الحرية حقه| هشام فؤاد يكمل عامه الثالث خلف القضبان.. والتهمة “ممارسة الأمل” (الصحافة ليس جريمة)
أكمل الصحفي والمناضل الاشتراكي هشام فؤاد 3 سنوات أو 1096 يوما، خلف القضبان محروما من أبسط معاني الحرية، وغائبا عن أحبابه طوال هذه المدة، ليس لشيء سوى حبه للوطن وإخلاصه في “الأمل” بمستقبل أفضل له، في الوقت الذي تنتظر أسرته تحقيق الوعود المتكررة بالإفراج عنه ضمن قوائم عفو رئاسي مرتقبة.
الصحفية الزميلة مديحة حسين، واصلت مطالباتها بالإفراج عن زوجها المسجون منذ 25 يونيو من عام 2019، معبرة عن استيائها من استمرار معاناته في السجن طوال هذه المدة، وبينما لم تسعفها الكلمات للتعبير اكتفت في الذكرى الثالثة للقبض عليه بالقول: “3 سنوات، الله غالب”.
يقبع الصحفي والمناضل الاشتراكي خلف القضبان منذ إلقاء القبض عليه فجر 25 يونيو 2019 من منزله أمام أطفاله، حيث جرى حبسه على ذمة القضية رقم 930 لسنة 2019، ويعد عيد الأضحى المقبل، هو العيد الثالث الذي يقضيه في الحبس بعيدا عن زوجته وأبنائه.
في 14 يوليو 2019، تقدمت مديحة بمذكرة رسمية لنقيب الصحفيين ضياء رشوان، لتدخل النقابة ومخاطبة النيابة بإخلاء سبيل زوجها بضمان النقابة، وزيارته ومخاطبة إدارة السجن لتحسين ظروفه المعيشية والصحية، والسماح بدخول مراتب ووسادات ومروحة وكتب وأدوية.
وأوضحت أن هشام يعاني من انزلاق غضروفي وتم منع دخول بعض الأدوية، كما طالبت النقابة أيضا بمخاطبة إدارة السجن للسماح له بالتريض كل يوم بحد أدنى ٥٠ دقيقة وفقا للائحة السجون، فخلال مدة احتجازه لم يسمح له بالتريض.
واشتبك فؤاد خلال عمله الصحفي بملف العمال، وكان مهموما بقضاياهم ونقل أصواتهم من خلال تغطية أخبارهم والإضرابات التي يقومون بها من حين لآخر، كما كان صاحب دور بارز في دعم النقابات المستقلة بعد 2006 مثل نقابة “هيئة النقل العام، والبريد”، بجانب دعم وتأسيس “النقابة المستقلة للضرائب العقارية”.
كما شارك في تأسيس حركة كفاية المناهضة لحكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك التي كانت ضد التوريث، وكان أحد العناصر القيادية بها.
في ١٤ يوليو ٢٠٢١، صدر أمر بإحالة هشام فؤاد وزياد العليمى وحسام مؤنس للمحاكمة أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارىء، وتحددت جلسة عاجلة لمحاكمتهم فى اليوم التالى مباشرة.
وأصدرت المحكمة في 17 نوفمبر 2021 حكمها بحبس كل من زياد العليمي 5 سنوات وللصحفيين حسام مؤنس وهشام فؤاد 4 سنوات في القضية رقم 957 لسنة 2021 ج أ د طوارئ مصر القديمة.
ويواجه فؤاد، ومعظم الصحفيين المحبوسين، اتهامات ببث ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، رغم اختلاف القضايا المحبوسين على ذمتها.
وجرت المحاكمة أمام محكمة استثنائية وتخللت المحاكمة التي استمرت أكثر من 4 أشهر العديد من المخالفات بينها رفض المحكمة لجميع طلبات المحامين المقدمة لها ومنها طلب الاطلاع على القضية، وتمثلت أحراز القضية في مجموعة من المقالات ومقاطع الفيديو والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يعود لسنوات.
ورغم طعن المحامين بسقوط الاتهامات وعدم وجود أدلة فنية تؤكد نسب التدوينات المنشورة للمتهمين وطعن المحامين على التلاعب بمقاطع الفيديو فإن المحكمة التفتت عن كل ذلك لتصدر حكمها.
وتنص المادة 71 من الدستور المصري على أنه “لا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون”، وهو نفس نص المادة ٢٩ من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم ١٨٠ لسنة ٢٠١٨.
كان المحامون طعنوا بعدم دستورية مواد الإحالة وعدم دستورية محاكمة فؤاد وزملائه أمام محكمة استثنائية منشأة بقانون الطوارئ والذي تم وقف العمل به خلال نظر القضية وهي الدفوع التي تم الالتفات عنها أيضا.
وأطلق نشطاء وحقوقيون وشخصيات عامة في وقت سابق حملة توقيعات على خطاب مفتوح موجه إلى رئيس الجمهورية لإلغاء أحكام محاكم الطوارئ ضد سجناء الرأي، وحفظ الدعاوى وإطلاق سراحهم. ورصد الخطاب المفتوح لرئيس الجمهورية، ما قال إنه “ضمانات محاكمة عادلة افتقرتها محاكمة المتهمين، مثل حقهم في الحصول على دفاع فعّال، حيث لم يتاح لمحاميهم الحصول على نسخة من أوراق القضية لتحضير دفوعهم أو التواصل الفعّال مع موكليهم”.
وأضاف الخطاب: “لم تنصت المحكمة لطلبات المتهمين المتمثلة في الحصول على نسخة ضوئية من أوراق القضية التي تجاوزت الألف صفحة للاطلاع عليها وتحضير الدفوع، كذلك، صدرت إدانتهم من قبل محكمة، أحكامها نهائية لا يجوز الطعن عليها بطرق الطعن التي يكفلها القانون المصري في المحاكمات الطبيعية، وهي جميعًا خروقات أخلت بشكل صارخ بحق المتهمين في محاكمة عادلة وفقًا للدستور المصري وللمعايير الدولية”.
وجاء أيضا في الخطاب، أن “هؤلاء جميعا قد أمضوا رهن الحبس الاحتياطي ما يزيد عن العامين بالفعل، وهو الأمر الذي يتنافى مع قواعد العدالة ويجافي ما أعلنتموه من مرتكزات ومبادئ سوف تتبع في تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان التي أعلنت منكم في 11 سبتمبر المنصرم”.
واختتم الموقعون على الخطاب والعريضة “أن الاتهامات الموجهة لهم في كلا القضيتين لا يعدو كونه تعبيرا عن الرأي، وأن جميعهم ما عرف عنهم سوي حبا وتضحية وانتماء لوطنهم وشعبهم، لذلك، نطالبكم بإلغاء أي أحكام إدانة صدرت ضد المذكورين أعلاه، وحفظ الدعاوى ضدهم، وإطلاق سراحهم”.
وفي وقت سابق، قالت زوجته لـ”درب”: “زرت هشام مؤخرا في محبسه، وهو ما يزال يعاني من أزمات صحية نتيجة إصابته بعدد من الأمراض المزمنة، كما أنه يعاني أيضا من استمرار حبسه طوال هذه المدة”.
وأضافت مديحة: “تلقينا وعودا بالإفراج عن زوجي ضمن قوائم لجنة العفو الرئاسي، لكنها ما تزال وعودا دون تنفيذ حتى الآن، هشام ما يزال لديه أمل في ترجمتها على أرض الواقع، لكن ليس هناك شيء بأيدينا”، وتابعت: “هشام سجين رأي من دون اتهامات حقيقية، ومكانه بيته وعمله وليس السجن”، مستكملة: “ربنا يهون”.
كان الاتحاد الدولي للصحفيين دعا السلطات المصرية ولجنة العفو الرئاسية إلى سرعة الإفراج عن الصحفيين المسجونين، ومن بينهم الصحفي هشام فؤاد، والصحفي توفيق غانم، والمصور الصحفي محمد فوزي”.
وقال الاتحاد إنه بعد القبض على المصور الصحفي محمد فوزي يوم الاثنين 16 مايو، ما يزال 26 صحفياً مسجونين في مصر، في الوقت الذي أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل، إعادة إطلاق “لجنة العفو الرئاسية”، المكلفة بمراجعة قضايا السجناء والتوصية بالإفراج عنهم.
وأضاف في بيان، الاثنين، أن القبض على فوزي يجعل مبادرة الرئيس بلا معنى، لافتا إلى فوزي كان تم القبض عليه في 12 ديسمبر 2018 بتهمة تقويض الأمن القومي، وظل رهن الحبس الاحتياطي حتى 19 فبراير 2020، حيث أسقطت التهم الموجهة إليه.
كما أعرب الاتحاد الدولي للصحفيين عن قلقه بشأن مصير توفيق غانم، الصحفي المتقاعد الذي قُبض عليه في 21 مايو 2021 بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية، ويحتاج إلى رعاية صحية عاجلة.
وأضاف البيان: “أن القبض على محمد فوزي يأتي في إطار نمط من الاعتقالات التعسفية للصحفيين والنشطاء والأكاديميين والنقاد المصريين، مشيرا إلى أن 25 صحفيا آخرين مسجونون في مصر، تم القبض عليهم جميعاً اعتباراً من عام 2015 فصاعداً، واتُهم 15 منهم بالانتماء إلى جماعة إرهابية أو نشر معلومات كاذبة”.
وتابع: “معظم هؤلاء الصحفيين رهن الاعتقال والحبس المطول وغير المحدود قبل المحاكمة، وهذا هو حال هشام فؤاد، المحتجز منذ 25 يونيو 2019، والذي صدر بحقه حكم قضائي من محكمة استثنائية بالحبس 4 سنوات وتم تمديد بعض هذه الاعتقالات السابقة للمحاكمة إلى ما بعد المدة القصوى التي يسمح بها القانون المصري”.
وقال الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنتوني بيلانجر، إن “جميع هؤلاء الصحفيين تعرضوا لمخالفات إجرائية، بما في ذلك الحرمان من الاتصال بمحاميهم، والاحتجاز لفترات طويلة للغاية قبل المحاكمة، والحرمان من الرعاية الطبية، وعدم الامتثال للإجراءات القضائية، ويجب إطلاق سراح 25 صحفيا آخرين على الفور”.
وفي منتصف نوفمبر 2021، أدانت لجنة حماية الصحفيين الحكم بسجن فؤاد والزميل حسام مؤنس – الذي خرج مؤخرا بعفو رئاسي – بتهمة نشر أخبار كاذبة وطالبت اللجنة السلطات المصرية بالإفراج عنهما على الفور.
وقال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “إن الحكم الصادر اليوم على الصحفيين المصريين هشام فؤاد وحسام مؤنس بالسجن لمدة 4 سنوات لكل منهما أمر غير مقبول ، وعلى السلطات الإفراج عنهما على الفور ودون قيد أو شرط”. ”
وقالت اللجنة – حينها – إن الحكم يوضح أن السلطات المصرية ستفعل كل ما يلزم لعدم مغادرة الصحفيين السجن حتى بعد مرور أكثر من عامين على حبسهما.
كما طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، بالإفراج عن الصحفي هشام فؤاد، مع اقتراب إكماله 3 سنوات في الحبس وبالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو.
وقالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، إنه “العيد الثالث الذي يقضيه الصحفي هشام فؤاد بعيدا عن زوجته وأولاده بسبب حبسه في قضية تعبير عن الرأي.
وفي وقت سابق، عبر نقيب الصحفيين والمنسق العام الحالي للحوار الوطني ضياء رشوان، عن أمله في خطوات أخرى للإفراج عن المحبوسين غير الملوثة أيديهم بالدم أو المنخرطين في جرائم الإرهاب، وخصوصا زملائنا أعضاء نقابة الصحفيين، الذين لا يملكون لخدمة وطنهم ومهنتهم سوى أقلامهم وكاميراتهم وريشهم، ويلتزمون بكل الواجبات والحقوق التي أوردها الدستور وقوانين البلاد.
وخلال الفترة الماضية، أطلقت قوات الأمن سراح العديد من المحبوسين في قضايا حرية رأي وتعبير، بعد سنوات متفاوتة من الحبس الاحتياطي، بقرارات من نيابة أمن الدولة العليا، لكن ذلك لم يتلاءم مع تطلعات القوى المدنية وأهالي السجناء، مع إعلان لجنة العفو وجود أكثر من 1000 سجين ضمن قوائم مرتقبة.
ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية – في حضور سياسيين ومعارضين وقيادات حكومية ومسئولين عسكريين ومواطنين – بإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي وتوسيع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المختصة.
وقالت لجنة العفو الرئاسية إنها تتلقى أسماء عدد من المحبوسين والمسجونين من مختلف الأحزاب والقوى السياسية والمجلس القومي لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على أن تقدم قائمة جديدة للعفو خلال فترة قريبة.
وفي منتصف مايو، أعلن المحامي طارق العوضي عضو لجنة العفو الرئاسي، فحص ملفات 1074 من المحبوسين السياسيين، لاتخاذ قرارات بشأنهم، تمهيدًا للإفراج عنهم، مضيفا أن هذه الحالات تخص محبوسين احتياطيًّا أو صدرت ضدهم أحكام، وإنه من الممكن الإفراج عنهم على دفعات.
ولفت إلى أنّ اللجنة أجرت زيارات لأسماء بعينها خلال عيد الفطر الماضي، حيث نسّقت زيارة لهيئة الدفاع عن المحامي الحقوقي زياد العليمي، استمرت لأكثر من ساعتين داخل محبسه، كما زار أعضاء من اللجنة محبوسين آخرين، ولدينا عدد من القضايا التي نضغط لحلها سريعا، ومن بينها قضية موظفي شركة مصر للتأمين المحبوسين حاليا، فضلا عن الضغط لإغلاق “قضية الأمل”.
وأضاف أن كثيرا من المحبوسين على ذمة قضايا مرتبطة بأعمال عنف، فُهمت منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بالخطأ أنها دعوات للعنف، ونحن نضغط للنظر في ملفاتهم.
وتابع: “هناك حالة خرجت في قوائم عفو سابقة وارتكبت تفجير كنيسة لاحقا، لكن لا يجب أن يستخدم هذا الأمر ككارت إرهاب للعدول عن الإفراج عن محبوسين آخرين غير متورطين في عنف، أنت لو خرجت هشام فؤاد أو حسام مؤنس – الذي خرج بعفو رئاسي مؤخرا – مش هيطلعوا يعملوا عمليات إرهابية”.