البابا فرانسيس: الكنيسة لا تتسامح مطلقا مع حالات الاعتداء الجنسي.. من يفعل ذلك لا يمكن أن يكون إلا مريضًا أو مُجرما
كتب – أحمد سلامة ووكالات
جدد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، التشديد على أن الكنيسة “لا تتسامح مطلقا” مع حالات الاعتداء الجنسي التي وصفها بأنها أمر “وحشي”، بحسب مقتطفات من مقابلة أجراها مع قناة تلفزيونية برتغالية.
وقال البابا فرنسيس خلال المقابلة مع “تي في آي/ سي إن إن برتغال”، نُشرت منها مقتطفات على الموقع الإلكتروني للقناة، بخصوص حوادث الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية “هذا أمر واضح جدا. لا تسامح على الإطلاق. لا يمكن للكاهن الاستمرار في أن يكون كاهنا إذا كان معتديا. لا يمكنه ذلك لأنه يكون إما مريضا وإما مجرما”.
وأضاف في هذه المقابلة المكونة من جزأين والتي بثت الأحد (الرابع من سبتمبر 2022) وسيعاد بثها مساء الاثنين “إنه أمر وحشي لأنه يدمر أرواحا”.
وعلى غرار فرنسا، هناك لجنة مستقلة بدأت عملها في بداية العام، مسؤولة عن التحقيق في أي اعتداءات جنسية داخل الكنيسة في البرتغال، الدولة ذات التقاليد الكاثوليكية القوية.. هذه اللجنة التي أنشئت بمبادرة من الكنيسة، جمعت بالفعل نحو 400 شهادة، تم إبلاغ 17 منها إلى العدالة بحسب ما أعلن في الآونة الأخيرة بيدرو ستريتش الطبيب النفسي للأطفال الذي يرأس مجموعة العمل هذه التي يتوجب عليها تقديم استنتاجاتها في نهاية العام.
وقال البابا في المقابلة على التلفزيون البرتغالي “أنا لا أنكر الانتهاكات. إن إساءة واحدة فقط أمر وحشي بالفعل”. كما أشار البابا إلى أنه يعتزم زيارة البرتغال خلال أيام الشبيبة العالمية، وهو اجتماع عالمي للشباب الكاثوليك يعقد من 1 إلى 6 أغسطس 2023.. مضيفا “أفكر في الذهاب إلى هناك”.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت قرارًا تاريخيًا، بعد سنوات من النضال، حول وصول الناجين من العنف الجنسي إلى القضاء.
وفي نص اعتمد بتوافق الآراء، قالت الجمعية العامة إنها “تحث الدول على اتخاذ تدابير فعالة في إطار أنظمتها القانونية الوطنية ووفقا للقانون الدولي لتمكين الضحايا والناجين من أعمال عنف جنسية أو مرتبطة بالجندر من الوصول إلى القضاء وسبل الطعن والمساعدة”.
ويؤكد القرار الذي استقبل بهتافات فرح وتصفيق، خصوصا أهمية وصول الضحايا إلى القضاء “بسرعة ومن دون عراقيل”، وضرورة “تعزيز” التعاون الدولي وأهمية حماية حقوق المرأة بشكل عام.
وقالت أماندا نغوين مؤسسة المنظمة غير الحكومية “رايز” التي تناضل من أجل هذا النص منذ سنوات لإسماع أصوات “1,3 مليار ناجٍ من اعتداءات جنسية في جميع أنحاء العالم”، إن “الجمعية العامة لم تصدر يوما قرارا مستقلا يعترف بالاغتصاب في وقت السلم”.
وأضافت الناشطة البالغة من العمر 30 عاما، “أردت أن أصبح رائدة فضاء ولم أرغب في أن أكون ناشطة ولكنني هنا والملابس التي كنت أرتديها عندما تعرضت للاغتصاب معروضة هنا”. وأكدت أنه “يوم تاريخي”.
ومنذ منتصف يوليو وحتى الجمعة، عرضت 13 قطع من سراويل طويلة وقصيرة وفساتين وحتى ملابس السباحة لفتيات صغيرات على دمى عارضات في ردهة المقر العام للأمم المتحدة، ويهدف المعرض الذي حمل عنوان “ماذا كنت ترتدي؟”، إلى إدانة تحميل ضحايا الاعتداءات الجنسية مسؤولية ما حدث.
وباسم الاتحاد الأوروبي، أشاد السفير التشيكي ياكوب كولهانيك بـ “تصميم” منظمات الناجين على “الدفع قدما” باتجاه تبني القرار الذي أقر الجمعة، وأضاف: “بمعزل عن الصدمة بحد ذاتها يواجه الناجون غالبا حواجز غير مقبولة في الحصول على المساعدة والعدالة والتعويض”.
وقال الممثل الأمريكي جيفري ديلورينتيس خلال المناقشة “نحن نعلم أنه يجب علينا بذل المزيد من الجهود للقضاء على العنف الجنسي في العالم”، مؤكدا أن “هذا القرار التاريخي يقربنا من الهدف”. لكنه أشار إلى أن النص “لا ينص على حقوق أو واجبات في القانون الدولي”.
رغم ذلك، رأت أماندا نغوين أنه حتى إذا كان يمكن اعتبار قرار الأمم المتحدة “رمزيا”، فهو يشكل “رمزا قويا (…) لأننا هنا نصرخ ونقول إن اغتصابنا مهم وعليكم الاعتراف بذلك”.
من جهتها، قالت الأمريكية جيسيكا لونغ البالغة من العمر 43 عاما والتي تعرضت لاعتداء خلال رحلة خارج بلادها إن “كل ضحايا الاعتداءات الجنسية أو الناجين منها مهمون”، وأضافت أنها لم تتمكن يوما من فرض الاعتراف بحقوقها.
وتابعت: “نحن نقاتل معكم والعالم يقاتل معكم”، معبرة عن شعورها بـ”التميز” لأنها تستطيع أن “تكون صوتا لمن ليس لديهم أي صوت بسبب سنهم وجنسهم وعرقهم وحيث ولدوا”.
وعبر العديد من المدافعين عن النص الذي قدمته سيراليون بدعم من 50 دولة، عن أملهم في أن يتم اعتماده من دون أدنى تحفظ من جانب كل الدول الأعضاء، لكن نيجيريا وبدعم من وفود أخرى بينها خصوصا مصر وماليزيا وإيران، حاولت إدخال تعديلات على النص.
وتتعلق تلك التعديلات أساسا بحذف الإشارات إلى العنف الجنسي بين الزوجين أو العنف القائم على النوع الاجتماعي أو الوصول إلى وسائل منع الحمل.
في هذا السياق، قالت أماندا نجوين “نطلب من الناس ألا يدركوا فقط أنه يجب إزالة وصمة العار المترتبة على الاغتصاب بل أن ينظروا في المرآة ويسألوا أنفسهم: ماذا فعلت حيال ذلك؟”، وأضافت: “نحن أكثر من مليار شخص على هذا الكوكب لم يتم الاعتراف بهم هنا”، مؤكدة “اليوم تم ذلك”.