الملفات “السوداء” للنهضة التونسية| وزير يتلاعب بتحقيق لمنع محاكمة ابنته.. واتهام مشرف الجهاز السري في اغتيال البراهمي وشكري بلعيد
محمود هاشم
فيما يبدو أنه إعادة فتح للملفات “السوداء”، بدأت السلطات الرئاسية والقضائية في تونس التحقيق في ملفات اتهام بشأن قيادات في حركة النهضة في شبهات استخدام نفوذ، وتورط في اغتيال ناشطين سياسيين، في الوقت الذي تواصل كتل نيابية مساعيها نحو سحب الثقة من رئيس الحركة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي.
ووجه الرئيس التونسي قيس سعيد، اليوم الخميس، بإعادة فتح ملف حادث سيارة تورط فيه وزير سابق ينتمي لحركة النهضة.
ونشرت صفحة الرئاسة التونسية على فيسبوك مقطع فيديو أثار جدلا واسعا في تونس. ويظهر الفيديو الرئيس التونسي يشدد على قضية بطلها الوزير السابق من حركة النهضة أنور معروف الذي تدور حوله شبهات التلاعب في التحقيق بحادث سير قبل شهور.
وتدور القضية حول سيارة الوزير العمومية والتي تبلغ قيمتها نحو 90 ألف دولار، التحقيقات تشير إلى أن من يقودها كانت ابنة وزير النهضة.
وكشف الرئيس التونسي، الأربعاء، أن تلاعبا حدث في ملف هذه القضية وأن محضرها غاب عن المحكمة في إشارة إلى تدخل الوزير مستخدما نفوذه لسحب القضية بهدف حماية ابنته، رد المحكمة لم يتأخر، حيث قالت إن النظر في القضية سيكون في نوفمبر.
وقرأ المتابعون على المواقع الاجتماعية ما جاء على لسان قيس سعيد بأنه توجه جديد من قبل الرئيس تجاه حركة النهضة.
وقال معلقون إن هذا التوجه يعني أنه سيجري، خلال الأيام القادمة، فتح ملفات حركة النهضة أمام الرأي العام.
في سياق آخر، وجه القضاء التونسي الاتهام رسميا إلى مصطفي خذر، في جريمة اغتيال الناشطين السياسيين محمد البراهمي وشكري بلعيد، اللذين قتلا بالرصاص في عام 2013.
ويعد مصطفى خذر المشرف على الجهاز السري لحركة النهضة التي يتزعمها راشد الغنوشي رئيس البرلمان الحالي، وقد اعتقلته السلطات التونسية في 5 يونيو الماضي على خلفية اغتيال البراهمي وبلعيد.
وجاء اعتقال خذر بتهمة الامتناع عن تقديم معلومات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية، وذلك على خلفية علمه بالمخطط لاغتيال الناشطين.
واعتقلت السلطات التونسية إلى جانب خذر، كلا من عامر البلعزي الذي أخفى المسدس الذي اغتيل به البراهمي وبلعيد، وكذلك محمد العكاري لمشاركته في جريمة الاغتيال.
واغتيل شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالرصاص أمام منزليهما، الأول في 6 فبراير 2013، والثاني في 25 يوليو من العام نفسه، وقد أثار اغتيالهما حالة غضب وموجة احتجاجات واسعة في البلاد.
وأعلنت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي أن القضاء وجه الاتهام رسميا إلى خذر في جريمة اغتيال البراهمي، مما يعني أن الجهاز السري لحركة النهضة أصبح ضمن منظومة الاتهام.
وأكدت عضو هيئة الدفاع إيمان قزارة أن سفارة الولايات المتحدة لديها معلومات حول عملية الاغتيال، ولم يعرف بعد إن كان القضاء قد طلب الحصول عليها أم لا، وفق قولها.
وكشفت قزارة بالوثائق عن وجود علاقة مباشرة بين خذر ورئيس حركة النهضة، متهمة وكيل الجمهورية بشير العكرمي بإخفاء تفاصيل قانونية للتستر على الغنوشي.
وأشارت قزارة إلى أن محكمة التعقيب قررت في 14 يوليو الجاري سحب الملف من المحكمة الابتدائية وإحالته إلى محكمة أريانة، قائلة: “انتهت اللعبة وتعطل دور العكرمي في حماية الغنوشي”.
وفي أول حوار صحفي له منذ استقالته في 16 يوليو الجاري، اتهم رئيس حكومة تصريف الأعمال في تونس إلياس الفخفاخ حركة النهضة بـ”التعامل مع الحكم كغنيمة للحصول على الامتيازات والولاءات”، وبأنها لا تهتم بمصلحة البلاد.
وقال الفخفاخ في تصريحات لإذاعة “إكسبريس إف إم” التونسية، إن “حركة النهضة كانت طرفا في حكومته ثم سحبت منها الثقة وعملت على إطاحته، بالتعاون مع أطراف تطالها شبهات فساد، دون أن تسحب وزراءها من هذه الحكومة”، وهو ما وصفه رئيس الحكومة المستقيل بالسابقة.
وكشف أن النهضة عرضت عليه قبل أسبوعين من تقديم استقالته صفقة مقابل مواصلة عمله على رأس الحكومة، لكنه رفض الرضوح لشروطها مقبل البقاء في قصر القصبة.
في سياق آخر، أعلن ممثلا الكتلة الديمقراطية بمكتب البرلمان التونسي، نبيل حاجي وزهير المغزاوي، انسحابهما من اجتماع المكتب المخصص للنظر في لائحة سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي، وذلك احتجاجا على ما اعتبروه “تحايلا” من قبل حركة النهضة ورئيسها، مما أدى إلى تأجيل الجلسة.
وانتقد نبيل حاجي تشكيك حركة النهضة في بعض توقيعات نواب حزب “الدستوري الحر” للائحة.
وتم تأجيل اجتماع مكتب البرلمان إلى الجمعة، الساعة الثانية ظهرا بتوقيت تونس، على خلفية انسحاب الكتلة الديمقراطية من الاجتماع بسبب “تحايل النهضة كي لا يتم تحديد الموعد”.
ويواصل نواب كتلة الحزب الدستوري الحر اعتصامهم داخل البرلمان التونسي، احتجاجا على تأخر تحديد موعد جلسة عامة للتصويت على سحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي.
كما يطالب نواب الحزب بعدم إدخال من سمتهم الكتلة بـ”ذوي شبهة إرهاب” إلى أروقة المجلس، مما أثار جدلا واسعا في البلاد على مدار الأيام الماضية.
وكان مكتب مجلس نواب الشعب التونسي، قد أعلن في وقت سابق أنه سيجتمع الخميس للنظر في لائحة سحب الثقة من الغنوشي.
ويسود شبه إجماع بين الكتل البرلمانية الموقعة على عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي، وحزب قلب تونس، والمنظمات الوطنية، على ضرورة استبعاد حركة النهضة من أي تشكيلة حكومية مقبلة.
وتتجه مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة في تونس إلى إبعاد حركة النهضة التي يتزعمها الغنوشي عن الحكم، مع تصاعد الاتهامات الموجهة لها بتعطيل العمل الحكومي في البلاد.