بما فيها باريس وضاحيتها (نحو 20 مليون شخص في الإجمال)، خاضعين منذ السبت إلى حظر تجوّل بين التاسعة مساء والسادسة صباحاً ولمدّة أربعة أسابيع على الأقل.
ويتصف الوضع في فرنسا على أنّه من بين الأسوأ في أوروبا مع إحصاء أكثر من 33300 وفاة و834,770 إصابة. إضافة إلى المنطقة الباريسية، تشمل لائحة المعنيين بهذه الإجراءات مدن ليون وليل وتولوز ومونتبوليه وسانت-اتيان واكس-مرسيليا وروان وغرنوبل.
واحتفل العديد من محبي السهر مساء الجمعة بآخر ليلة، وقال الطالب البالغ 19 عاماً كورتيس مغديلون “نغتنم الفرصة قدر الإمكان، نزور مطعماً، نجول على الحانات ونتنزه رفقة بعض الأصدقاء في جادة الشانزيليزيه”.
وتدخل قيود جديدة حيز التنفيذ في وارسو ومدن كبيرة أخرى في بولندا: المدارس والثانويات مغلقة وسط اعتماد آليات التعلّم من بعد، المطاعم تغلق أبوابها عند التاسعة مساء، حفلات الزواج ممنوعة وعدد الأشخاص في المتاجر سيكون محدوداً كما هو الحال في وسائل النقل العام والمناسبات الدينية.
وفي جمهورية تشيكيا التي تعاني على صعيد أوروبا من أشدّ مستوى إصابات ووفيات لكلّ مئة ألف شخص، طلبت الحكومة من الجيش تشييد مستشفى ميداني خارج براغ يتسع لـ500 سرير، والجمعة فقط، سجّلت هذه الدولة التي يسكنها نحو10,7 مليون نسمة 1283 وفاة و11105 إصابات.
وفي بلجيكا، فرِض حظر تجول بدءاً من منتصف الليل إلى الخامسة فجر، وسيتعين إغلاق كل المقاهي والمطاعم في البلاد اعتبارا من الاثنين لمدة شهر على الأقل.
وتجاوزت هذه الدولة عتبة 200 ألف إصابة حديثاً، بعدما تجاوزت عتبة مئة ألف في 20 سبتمبر، وبرر رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو الإجراءات بأنّ “الأرقام تتضاعف كل أسبوع، ترتفع بشكل كبير، إنه ارتفاع مطرّد”.
وبلجيكا واحدة من الدول الأوروبية الأكثر تضرراً نسبة إلى عدد سكانها (10359 وفاة من أصل 11,5 مليون نسمة)، وقال وزير النقل البلجيكي جورج جيلكينيت إن “مستشفياتنا مزدحمة، والأرقام مرتفعة كما كانت في مارس عندما قررنا الإغلاق لمدة شهرين”.
وعلى مستوى العالم، كلّ المؤشرات تأخذ اللون الأحمر، فقد أودت الأزمة الوبائية بحياة 1,105,691 شخصا منذ بدايتها حسب تعداد أجرته فرانس برس.
ويوم الجمعة فقط، سجّلت 6118 وفاة و403,629 إصابة. وسجّلت إيطاليا الجمعة 10010 إصابات جديدة، في أعلى حصيلة يومية في هذه الدولة.