التهمة دعم فلسطين.. موجات القبض على المناصرين للقضية الفلسطينية في مصر تطال الجميع حتى الأطفال ومشجعي الكرة
يتجاوز عدد المحبوسين لاتهامهم بالإرهاب على خلفية إعلانهم عن دعمهم لفلسطين بأشكال مختلفة 93 شخصا بينهم 3 أطفال على الأقل
أعادت أنباء القبض على عدد من مشجعي كرة القدم في لقاء الأهلي ضد فاركو في المباراة المؤجلة من الجولة الـ11 من الدوري الممتاز بسبب رفع أحد المشجعين لعلم فلسطين، الانتقادات الموجهة إلى السلطات المصرية لملاحقتها المتضامنين مع غزة، وكذلك المطالبات بالإفراج عن جميع المقبوض عليهم والمحبوسين على ذمة قضايا مختلفة بسبب دعم القضية الفلسطينية.
ومنذ اندلاع الحرب الصهيونية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي شهدت معظم دول العالم تظاهرات تندد بجرائم الاحتلال وتؤكد على حق الشعب الفلسطيني في الحرية.
وحاول المصريون منذ الأيام الأولى للحرب الخروج في مظاهرات تضامنية مع أشقائهم الفلسطينيين، لكن السلطات المصرية واجهت غالبية الفعاليات التضامنية مع غزة بحزم، وألقت على مدار الشهور الماضية القبض على عشرات المواطنين بسبب تضامنهم مع الفلسطينيين.
وكانت البداية في يوم الجمعة الموافق 20 أكتوبر 2023، حينما خرج آلاف المصريون في تظاهرات لدعم الشعب الفلسطيني، وذلك في عدد من محافظات الجمهورية أبرزها القاهرة والجيزة والإسكندرية، التي قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إنها وثقت القبض على 42 شخصا على الأقل في محافظتي القاهرة والإسكندرية على خلفية تلك التظاهرات، فيما قالت غرفة طوارئ المفوضية المصرية للحقوق والحريات، حينها، إنها رصدت القبض على 73 شخصا من مظاهرات دعم فلسطين، لافتة إلى أنه جرى إطلاق سراح 13 شخصا من تم القبض عليهم خلال المظاهرات دون تحرير محاضر ضدهم أو إدراجهم على ذمة قضايا.
وأدرجت نيابة أمن الدولة العليا 42 متهمًا من القاهرة، و14 آخرين من الإسكندرية، على ذمة القضيتين 2468، 2469 لسنة 2023 (حصر أمن دولة عليا). وباشرت النيابة جلسات التحقيق الأولى يومي 24 و25 أكتوبر الماضي. ووجهت للمعتقلين عدة اتهامات وفقًا للمادة 40 من قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، أبرزها الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم باغراضها، وارتكاب عمل إرهابي باستخدام القوة والعنف والترويع بغرض الإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع للخطر وتعطيل أحكام الدستور والقوانين واللوائح.
وعلى مدار الشهور الماضية، صدرت قرارات تجديد دورية من نيابة أمن الدولة العليا، بحق المتهمين على ذمة القضيتين 2468، 2469 لسنة 2023 ، من دون مواجهتهم بأي أدلة يعتد بها، وفقا للمبادرة الشخصية، التي شددت على أن “استمرار حرمان هؤلاء المواطنين من الحرية يعدّ ترهيبًا صريحًا يستهدف منع المواطنين من ممارسة حقهم في التجمع السلمي المكفول دستوريًا وفقًا للمادة 73 من الدستور المصري، ووفقًا لنصوص الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي تعد مكونًا أصيلًا من مكونات القانون الوطني كما تنص المادة 93 من ذات الدستور”.
وتواصلت موجات القبض على المناصرين لفلسطين، حيث ألقت قوات الأمن في 3 أبريل الماضي القبض على 14 شخصا بشكل منفصل من منازلهم عقب اشتراكهم في وقفة أمام نقابة الصحفيين لدعم الشعب الفلسطيني.
وبعد 3 أيام أمرت نيابة أمن الدولة بإخلاء سبيل المقبوض عليهم على ذمة القضية رقم 1277 لسنة 2024 أمن الدولة.
وفي 23 أبريل الماضي، ألقت قوات الأمن القبض على ما لا يقل عن 18 شخصا أغلبهم من الناشطات النسويات أثناء مشاركتهن في وقفة سلمية نسائية أمام المقر الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمعادي.
لكن نيابة أمن الدولة العليا، قررت في اليوم التالي إخلاء سبيل جميع المحتجزين والمحتجزات. وجاء قرار إخلاء السبيل بكفالة 5 آلاف و10 آلاف جنيه فيما عدا الصحفي يوسف شعبان والصحفي محمد فرج بضمان محل إقامته، وذلك في القضية رقم 1567 لسنة 2024 حصر أمن دولة.
وشهد يوم 30 أبريل أحدث حلقات تلك الحملة الأمنية، بعدما ألقت قوات الأمن بالإسكندرية القبض على خمسة شباب من منازلهم على خلفية نشاطهم ضمن اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني
ولم تستهدف الحملة الدائرة من يحاول إبداء دعمه لفلسطين في الشارع وحسب، بل قررت نيابة أمن الدولة حبس 11 مواطنًا احتياطيًا على ذمة القضية 2526 لسنة 2023 على خلفية نشرهم منشورات داعمة لفلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وفي 12 مايو، كشف خالد بسيوني، عضو الهيئة العليا السابق لحزب الكرامة، عن القبض على شقيقه زياد الطالب بمعهد الفنون الشعبية بأكاديمية الفنون واحتجازه في مكان غير معلوم. كما كشف بسيوني أيضا عن إلقاء قوات الأمن على طالب آخر بجانب شقيقه يدعى مازن أحمد.
وجاء القبض على الطالبين على خلفية من ارتباطهما بحركة “طلاب من أجل فلسطين” التي يقتصر نشاطها على دعم القضية الفلسطينية، ومطالبة وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني ووزارة التعليم العالي وإدارات الجامعات بحظر المنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، ودعم الطلبة الفلسطينيين المتواجدين بمصر وإعفائهم من المصروفات الدراسية.
وبعد أيام من الاختفاء، ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا الطالبان زياد محمد بسيوني ومازن أحمد عزت دراز، وذلك في 13 مايو الماضي. وأدرجتهما النيابة على ذمة القضية 1941 لسنة 2024 حصر أمن دولة. ووجهت النيابة إلى الطالبين بسيوني ودراز اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر وإذاعة أخبار كاذبة قبل أن تأمر بحبسهما 15 يومًا على ذمة القضية.
أيضا، طالت الحملة الامنية الدائرة مشجعي كرة القدم الذين يحاولون إبداء دعمه للشعب الفلسطيني. حتى أن القنوات المصرية الناقلة للمباريات المحلية كانت تكتم في بعش الأحيان صوت المشجعين عند الهتاف لفلسطين.
وقبل إياب نهائي الكونفدرالية بين الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي الذي أقيم على في مصر، أعلنت الهيئة العامة لاستاد القاهرة حظر اصطحاب أعلام غير العلم المصري وعلم نادي الزمالك على أن تطبق نفس القواعد بنهائي أبطال إفريقيا الذي جمع بين الأهلي المصري والترجي التونسي. وهو ما اعتبر كثيرون أن الهدف منه هو منع رفع أعلام فلسطين في المدرجات.
ويشار إلى أن جمهور الترجي التونسي رفع في لقاء الذهاب وقبل أسبوع من بيان الهيئة العامة لإستاد القاهرة الدولي، أكثر من تيفو “دخلة” قبل انطلاق المباراة، جميعها لنصر القضية الفلسطينية، كان أبرزها تيفو يظهر رسومات لبعض الأطفال الفلسطينيين ضحايا العدوان الصهيوني وحمامات السلام، بجانب عبارة نُسخت باللون الأحمر وهي: أرض حرة في عالم محتل.
وأخيرا، مع بداية مباراة الأهلي وفاركو، التي أقيمت مساء الجمعة 14 يونيو على استاد برج العرب والمؤجلة من الجولة الـ11 من الدوري الممتاز، حاول أحد مشجعي النادي الأهلي رفع علم فلسطين لكن قوات الأمن قامت بالقبض عليه، بحسب شهادات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي. وهنا طالبت هتفت الجماهير مطالبة جميع المشجعين مغادرة المدرجات حتى إطلاق سراح المشجع المقبوض عليه. ورددوا عدة هتافات أبرزها “ماتش إيه ياعم، فلسطين أهم”.
ويبلع عدد المواطنين المحبوسين لاتهامهم بالإرهاب على خلفية إعلانهم عن دعمهم لفلسطين بأشكال مختلفة – بحسب رصد للمبادرة المصرية في مايو الماضي – 93 شخصًا بينهم 3 أطفال على الأقل.
وتقول المبادرة المصرية أن المواطنين المحبوسين على خلفية مناصرتهم للقضية الفلسطينية أُدرِجوا على ذمة ثماني قضايا حصر أمن الدولة العليا، وذلك من بين إجمالي 123 مواطنة ومواطن داعمين لفلسطين تم التحقيق معهم على ذمة 10 قضايا أمام نيابة أمن الدولة العليا منذ أكتوبر 2023. وتطالب المبادرة المصرية بإخلاء السبيل الفوري لجميع المتهمين المقبوض عليهم تعسفيًّا على خلفية إبداء دعمهم لفلسطين، وإسقاط كافة التهم الموجهة إليهم.