الحرية حقه| محامي العمال والغلابة هيثم محمدين.. 3 سنوات من الحبس والتدوير ومطالبات الإفراج (بروفايل)
“عايزين نخلق دنيا جديدة، دنيا الفقرا فيها سعيدة، دنيا الشارع فيها براح، فيها الناس قبل الأرباح”، هذا هو المستقبل الذي كان يحلم به المحامي والمناضل الاشتراكي والعمالي هيثم محمدين، لمصر وأبنائها في هتافه الأشهر، دافعا في سبيل هذا الحلم سنوات من عمره خليف القضبان، ليس لشيء سوى إيمانه ودفاعه عن العدالة والحرية والحق في حياة آدمية للجميع.
في الرابع من أغسطس الحالي، أطفأ محمدين شمعة عام جديد خلف أسوار السجن للمرة الرابعة على التوالي، بينما أصبح ضيفًا دائمًا على السجون خلال العقدين الأخيرين، لمشاركته ودفاعه عن ثورة 25 يناير وحقوق العمال والغلابة والمهمشين ومصرية “تيران وصنافير”، ورغم المطالبات المستمرة بالإفراج عنه، اقترب من إكمال عامه الثالث في الحبس الاحتياطي دون محاكمة، منذ القبض عليه في 13 مايو 2019 وإيداعه السجن منذ ذلك الحين على ذمة أكثر من قضية سياسية.
عمل القيادي في حركة الاشتراكيين الثوريين، والمؤسس المشارك لجبهة طريق الثورة، مع مؤسسة الهلالي للحقوق والحريات، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.
ووسط أخبار تجديد حبسه المستمرة، أعلنت المحامية الحقوقية ماهينور المصري، عن مفاجأة سارة بفوزه ومحمد الباقر بجايزة (إيبرو تيمتيك) Ebru Timtikبعد يومين من مؤتمر نظمه اتحاد المحامين الأوروبيين عن (المحاكمة العادلة).
وقالت: “الجايزة أخدها هيثم محمدين ومحمد الباقر والحقيقة هما فعلا خير من يمثلنا، ٢ من ألطف وأنبل وأطيب المحامين، وعلى الرغم من أن هيثم وباقر مش من نفس الخلفية الفكرية ولكن الحقيقة هما الاتنين لهم نفس الروح، تفاني شديد وتواضع شديد وحب لكل الناس وإجماع من الناس على حبهم من مختلف التيارات، ابتسامة موجودة على طول ودفع تمن كبير لإيمانهم بالعدالة”.
في العاشر من مارس 2021، كان هيثم على موعد مع حريته خارج القضبان، بعد صدور قرار بإطلاق سراحه عقب أشهر أمضاها محبوساً احتياطياً على ذمة القضية رقم 741 لسنة 2019، لكن نيابة أمن الدولة العليا قررت حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية رقم 1956 لسنة 2019، ضمن وقائع (التدوير) التي طالت العديد من المحبوسين السياسيين في الأعوام الأخيرة، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها هيثم للتدوير.
كان محمدين بين متهمي القضية رقم 718 لسنة 2018، وألقي القبض عليه في منتصف مايو 2018، وأمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبسه على ذمة هذه القضية التي عرفت حينها إعلامياً بقضية (معتقلي المترو)، وهي قضية أنشئت على خلفية احتجاجات تسبب فيها رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وظل محتجزاً على ذمة هذه القضية حتى 10 أكتوبر 2018، عندما رفضت محكمة جنايات الجيزة استئناف النيابة على قرار سابق للمحكمة بإخلاء سبيله واستبدال حبسه الاحتياطي بإجراءات احترازية شرطية، وهو ما يعني أن يبقى هيثم في قسم الشرطة التابع له محل سكنه.
ومن القسم احتجز هيثم مرة أخرى في 2019، وبعد يومين ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا والتي أمرت بحبسه احتياطياً على ذمة القضية رقم 714 لسنة 2019، ومازال موجودًا في محبسه وسط مطالبات بالإفراج عنه.
منذ ثورة يناير 2011، تعرض المحامي العمالي للعديد من مرات الاحتجاز، ففي اليوم الأول للثورة كان على موعد مع احتجازه، وأفرج عنه قبل جمعة الغضب، بتاريخ 28 يناير، وفي سبتمبر 2013، وبينما كان في طريقه لدعم إضراب العمال في مصنع للأسمنت، تم اتهامه بالاعتداء على ضابط، وتم إطلاق سراحه بعد 48 ساعة دون تهمة.
وفي يناير 2015، أصدر النائب العام حينها هشام بركات أمرًا بمصادرة أصول 112 شخصًا بينهم هيثم محمدين بزعم أنهم أعضاء أو مؤيدون لجماعة الإخوان.
كان عام 2016 فارقًا في التاريخ المصري، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في عدة محافظات لرفض التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وتم إلقاء القبض على مئات الأشخاص ومن بينهم محمدين الذي بقي محبسه لـ6 أشهر، ليعود مرة أخرى بعد الاحتجات على زيادة سعر تذكرة المترو، حيث داهمت قوات الأمن منزله بمحافظة الجيزة، وتم اقتياده إلى مكان مجهول.
ظهر بعد ذلك محمدين في نيابة أمن الدولة العليا. وجرى توجيه اتهامات له بمساعدة منظمة إرهابية لتحقيق أغراضها والتحريض على احتجاجات مترو المعادي.
وضعت النيابة محمدين في الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق في القضية رقم 718/2018، المشار إليها إعلاميًا بقضية “معتقلي المترو“، وفي أكتوبر 2018، جرى استبدال حبسه بتدابير احترازية.
وتعود أحداث القبض عليه في المرة الأخيرة ليوم 13 مايو 2019، حيث تلقى مكالمة تليفونية من مركز شرطة الصف ادعت أن قسم الشرطة لم يتلق معلومات بتخفيف التدابير في قضية أخرى له، ويجب التوجه إلى قسم الشرطة فورا.
وبمجرد وصول محمدين للمركز تم القبض عليه من رجال شرطة بزي رسمي ورجال من الأمن الوطني بملابس مدنية دون إظهار أي أمر بالقبض عليه، واقتياده من قسم شرطة الصف لمكان آخر، ليظل مختفيا لمدة 3 أيام.
وأصبح محمدين متهما في قضية جديدة تحمل رقم 741 لسنة 2019 أمن دولة عليا، بتهمة مساعدة جماعة إرهابية على تحقيق أغراضها. وحصل على إخلاء سبيل أكثر من مرة، لكن النيابة كانت تستأنف على القرار لينتهي الأمر باستمرار حبسه.
وفي 9 مارس من العام 2021 قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل هيثم محمدين، لكنه عُرض في اليوم التالي على نيابة أمن الدولة العليا التي قررت حبسه 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات الجارية فى القضية التي تحمل الرقم 1956 لسنة 2019.
ويواجه هيثم محمدين في القضية 1956 لسنة 2019، اتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن القومي، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، ومشاركة جماعة إرهابية.
وطالب حقوقيون وسياسيون بالإفراج عن هيثم محمدين وجميع سجناء الرأي، ففي 19 يوليو 2019، بعث خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة برسالة إلى الحكومة المصرية، أعربوا فيها عن “القلق البالغ” من حبس هيثم محمدين.
وأكدوا: نعبّر عن بالغ قلقنا من أن الإجراءات القضائية التي يخضع لها حاليًا مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بعمله المشروع في مجال حقوق الإنسان.
وفي 30 يناير و 2 يونيو 2020، بعث مجلس النقابات القانونية في أوروبا برسائل إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي “للتعبير عن مخاوفه بشأن احتجاز هيثم محمدين وحثه على “أن يفعل كل ما في وسعه لاستعادة حرية محمدين لأنه يُعتقد أن الدافع وراء احتجازه هو نشاطه المشروع كمحامٍ”.
في 5 يونيو 2020، رشحت جمعية القانون في إنجلترا وويلز المحامين المصريين هيثم محمدين وزياد العليمي ومحمد الباقر ومحمد رمضان وماهينور المصري لجائزة مجلس النقابات القانونية في أوروبا لحقوق الإنسان 2020.
وفي عيد العمال الأخير، طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، بالإفراج عن المحامي العمالي هيثم محمدين، بالتزامن مع احتفالات عيد العمال.
وقالت المفوضية المصرية، إنه “في عيد العمال، تحية وشكر لك عمال مصر، ونذكركم بالمحامي الحقوقي هيثم محمدين، واحد من أكثر المحامين الذين أفنوا حياتهم دفاعا عن العمال في أي ظلم يتعرضون له”.
وأضافت المفوضية، أن هيثم محمدين نتيجة عمله ودعمه المستمر للعمال، اشتهر في أوساط المحامين بـ”محامي العمال”، و”محامي الغلابة”.
واختتمت المفوضية المصرية للحقوق والحريات بيانها المقتضب قائلة “طالبوا بالحرية لهيثم محمدين حتى يستطيع العودة لحياته وعمله ومهمته الأساسية بالدفاع عن عمال مصر”.