«العفو الدولية» تدعو المغرب لوضع حد لمقاضاة النشطاء بموجب قانون حالة الطوارئ الصحية الجديد والإفراج عن معتقلي الرأي
المنظمة: التشكيك في تدابير مواجهة الحكومة للوباء أو الكشف عن أوجه القصور في نهجها ليس بجريمة
لا ينبغي أبداً استخدام هذا القانون المعيب لإسكات أصوات أولئك الذين يتجرؤون على انتقاد تدابير الحكومة لمواجهة الوباء والتعامل معه
كتبت- كريستين صفوان
طالبت منظمة العفو الدولية، يوم الثلاثاء، السلطات المغربية بالتوقف عن استغلال قانون حالة الطوارئ الصحية الذي وصفته بـ«المعيب» لمقاضاة نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين المواطنين وغيرهم، لانتقادهم سلمياً، طريقة تعامل الحكومة مع أزمة وباء فيروس كوفيد-19.
وكان البرلمان المغربي قد أصدر في 23 مارس الماي قانوناً جديداًيعلن حالة الطوارئ الصحية، ويحدد عقوبات بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، وغرامة 1300 درهم (حوالي 134 دولاراً أمريكياً) لأي شخص يخالف «الأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية»، ولكل شخص «يعرقل» تنفيذ هذه القرارات من خلال «الكتابات المطبوعات أو الصور».
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان صحفي إنه «منذ اعتماد القانون، استخدمت السلطات القانون الجديد لمحاكمة ما لا يقل عن خمسة من نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين المواطنين، متهمة إياهم بـ(مخالفة قرارات السلطات أثناء حالة الطوارئ الصحية)».
وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن إصدار السلطات المغربية أحكاماً بالسجن لمعاقبة من يخالفون الحجر أو حظر التجول يعد أمراً غير متناسب، لافتة إلى أنه «في جميع الحالات، لا ينبغي أبداً استخدام هذا القانون المعيب لإسكات أصوات أولئك الذين يتجرؤون على انتقاد تدابير الحكومة لمواجهة الوباء والتعامل معه. فالتشكيك في تدابير مواجهة الحكومة للوباء، أو الكشف عن أوجه القصور في نهجها، ليس بجريمة».
وأضافت: «ونظرًا للمخاطر الكبيرة لانتقال العدوى بفيروس كوفيد-19 في السجون وأماكن الاحتجاز الأخرى، فأي إضافة إلى نزلاء السجون ستزيد من تفاقم مشكلات الصحة العامة التي يسببها الوباء». وشددت على أنه لا ينبغي سجن الأفراد فقط لخرقهم القيود المفروضة في سياق تفشي وباء فيروس كوفيد-19.
وبحسب البيان في خلال شهرين فقط، منذ اعتماد القانون الجديد، قامت النيابة العامة المغربية بمقاضاة 91623 شخصاً بسبب خرقهم لقانون حالة الطوارئ الصحية الجديد، إلى جانب جرائم أخرى. ومن بين الذين تمت محاكمتهم، لا يزال ما لا يقل عن 558 شخصاً رهن الاحتجاز لمجرد خرق حالة الطوارئ وفقاً لبيان رسمي صدر في 22 مايو.
ووثقت منظمة العفو الدولية حالات خمسة من نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين المواطنين الذين اعتقلوا، بين أبريل ومايو 2020، بسبب تعليقات على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الطريقة التي تعاملت بها السلطات المحلية مع توزيع المساعدات وسط تفشي وباء فيروس كوفيد-19.
وقد تم اتهامهم جميعًا بموجب قانون حالة الطوارئ الصحية بالإضافة إلى نص القانون الجنائي على «الإهانة للهيئات المنظمة»، وبعضهم بـ«بث وقائع كاذبة»، ولا يعتبر أي منها مخالفات بموجب القانون الدولي.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها طلعت على جميع التعليقات التي قدّمت كدليل ضد هؤلاء النشطاء، ولم تجد أي شيء يشير إلى أنهم يحرضون على العنف أو الكراهية أو التمييز المجحف، وتوصلت إلى أنهم بالتالي محميون بحرية التعبير بشكل كامل.
يذكر أن الشرطة المغربية اعتقلت في 17 أبريل الماضي محمد بوزرو ولحسن لمرابطي، وهما صحفيان مواطنان، ويديران أيضاً صفحة على فيسبوك تسمى «Fazaz24»، ولديها حوالي 29 ألف متابع.
وقالت منظمة العفو الدولية إن «الاثنان محتجزان حالياً في سجن خنيفرة شمال المغرب».
كما قُبض على مدير ثالث في الصفحة نفسها، محمد شجيع، في 19 أبريل، وأُطلق سراحه في اليوم التالي، لكن المحاكمة ضده مستمرة.
ويُحاكم الثلاثة بسبب تعليقين على فيسبوك نشروهما على «Fazaz24» يومي 3 و4 أبريل، وفقا لما ذكره محاميهم لمنظمة العفو الدولية. وكان أول تعليق، الذي تم تبادله على وسائل الإعلام الأخرى، عبارة عن مقطع فيديو لرجل مسن، يُعتقد أنه سائق سيارة أجرة من خنيفرة في شمال وسط البلاد، ويلح في طلب المساعدة من السلطات المحلية، قائلاً إنه واحد من بين العديد من العمال الذين منعهم الإغلاق الشامل من كسب الرزق، وأنه لم يكن يعرف من الذي يمكن أن يلجأ إليه للحصول على مساعدة. أمّا التعليق الثاني فتكلّم على «الزبونية» والتوزيع غير المتكافئ للمساعدات بين سكان خنيفرة من قبل السلطات المحلية خلال أزمة وباء فيروس كوفيد-19.
وقال آمنة القلالي إن منظمة العفو الدولية تدعو السلطات المغربية إلى الإفراج فوراً عن محمد بوزرو ولحسن لمرابطي وجميع المعتقلين لمجرد التعبير عن آرائهم، مشددة على أنه يجب إسقاط التهم الموجهة إلى كل من تتم مقاضاتهم بشكل غير قانوني لخرقهم حالة الطوارئ.
كما تدعو منظمة العفو الدولية السلطات إلى ضمان أن تطبيق قانون الطوارئ الصحية لا يمنع الأشخاص بشكل تعسفي من التحدث أو الإبلاغ عن الأمور التي تؤثر عليهم، بما في ذلك عبر الإنترنت، في انتهاك لحقوقهم في حرية التعبير. ويشمل ذلك انتقاد السياسات الرسمية، وكيف تفرض السلطات تدابير مكافحة فيروس كوفيد-19.
واختتمت القلالي تصريحاتها قائلة «إن التصدي الأشد فاعلية لأزمة صحية إنما يتجذر في احترام حقوق الإنسان، والسياسات التي تبني الثقة والتضامن. وعندما يتم تمكين الناس ودعمهم للامتثال طوعاً لتدابير الصحة العامة المطلوبة، فمن الأكثر ترجيحاً أن يتعاونوا مع السلطات، ويغيروا من سلوكهم، وتكون النتيجة أفضل من التهديد بالإجراءات القسرية».
يذكر أن عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في المغرب حتى يوم الثلاثاء هو 8,408 إصابة، ولدى المغرب 208 حالات وفاة.