الترعة في خطر والفلاح يواجه التحديات: رأس المال يهدد الزراعة في سللنت وسط صمت السلطات
درب
تشهد قرية سللنت التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية واقعة مؤسفة تكشف عن تحديات جسيمة تواجه القطاع الزراعي، حيث قام أحد رجال الأعمال بالتعدي على ترعة رئيسية تخدم المنطقة. هذا التعدي يهدد أكثر من 70 فدانًا زراعيًا، ويؤثر على سبل عيش حوالي 2000 مواطن من ملاك الأراضي والفلاحين المستأجرين وأسرهم، في وقت تعاني فيه البلاد من ظروف اقتصادية صعبة تمس معظم المصريين.
لم يقف أهالي القرية صامتين أمام هذا التجاوز، فقد بادر عدد منهم بتحرير محضر رسمي في مركز شرطة المنصورة، مدعومًا بمذكرة قانونية توثق التجاوزات التي ارتكبت بحق الأرض والمياه والمجتمع المحلي، في خطوة تعكس إصرارهم على الدفاع عن حقوقهم.
من قلب القضية، أكد الأستاذ محمد يحيى خالد، محامي الفلاحين المتضررين، أن التعدي على الترعة التي تخدم 70 فدانًا يمثل انتهاكًا واضحًا لقانون الموارد المائية والري رقم 147 لسنة 2021، بالإضافة إلى مخالفته لنصوص القانون المدني المصري المتعلقة بحقوق الارتفاق. بدوره، شدد السيد جمال الشافعي، أحد الفلاحين المتضررين، على أن الفلاحين لن يسمحوا بتهديد مصدر رزقهم، مؤكدًا التزامهم باتخاذ كافة الإجراءات القانونية للدفاع عن أراضيهم وحقوقهم.
أما السيد عوض حافظ، رئيس الجمعية الزراعية بسللنت، فقد أوضح أن ما حدث يتجاوز الضوابط القانونية، مشيرًا إلى أن هذا التهديد لا يقتصر على الأرض فحسب، بل يطال حياة مئات الأسر التي تعتمد على الزراعة كمصدر أساسي للعيش. من جانبه، علق القيادي اليساري محمد عبد الحليم، مرشح محتمل لانتخابات البرلمان عن المنصورة، بأن القضية ليست مجرد نزاع حول ترعة، بل تعكس تحديات أعمق تتعلق بالعدالة الاجتماعية. وأضاف أن الفلاحين يواجهون ارتفاع الأسعار، ومنافسة المنتجات المستوردة، واحتكار الأسواق، دون وجود اتحادات فلاحية قوية تدعم مصالحهم، مؤكدًا أن هذه المعركة جزء من صراع أكبر من أجل العدالة.
تتجاوز الواقعة في سللنت حدودها المحلية لتكشف عن أزمة وطنية أكبر. فوفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2023، خسرت مصر أكثر من 400 ألف فدان من الأراضي الزراعية خلال عقدين بسبب الزحف العمراني. كما تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة (FAO) إلى أن مصر تعاني من فجوة غذائية تصل إلى 60% من احتياجاتها الأساسية، يتم تغطيتها بالاستيراد، حيث تستورد البلاد أكثر من 60% من القمح ونسبًا كبيرة من الزيوت والسكر، في ظل تراجع إنتاجية القطاع الزراعي وضعف البنية التحتية.
في بلد يواجه تحديات الأمن الغذائي، لا يمكن التغاضي عن مثل هذه التجاوزات. وبينما تتحدث الحكومة عن خطط التنمية، يظل الفلاح يواجه تحديات السوق والتعديات على موارده دون حماية كافية. وتبقى الأسئلة ملحة: من يقف إلى جانب الفلاح؟ من يحاسب على هذه التجاوزات؟ وكيف يمكن حماية الأمن الغذائي للشعب المصري؟ الترعة ليست مجرد قناة ماء، بل هي شريان حياة لأهالي القرية، وما يحدث في سللنت اليوم قد يمتد إلى قرى مصر غدًا.









