السلطات البرازيلية تضيق الخناق على ممولي ومنفذي أعمال الشغب.. ولولا: مقتحمو القصر الرئاسي تلقوا دعما من العاملين بالداخل
وكالات
تضيق الحكومة البرازيلية الطوق حول المشاركين والمنظمين والممولين لأعمال الشغب، التي وقعت الأحد الماضي 8 يناير 2023، في برازيليا ودفعت الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا إلى “إعادة تنظيم عميقة” لأمنه في القصر الرئاسي.
وقال الرئيس البرازيلي اليساري خلال مأدبة الفطور الأولى مع الصحافيين منذ تنصيبه في الأول من يناير “أنا مقتنع بأن أبواب قصر بلانالتو فتحت ليتمكن الناس من الدخول لأنه لم يتم خلع أي باب”.
وأضاف لولا أن “هذا يعني أن أحدهم سهل دخولهم إلى هنا”، متسائلا “كيف يمكن أن يكون هناك شخص أمام باب مكتبي قد يطلق النار علي؟”.
وأحدث أكثر من أربعة آلاف من أنصار الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو الذين يرفضون هزيمته الانتخابية في أواخر أكتوبر أمام لولا، فوضى الأحد في العاصمة حيث اجتاحوا ونهبوا القصر الرئاسي والمحكمة العليا والبرلمان، وأوقف نحو ألفي شخص وسجن أكثر من 1100 آخرين بعد استجوابهم، حسب آخر تقرير صدر عن السلطات.
وقال عالم الاجتماع جيرالدو مونتيرو الذي شارك في تأليف كتاب عن البولسونارية إن “الحركة المؤيدة لبولسونارو تتعرض لضغوط وتفتقر إلى درجة التنظيم اللازمة لشن هجوم مضاد”.
وتواصل السلطات تضييق الخناق على المحتجين إذ تم التعرف على عدد كبير من مثيري الشغب عبر كاميرات مراقبة أو صور نشرتها صحف أو صور سيلفي نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن أولوية السلطات باتت الآن معاقبة الشبكات التي عملت وراء الكواليس لتمويل التمرد وتنظيمه.
وطلب مكتب المدعي العام الفدرالي الذي يدافع عن مصالح الدولة من قضاء برازيليا تجميد مبالغ بقيمة 6,5 مليون ريال (حوالى 1,2 مليون يورو) ل52 شخصًا وسبع شركات متهمة كلها بتمويل نقل مثيري الشغب في مئة حافلة من جميع أنحاء البلاد مساء السبت.
وذكرت وسائل إعلام برازيلية أن عددا كبيرا من الممولين المفترضين مرتبطون بالقطاع الزراعي التجاري الذي يشكل مصدر الدعم لبولسونارو.
وأصيب التراث الوطني بأضرار جسيمة ونُهبت مكاتب ودُمرت أعمال فنية، وفي مجلسي البرلمان وحدهما تقدر قيمة هذه الأضرار بأكثر من مليون يورو، حسب تقديرات أولية أعلنتها الحكومة.
وقدم المعهد البرازيلي للتراث التاريخي والفني أول تقرير لتقييم الأضرار الخميس شمل بين الأضرار سجادة مبللة بالبول وأخرى للفنان البرازيلي روبرتو بورلي ماركس.
وقال لولا إن “القصر مكتظ بالعسكريين الموالين لبولسونارو”، مؤكدا أنه يعتزم استبدالهم “بموظفي الخدمة المدنية المحترفين ويفضل أن يكونوا مدنيين”. وأضاف “اعتبارا من اليوم سنكون أقسى لأن ما حدث في نهاية الأسبوع يجب الا يتكرر”.
وأمر قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس، الثلاثاء الماضي، بإلقاء القبض على فابيو أوغوستو، قائد الشرطة العسكرية في برازيليا، وأندرسون توريس وزير العدل السابق لزعيم اليمين المتطرف ووزير الأمن في العاصمة وقت أعمال الشغب.
وقال لولا، أمس الخميس 12 يناير 2023، إنه مقتنع بأن المتظاهرين الذين اقتحموا القصر الرئاسي في برازيليا، الأحد الماضي، تلقوا مساعدة من الداخل معلنا عملية “تدقيق عميقة” بالموظفين.
ويعود توريس إلى البرازيل، اليوم الجمعة، قادماً من الولايات المتحدة. ويفترض أن تزيد الأدلة ضده بعد أن وجدت الشرطة في منزله اقتراحًا لمرسوم يهدف إلى التدخل لدى المحكمة الانتخابية العليا وبالتالي عكس نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت في أكتوبر، وأكد توريس براءته من هذه الوثائق.
وكثف لولا اجتماعاته مع وزرائه الخميس على أمل عودة الأمور إلى طبيعتها بعد صدمة هذا الهجوم غير المسبوق على الديموقراطية البرازيلية منذ تأسيس الدكتاتورية العسكرية (1964-1985).
وفي واشنطن دعا نواب ديموقراطيّون أمريكيون الخميس الرئيس جو بايدن إلى إلغاء تأشيرة بولسونارو الموجود في فلوريدا (جنوب)، مؤكدين أن الولايات المتحدة يجب ألا تكون ملاذا لأي شخص متورط في الاضطرابات ضد الحكومة المنتخبة مؤخرا في البرازيل.
وكتب هؤلاء المشرّعون الديموقراطيون الـ41، في خطاب مفتوح إلى بايدن الخميس “ندرك التأثير المباشر – الفوري والطويل الأمد – لتخريب مسؤولين حكوميين الأعراف الديموقراطية ونشرهم معلومات مضللة وإثارتهم لتطرف عنيف”.
وأضافوا “يجب ألّا نسمح لبولسونارو أو أيّ مسؤول برازيلي سابق آخر باللجوء إلى الولايات المتحدة هربا من القضاء بسبب أيّ جريمة مُحتمَلة ارتكبوها خلال ولايتهم”.
كما دعوا الإدارة الأمريكيّة إلى “التعاون الكامل مع أيّ تحقيق تُجريه الحكومة البرازيليّة، إذا طُلِب منّا ذلك” والتحقّق من الوضع القانونيّ للرئيس البرازيلي السابق الذي وصل إلى الأراضي الأمريكيّة بصفته رئيس دولة ولم يعد كذلك.
ودعوا وزارة العدل الأمريكية إلى التحقيق في أيّ “دعم أو تمويل” محتمَلَين مصدرهما الاراضي الأمريكية لجرائم العنف التي وقعت في 8 كانون الثاني/يناير، في إشارة إلى عمليّات اقتحام ونهب في ذلك اليوم لثلاثة مقارّ للسلطة البرازيلية أقدم عليها مناصرون لبولسونارو.
وردًّا على سؤال، قال وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء إنّ الولايات المتحدة لم تتلقّ أيّ طلب من البرازيل بشأن بولسونارو، لكنها ستُعالج “سريعًا” أيّ طلب من هذا القبيل.