المتوسط أصبح مقبرة.. البابا فرنسيس يندد باستغلال المهاجرين واللاجئين في الدعاية السياسية: من فضلكم لنوقف غرق الحضارة
دعا البابا فرنسيس، الأحد، إلى وضع حد “لغرق الحضارة”، وذلك خلال خطاب ألقاه في مخيّم للمهاجرين في مافروفوني بجزيرة ليسبوس، بعد خمسة أعوام من زيارته الأولى إلى هذه الجزيرة اليونانية الرمزية جدًا في قضية الهجرة.
وقال الحبر الأعظم أمام مهاجرين ولاجئين في المخيم إن البحر الأبيض المتوسط “أصبح مقبرة باردة بدون الحجارة التذكارية على القبور. هذا الحوض الكبير من المياه، مهّد العديد من الحضارات، يبدو الآن مرآة للموت (…) من فضلكم، لنوقف غرق الحضارة هذا”.
وأبدى فرنسيس أسفه لأن “شيئاً لم يتغير فيما يتعلق بقضية الهجرة” منذ زيارته السابقة قبل خمس سنوات. وقال إن البحر المتوسط، الذي شهد غرق الآلاف في محاولة العبور من شمال أفريقيا إلى أوروبا، لا يزال “مقبرة مروعة بلا شواهد قبور”.
وأضاف أمام الرئيسة اليونانية كاترينا ساكيلاروبولو، ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية مارجريتيس شيناس ووزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراشي: “لا ندع بحرنا يتحوّل إلى بحر ميت، ولا ندع مكان اللقاء هذا يصبح مسرحًا للمواجهات! لا ندع بحر الذكريات هذا يتحوّل إلى بحر النسيان. من فضلكم، لنوقف غرق الحضارة هذا”.
ولليوم الثاني على التوالي وجه البابا نقداً قاسياً لمن يستغلون أزمة الهجرة لأغراض سياسية، مضيفاً بالقول: “من السهل استثارة الرأي العام ببث الخوف من الآخرين”. وأوضح أن من يرفضون المهاجرين “يتخاذلون عن الحديث بنفس الحماسة” عن استغلال الفقراء والحروب وصناعة السلاح.
وكان البابا فرنسيس قد وصل صباح الأحد إلى مخيم المهاجرين في الجزيرة اليونانية من أجل الدعوة إلى دمج أفضل للاجئين في أوروبا التي تواجه صعوبة بحسب قوله، في إبداء تضامن، وكانت في استقباله عائلات مهاجرة كثيرة مع عدد كبير من الأطفال.
ويتضمن برنامج اليوم الثاني من رحلته إلى اليونان زيارة خاطفة إلى مخيم مافروفوني الذي يعيش فيه حوالي 2300 شخص وما زال يضمّ نحو 2200 طالب لجوء في ظروف صعبة.
واستقبل البابا حشدٌ من المهاجرين الذين تجمّعوا بين الحاويات والخيم في المخيم. في أجواء تتسمع بحفاوة كبيرة، حيّا الحبر الأعظم لوقت طويل العائلات الحاضرة وباركها وكان بين أفرادها أطفال كثر. وعلت هتافات تقول “أهلا وسهلا بك!” و”نحبّك”.
ونُشر نحو 900 شرطي في الجزيرة اليونانية. ورُفعت لافتات في كل مكان في مدينة ميتيليني وعلى مقربة من المخيّم للترحيب بالبابا أو التنديد بعمليات ترحيل مهاجرين إلى تركيا التي يُقال إن السلطات اليونانية تنفّذها.
ويأمل بعض هؤلاء المهاجرين في العودة مع البابا إلى روما بعد أن كان قد نقل معه 12 سورياً في 2016. وسيتم نقل خمسين مهاجراً من قبرص حيث أمضى يومين قبل أن يصل إلى أثينا. ولم يتم استبعاد احتمال أن يرافقه بعض طالبي اللجوء من مافروفوني إلى إيطاليا.
وأُقيم مخيم مافروفوني على عجل في ظل رياح عاتية منذ عام في ميدان رماية سابق للجيش في الجزيرة الواقعة في بحر إيجه، بعدما دُمّر مخيم موريا الذي كان الأكبر في أوروبا آنذاك، بسبب حريق هائل. وعندما كانت جزيرة ليسبوس نقطة الدخول الرئيسية لعشرات آلاف المهاجرين إلى أوروبا، زار الحبر الأعظم موريا في أبريل 2016 وقال في عبارة رمزية: “نحن مهاجرون جميعاً”. وتشكل قضية اللاجئين هذه المرة أيضًا محور رحلة البابا الـ 35.
في هذا السياق يقول الصحافي المتخصص في شؤون الفاتيكان ماركو بوليتي وهو مؤلّف كتاب عن البابا فرنسيس، إن هذا الأخير “مقتنع بأن مسألة المهاجرين هي أكبر كارثة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية”.
ولم يكفّ البابا الذي يُدعى خورخي بيرغوغليو ويتحدّر هو نفسه من عائلة مهاجرَين إيطاليَين استقرا في الأرجنتين، عن الدعوة إلى استقبال آلاف “الإخوة والأخوات” بدون أي تمييز بينهم لا على أساس الدين ولا بناء على وضع اللجوء.
ووصف البابا في خطاب ألقاه يوم السبت أمام القادة اليونانيين، المهاجرين بأنهم “أطراف مغامرة حديثة رهيبة”. واعتبر الحبر الأعظم أن أوروبا “تواصل المماطلة” في مواجهة تدفق المهاجرين و”تمزّقها الأنانية القومية” بدلاً من أن تكون “محركًا للتضامن” في مسألة الهجرة.