القصة الكاملة لفصل “المناجم والمحاجر” عن شركة الحديد والصلب: ضغوط وزير قطاع الأعمال والشريك الأوكراني.. وتخوفات من انهيار الشركة الأم.. ومصير غامض للعمال
تكليف الشركة الجديدة بإدارة 4 مواقع وفقا للقرار.. وبيع المادة الخام للشركة الوطنية أو للقطاع الخاص أو لشركات أجنبية “حسب رغبتها”
القضاء الإداري يحيل دعوى وقف العمومية غير العادية للمفوضين قبل يومين من انعقادها.. واستقالة مجلس الإدارة السابق رفضا لمقترح التقسيم
رئيس “القابضة للصناعات المعدنية السابق” يبرر القرار بتفادي تصفية “الحديد والصلب”.. ومخاوف عمالية من الفصل وانهيار “الشركة الأم”
الأنصاري: الوزير فصل رأس الشركة عن جسدها.. وتفكيره في التصدير بعد قرار التقسيم “وهم”.. سيرحل وتبقى “الحديد والصلب”
محمود هاشم
أثار قرار الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية، فصل نشاط المناجم والمحاجر في شركة منفصلة عنها، جدلا واسعا في الأوساط العمالية والنقابية، وسط تخوفات من تأثير القرار على مصير الصناعة الوطنية، خاصة مع عدم إلزام الشركة الجديدة ببيع المادة الخام للشركة الأم، بعدما كانت تحصل عليه دون مقابل، وعدم وضوح الرؤية بشأن مصير العاملين بعد قرار التقسيم.
وأعلنت الشركة عن موافقة بنسبة 82.5% من أسهم رأسمالها على البدء في إجراءات فصل نشاط المناجم والمحاجر عن أنشطة الشركة، وتأسيس شركة مساهمة جديدة لهذا النشاط مملوكة للمساهمين الحاليين، مع تشكيل شركة الحديد والصلب لجنة لإعداد التقييم بالقيمة الدفترية بمناسبة الانقسام إلى شركتين، وما يخص كل منهما من أصول والتزامات.
كما شمل القرار إعداد القوائم مالية للشركتين، وكذلك القوائم المالية الافتراضية عن عامين سابقين، وعرضها على الجهاز المركزي للمحاسبات لمراجعتها وإعداد تقرير بشأنها للعرض على لجنة التحقق المشكلة وفقاً للمادة 19 من القانون 203 لسنة 1991.
وحسب القرار الذي يدعمه وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، تتحول الشركة الوطنية إلى شركتين: الأولى تحت إدارة “الحديد والصلب الوطنية”، والثانية إدارة جديدة للمناجم والمحاجر في الشركة نفسها لإدارة 4 مواقع من المناجم والمحاجر، وهي “الواحات البحرية”، و”بني خالد” بالمنيا، و”الأدبية” بالسويس، ومنجم رابع مغلق في محافظة أسوان.
ويحق للشركة الجديدة بيع المادة الخام للشركة الوطنية أو للقطاع الخاص أو لشركات أجنبية حسب رغبتها طبقا لطبيعة السوق والعرض والطلب وفقا للقرار – بعدما كانت تحصل عليه الشركة الوطنية من دون مقابل – ما قد يضاعف تكلفة الإنتاج في المصنع القديم.
وقال وزير قطاع الأعمال العام، في تصريحات سابقة، إن الوزارة تنوي قيد الشركة المنقسمة من الحديد والصلب في البورصة المصرية.
وفي 7 أكتوبر الحالي، قالت شركة الحديد والصلب في بيان للبورصة، إن الشركة القابضة للصناعات المعدنية قبلت استقالة مجلس إدارة الشركة، الذي قرر رفض مقترح لتقسيم الشركة إلى كيانين منفصلين، وفصل نشاط المناجم والمحاجر، وتأسيس شركة جديدة لهذا النشاط، يمتلكها مساهمو الشركة الحاليين، حيث يحصل كل صاحب سهم على سهم مجاني مقابله، ويتم التقسيم بالقيمة الدفترية للشركة.
وأضافت الحديد والصلب أن الشركة القابضة قررت قبول استقالة رئيس وأعضاء مجلس الإدارة اعتبارا من 6 أكتوبر 2020 وإعادة تشكيل المجلس لحين العرض على الجمعية العامة للشركة.
وتضمن التشكيل الجديد لمجلس إدارة شركة الحديد والصلب تعيين فاروق بدوي رئيسا غير تنفيذي و3 أعضاء بمجلس الإدارة، وقررت الشركة حينها تكليف المهندس علي بخيت قائما بأعمال العضو المنتدب للشركة لحين العرض على الجمعية العامة للشركة.
وكشف جمال عبد المولي رئيس اللجنة النقابية وعضو مجلس إدارة الحديد والصلب، في تصريحات صحفية، عن أن خطوة تقسيم الشركة وفصل نشاط المناجم وتركيز الخام عن المصنع الأم، يأتي لتلبية مطالب الشريك الأوكراني، شركة فاشماس، الذي يتولى تنفيذ مشروع رفع تركيز الخام بالمناجم وتصنيع مكورات الحديد وبيعها بشكل مستقل.
وأضاف عبد المولى أن مجلس الإدارة رفض اقتراح عزل النشاط لأنه سيفقد شركة الحديد والصلب موردها الأساسي، وسيؤدي الى زيادة الأعباء والتكلفة.
وعلى مدار أسبوعين، نظرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الدعوى المرفوعة من النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية برئاسة خالد الفقي، واللجنة النقابية، وعدد أعضاء مجلس ادارة شركة الحديد والصلب، ضد وزير قطاع الأعمال العام، ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، لوقف انعقاد الجمعية العامة العادية وغير العادية للشركة، وقبل يومين من عقد الجمعية بالفعل، أحالت المحكمة الدعوى، السبت الماضي، إلى هيئة المفوضين، لتتعطل بذلك محاولات منع عقدها، في الوقت الذي طالب مقيمو الدعوى ببحث خطة لإصلاح الشركة وتطويرها بدلا من زيادة الأعباء المالية عليها بعد قرار التقسيم.
وفي الوقت الذي برر رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية السابق مدحت نافع، قرار إنشاء شركة المناجم والمحاجر بتجنب تصفيتها، بعد تراكم الخسائر وتجاوزها قيمة رأس المال، يتخوف العاملون بالشركة من أن تطالهم أضرار التقسيم بالفصل أو بقرارات أخرى، فيما يتخوف نقابيون من مصير الصناعة الوطنية ذاتها بعدما ألغى القرار إلزام الإدارة الجديدة للمحاجر ببيع منتجاتها للشركة الوطنية، ما قد يهدد توفير الخدمات اللازمة للصناعة، وقدرتها على التنافسية، وبالتالي مصير الشركة الأم ذاتها.
وتساءل صلاح الأنصاري، أحد أبناء شركة الحديد والصلب، عن مبررات فصل مناجم الشركة ومحاجرها عن الشركة الأم، لافتا إلى أن تصفية النشاط تعني غلق عنبر غير منتج دون تأثير على النشاط الرئيسي وهو إنتاج الحديد.
وأضاف: “لا أعلم إن كنت تدري أو لا تدري أن أولى مكونات صناعة الصهر هو ببساطة خام الحديد والحجر الجيرى وفحم الكوك؛ فإذا فصلت خام الحديد والحجر الجيري، فضلا عن مشاكل شركة الكوك؛ فأنت لا تكون فصلت أنشطة، وإنما فصلت رأس الشركة عن جسدها”.
وتابع: “هل تشترى خط السكة الحديد الواصل من الواحات إلى التبين بحلوان والناقل لخام الحديد عبر كوبرى المرازيق؛ وما مصير العاملين بالمناجم فى الواحات البحرية، والعاملين فى محاجر الشركة بمطاى بالمنيا؛ هتعمل فيهم إيه؛ والمدينة السكنية ومرافقها التى تحملت تكلفتها الشركة، والنادى والاستراحة والمسجد، هترجعهم الشركة الأم، هتشغلهم إيه؟ أكيد أنت لم تزر المنجم فى الواحات وأكيد لم تقم بزيارة المحجر فى المنيا، وكمان هتضم منجم أسوان ومحجر الأدبية بالسويس”.
واستطرد الأنصاري: “لو كنت فاكر نفسك بتعمل شركة جديدة من نفس المساهمين ومنحهم على كل سهم سهم – حاجة ببلاش كده – المساهمين دول للي ما يعرفش بنوك، والبنوك يهمها الربح، ولو كنت فاكر نفسك هتصدر تبقى واهم ولم تعمل أي دراسة جدوى؛ لا يوجد مستثمر محلى أو خارجى يتحمل عبء صناعة الصهر ومشاكلها؛ لو عينيك على الكام ألف فدان بالتبين تعملوها مدينة مش عارف إيه على أنقاض الشركة التى كانت تمثل رمزا للاستقلال الاقتصادى تبقى ارتكبت جريمة تاريخية”.
واستكمل: “أنت مش عارف أن توقف الشركة يعنى توقف صناعات معدنية عديدة تبقى مصيبة، بس خد بالك يا معالي وزير قطاع الأعمال العام، أنت ستقضى مدتك في الوزارة وترحل وتبقى الحديد والصلب”.
وبلغت خسائر الشركة بنهاية مارس الماضى، نحو 783.8 مليون جنيه، كما بلغ حجم المديونيات المستحقة عليها بنحو 9.1 مليار جنيه، ووصلت نسبة الخسائر المرحلة إلى رأس المال 410%.
وفى فبراير الماضى، وقعت الشركة تسوية مع شركة الغاز لسداد مديونية قيمتها 3.6 مليار جنيه، وفي يونيو، وقعت اتفاقا آخر مع بنك مصر، لتسوية مديونية بنقل ملكية قطعتي أرض إلى البنك.
وشركة الحديد والصلب المصرية (تابعة مساهمة مصرية) تعد هي أكبر شركة للحديد والصلب في مصر وأول شركة في الشرق الأوسط، تأسست عام 1954 بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهي عبارة عن مجمع كامل للحديد والصلب في مدينة التبين بحلوان. وهى تابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية.