السيسي في الهند.. و”العفو الدولية”: حقوق الإنسان في البلدين من سيء لأسوأ.. وسلطاتهما تتشاركان في القمع
المدافعون والمحامون والطلاب والأكاديميون يتعرضون للاعتقال والاحتجاز والملاحقة.. وعلاء عبدالفتاح قضى معظم العقد الماضي خلف القضبان لانتقاده معاملة السلطات للسجناء
مصر من أكبر سجون الصحفيين في العالم بواقع 26 صحفيا بينهم 11 في 2022 فقط.. والسلطات حجبت 600 موقع إخباري وحقوقي
دعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية والهندية إلى معالجة أزمات حقوق الإنسان والإفلات من العقاب المستمرة في البلدين، حيث استضافت نيودلهي الرئيس عبدالفتاح السيسي، ضيف شرف في احتفالاتها بيوم الجمهورية.
وقالت المنظمة، في بيان لها، أمس الخميس 26 يناير 2023، إنه في السنوات الأخيرة، قمعت السلطات بشدة، في كلا البلدين، الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي، وتقاعست عن التصدي لقضية التمييز المجحف المتجذر ضد الأقليات الدينية.
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، إن أزمات حقوق الإنسان الحالية في الهند ومصر تتسم بالإفلات المستحكم من العقاب، وإساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لتضييق الخناق على الحيز المدني، والمعارضة السلمية.
وأضاف: “يظهر كلا البلدين أوجه تشابه بارزة في محاولاتهما لمضايقة وترهيب جميع منتقدي ومعارضي الحكومة الفعليين أو المفترضين لإسكات أصواتهم، يجب وضع حد لهذا الاعتداء بلا هوادة على حقوق الإنسان”.
وأشارت المنظمة إلى أن المدافعين عن حقوق الإنسان، والمحامين، والمعارضين السياسيين، والمتظاهرين السلميين، والأكاديميين، والطلاب، يتعرضون للاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والملاحقات القضائية الجائرة، وأشكال أخرى من المضايقة والترهيب، لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، في كل من الهند ومصر.
وتابعت: “الآلاف يقبعون ظلمًا في السجون المصرية، ومن بينهم الناشط المصري البريطاني البارز علاء عبد الفتاح، الذي قضى معظم العقد الماضي خلف القضبان، وفي 20 ديسمبر 2021، حُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات بتهم زائفة بنشر أخبار كاذبة؛ لنشره تعليقًا على وسائل التواصل الاجتماعي انتقد فيه معاملة السلطات للسجناء”.
وأردفت: “أما في الهند، فقد اعتُقل 16 ناشطًا من جماعة بهيما كوريغاون – بھیما کوریگاؤں Bhima Koregaon منذ عام 2018 بتهم ملفقة بموجب قانون (منع) الأنشطة غير المشروعة (UAPA)، وهو قانون صارم لمكافحة الإرهاب، كما واجهوا حملة قمع مكثفة من قبل السلطات بسبب عملهم من أجل المجتمعات المهمشة، وما يزال 11 منهم يقبعون في السجن دون محاكمة، بينما توفي في الحجز واحد منهم، وهو الكاهن والناشط في مجال الحقوق القبلية ستان سوامي، 84 عامًا، في 5 يوليو 2021، إثر حرمانه من تلقي العلاج الطبي في الوقت المناسب”.
وأكدت أن السلطات في كلا البلدين تستهدف بشكل متزايد الصحفيين، وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام، ووسائل الإعلام المستقلة، بما في ذلك من خلال مقاضاتهم بتهم إرهابية زائفة، واستخدام المداهمات، وإغلاق المكاتب لمضايقتهم لمجرد قيامهم بأداء وظائفهم. ففي الهند، داهمت سلطات حكومية مختلفة مباني وسائل الإعلام المستقلة التي تنتقد الحكومة، ومن بين وسائل إعلام المستهدفة: نيوكليك Newclick، ونيوزلاوندريNewslaundry، وذا كوينت The Quint، وداينيك بهاسكار Dainik Bhaskar، وغريتير كشمير Greater Kashmir، وكشمير تايمز Kashmir Times، وبهارات ساماشار Bharat Samachar.
ومنذ عام 2019، وثقت منظمة العفو الدولية حالات خمسة صحفيين على الأقل، من بينهم: جوهر جيلاني، وبلال بهات، ورنا أيوب، وسانا ماتو، وأكاش حسن، الذين مُنعوا من السفر خارج الهند دون أي مبرر قانوني.
وواصلت: “ما تزال مصر من بين الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين في العالم، حيث يوجد فيها حاليًا 26 صحفيًا، على الأقل، محتجزون تعسفيًا، بعد إدانتهم أو على ذمة التحقيقات في تهم من قبيل “نشر أخبار كاذبة” و/أو “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” و/أو “الإرهاب”. ويشمل ذلك اعتقال 11 شخصًا في عام 2022 وحده. وما يزال ما لا يقل عن 600 موقع إخباري وحقوقي، ومواقع أخرى، محجوبًا في مصر، وفقًا لمجموعات حقوق الإنسان”.
ولفتت إلى السلطات المصرية استندت على التشريعات القمعية، والأساليب الأخرى للسيطرة على الحيز المدني، وحركة حقوق الإنسان، بما في ذلك من خلال تحقيق جنائي استمر عشر سنوات في العمل المشروع لمنظمات المجتمع المدني، والمعروف باسم القضية 173/2011 أو “قضية التمويل الأجنبي”. ويستمر هذا التحقيق ذو الدوافع السياسية مع ما لا يقل عن 15 من المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين ما زالوا يخضعون أيضًا لحظر السفر، وتجميد الأموال.
واتُخذت إجراءات مماثلة في الهند، حيث استخدمت السلطات قانون تنظيم المساهمة الخارجية (FCRA) الفضفاض ضد المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية البارزة، بما في ذلك جرينبيس الهند Greenpeace India، والفرع الهندي لمنظمة العفو الدولية. وبموجب نفس التشريع، تم إلغاء التراخيص بموجب قانون تنظيم المساهمة الخارجية لـ6683 منظمة غير حكومية، بما في ذلك أوكسفام الهند OXFAM India، أو لم يتم تجديدها.
وواصلت: “تقاعست السلطات المصرية عن حماية المسيحيين من الاعتداءات الطائفية المتكررة ضد مجتمعاتهم، وعن وتقديم المسؤولين عن هذا العنف إلى ساحة العدالة، في حين أن السلطات قد قدمت قانون سنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس كتقدم لحقوق المسيحيين في مصر، إلا أنه في الواقع، غالبًا ما يتم استخدام القانون لمنع المسيحيين من العبادة من خلال تقييد حقهم في بناء الكنائس أو ترميمها بما في ذلك تلك الكنائس التي تتضرر في الهجمات الطائفية”.
كما تقاعست السلطات الهندية أيضًا عن منع العنف الديني في جميع أنحاء البلاد بينما تديم وتشرّع أيضًا جرائم الكراهية والدعوة إلى الكراهية ضد المسلمين والمسيحيين والأقليات الأخرى، علمًا أن هذه الظواهر ازدادت ازديادًا حادًا. وأصدرت العديد من حكومات الولايات قوانين لتجريم الزيجات الطوعية بين أشخاص من أديان مختلفة، ونفذت عمليات هدم عقابية تستهدف ممتلكات المسلمين دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.
وقال آكار باتيل، رئيس مجلس الإدارة في الفرع الهندي لمنظمة العفو الدولية: “يبدو أن الهند ومصر أوصلتا تعاونهما الثنائي الطويل الأمد إلى مستوى أكثر تقدّمًا حيث تتشاركان الأساليب لقمع الحقوق والحريات بشكل متزايد في بلديهما. بينما تتركز الأضواء على قادة البلدين، لا ينبغي أن تحجب الاحتفالات بتبني دستور الهند قبل 74 عامًا وتلقي بظلالها على الحقيقة القاتمة المتمثلة في أن أوضاع حقوق الإنسان في كلا البلدين في انحدار مستمر. ويجب عليهما عكس مسارهما، بدءًا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيًا لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. يجب عليهما أيضًا ضمان توفير بيئة آمنة للأقليات الدينية، وبيئة خالية من الأعمال الانتقامية لوسائل الإعلام والمجتمع المدني”.