الدول العربية تعتمد على اللقاحات المستوردة لمكافحة “كورونا”.. ولا عزاء للبحث العلمي العربي
كتب – أحمد سلامة
في عام 2010 أصدرت منظمة اليونسكو تقريرا قالت خلاله إنه على الرغم من الثروة التي تتمتع بها الدول العربية فإن هذه البلدان تفتقر إلى قاعدة متينة في مجال العلوم والتكنولوجيا، كما أن كفاءة نظمها وأدائها الخاصة بالتعليم العالي لايزال ضعيفا فيما يتعلق بشكل خاص في توليد المعرفة فالبرغم من وجود الجامعات المرموقة فإن الدول العربية تعد ما لا يزيد على 136 باحثا لكل مليون نسمة، علمًا بأن العدد المتوسط على المستوى العالمي يبلغ 1081 باحثا.
وتتجلى مشكلة البحث العلمي في المنطقة العربية من خلال ما يكتنف العالم من أزمات بحثية في ظل جائحة فيروس كورونا التي تجتاح العالم بأسره، فبينما بدأت عدة شركات ودول إنتاج اللقاحات ضد الفيروس، اتجهت الدول العربية إلى الاستيراد واعتماد اللقاحات المختلفة.
ففي مصر، قالت وزيرة الصحة في مؤتمر صحفي بمطار القاهرة، عقب وصول أولى شحنات اللقاح الذي طورته شركة “سينوفارم” الصينية إن “مصر تشهد يوما تاريخيا باستقبال أول دفعة من اللقاح” وأنه سيكون ” مجانا للجميع”.. وأردفت أن “الهيئة الطبية المصرية أجرت تجارب سريرية على اللقاح، وإنها كانت، شخصياً، من بين المتطوعين”.
على إثر ذلك، تصدر وسم “اللقاح الصيني” قوائم الوسوم المتداولة في مصر، حيث تباينت آراء المغردين ما بين التفاؤل والتخوف.. ففيما أشاد المرحبون بجهود الوزارة في تأمين اللقاح متمنين عودة الأمل بحياة دون كورونا، رأى جانب آخر أن إقدام الحكومة على تلقيح المصريين بلقاح صيني محاولة محفوفة بالمخاطر.
الشحنة الأولى من اللقاح الصيني وصلت إلى مطار القاهرة قادمة من الإمارات، التي قررت اعتماده بعد سلسلة من الاختبارات، حيث تعد الإمارات من بين 10 دول تختبر فيها سينوفارم لقاحيها.
وأفادت وسائل إعلام إماراتية بأن مصر شاركت في الاختبارات السريرية للقاح الصيني في الإمارات، مما يمنحها أولوية الحصول على حصة من الجرعات.. وقد قدمت الإمارات شحنة لقاح “سينوفارم” الصيني كهدية لمصر، وفق ما ذكرته وسائل إعلام محلية.
ومنذ أيام، أعلنت وزارة الصحة الإماراتية أن النتائج الأولية لتجارب المرحلة الثالثة للقاح سينوفارم الصيني أظهرت فعاليته بنسبة 86 بالمئة، مشيرة إلى أن البيانات أظهرت عدم وجود مخاوف متعلقة بسلامة اللقاح على جميع متلقيه.
وقالت الإمارات إنها قامت بدراسة النتائج السريرية بعد ترخيص الاستخدام الطارئ الخاص بسلامة وفاعلية اللقاح، مضيفة أن النتائج أظهرت نتائج مشابهة لما خلصت إليه المرحلة الثالثة.. لكن رغم تلك المعطيات لاتزال الكثير التساؤلات تحوم حول اللقاحات الصينية، ونتائج التجارب السريرية المرتبطة بها.
في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قالت ناتاشا قسام خبيرة الشؤون الصينية في معهد “لووي” الأسترالي إن ” غياب الشفافية في النظام الصيني أدى إلى تلقيح آلاف الأشخاص حتى الآن ، دون أن تنشر بيانات التجارب السريرية.”
وفي البحرين أيضا تمدد العقار الصيني، فقد أعلنت الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية في البحرين، موافقتها على التسجيل الرسمي للقاح سينوفارم، ضمن جهود التصدي لفيروس كورونا، وذلك بعد أن تقدمت شركة “جي 42 للرعاية الصحية” وكيل شركة “سينوفارم” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بكافة المستندات المطلوبة مما يتيح استخدامه بشكل كامل للجميع.
وكشفت الهيئة أن قرار الموافقة جاء استنادا إلى البيانات التي تقدمت بها الشركة، إذ باشرت الهيئة -فور استلامها لملفات اللقاح ونتائج الدراسة الموسعة التي أجريت في أكثر من بلد- عملية المراجعة والتقييم من جوانب عدة شملت تقييم بيانات فاعلية اللقاح وسلامته التي توضحها نتائج التجارب والدراسات السريرية، وكذلك التحقق من جودة اللقاح من خلال مراجعة البيانات العلمية التي تبيّن جودة التصنيع وثبات المنتج، إضافة إلى التحقق من مراحل التصنيع والتزام المصنع بتطبيق أسس التصنيع الدوائي الجيد (GMP) حسب المعايير الدولية في الصناعة الدوائية والاشتراطات الصادرة عن الهيئة.
كما أخذت الهيئة رأي لجنة البحوث السريرية، والمكونة من المختصين من الأكاديميين والأطباء، والمسؤولة عن الموافقة على التجارب السريرية. وبعد عرض الموضوع ومناقشته من جميع جوانبه الفنية والعلمية قررت الهيئة الموافقة على تسجيل اللقاح والسماح باستخدامه. كما تم أخذ موافقة لجنة التطعيمات، بحسب الوكالة.
وإذا كانت مصر والإمارات والبحرين قد قررتا -في ظل تراجع البحث العلمي- الاعتماد على اللقاح الصيني، فإن دولا عربية أخرى قررت الاعتماد على شركات أجنبية أخرى بحثا عن مخرج آمن من الوباء.
ففي الكويت، أعلن الوكيل المساعد لشؤون الرقابة الدوائية والغذائية بوزارة الصحة عن إصدار الوزارة ترخيص استخدام الطوارئ للقاح ” فايزر – بيونتك” المضاد لفيروس كورونا.
وأشار عبدالله البدر، الوكيل المساعد لشؤون الرقابة الدوائية والغذائية بوزارة الصحة الكويتية، إلى إصدار الوزارة ترخيص استخدام الطوارئ للقاح ” فايزر – بيونتك” المضاد لفيروس كورونا، وذلك بناء على قرار اللجنة الفنية المشتركة بين إدارة تسجيل ومراقبة الأدوية الطبية والنباتية وإدارة الصحة العامة لتقييم وتسجيل اللقاحات والطعوم.
وذكر البدر في تصريح صحفي بأن القرار جاء بعد مراجعة مستفيضة من قبل اللجنة الفنية لجميع البيانات والتقارير العلمية، حيث أجرت اللجنة تقييما شاملا لمعلومات السلامة والفعالية والجودة، كما قامت بمراجعة نتائج الدراسات السريرية المعنية بفعالية اللقاح وسلامته، بالإضافة إلى التحقق من تقارير الجودة وتقييم دراسات الثباتية للمنتج، والتأكد من تطبيق أسس التصنيع الجيد في المصانع المنتجة للقاح حسب المعايير العالمية لضمان الجودة في جميع مراحل التصنيع.
تغيب المنطقة العربية عن البحث العلمي بشكل شبه كامل، فرغم زيادة المخصصات المالية في عدد من الدول إلا أن “التخصيص الظاهري” للاحتياجات المالية إلا أن مجمل إنفاق الدول العربية مازال منخفضا نسبة إلى باقي دول العالم، إضافة إلى ما تسببه هجرة العقول من تراجع قيمة البحث والإنتاج.