الاحتلال يجتاح محور فيلادلفيا لأول مرة منذ 2005.. وتوقف حركة السفر وإدخال المساعدات عبر معبر رفح
وكالات
توغلت آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الشرقي من “محور فيلادلفيا” الفاصل بين قطاع غزة ومصر لأول مرة منذ العام 2005، عقب إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري.
وقال الجيش في بيان الثلاثاء، 7 مايو 2024، إن “قوات اللواء 401 حققت السيطرة العملياتية على معبر رفح من جهة غزة”.
وأضاف: “قطعت القوات معبر رفح عن محور صلاح الدين، والآن تسيطر قوات مدرعة من اللواء 401 على المعبر بشكل كامل”.
ولفت إلى أن “وحدات خاصة شنت هجوما على المنطقة الشرقية لرفح” جنوب القطاع، التي أمر سكانها بإخلائها قسرا، وأشار إلى أن “القوات تقوم الآن بعمليات تمشيط للمناطق التي تمت السيطرة عليها”.
وفي وقت سابق الثلاثاء، توغلت آليات إسرائيلية توغلت داخل معبر رفح، بعد أن شهدت الليلة الماضية قصفًا عنيفًا في محيط المعبر وسماع أصوات اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وفصائل فلسطينية.
وأكد مدير الإعلام بمعبر رفح وائل أبو محسن، توقف حركة السفر وإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح بشكل كامل، تزامنا مع أنباء توغل آليات إسرائيلية داخله.
فيما انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو حديث مجهول المصدر يظهر تجول دبابة إسرائيلية داخل معبر رفح، كما أظهرت صور أخرى رفع العلم الإسرائيلي فوق ساريات داخل المعبر.
وبذلك تكون القوات الإسرائيلية قد توغلت في محور “فيلادلفيا” وسيطرت على المعبر للمرة الأولى منذ انسحابها من قطاع غزة منتصف أغسطس 2005 وتسليمه للسلطة الفلسطينية آنذاك بموجب اتفاق المعابر الموقعة بين الجانبين.
يسمى أيضا “محور صلاح الدين” ويقع على امتداد الحدود بين غزة ومصر، وهو ضمن منطقة عازلة بموجب اتفاقية السلام “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل عام 1979، ولا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، ويمتد بطول 14.5 كيلومترا من البحر المتوسط حتى معبر “كرم أبو سالم”.
ووفقا لاتفاقية “كامب ديفيد” فإن المنطقة الحدودية (محور فيلادلفيا) تقع ضمن الأراضي الفلسطينية وأطلق عليها تصنيف الحرف “دال”، وتخضع لسيطرة القوات الإسرائيلية التي حددت بحسب الاتفاقية بكتائب مشاة، تصل إلى 180 مركبة مدرعة من الأنواع كافة، وطاقم مكون من 4 آلاف عنصر، إضافة إلى منشآت عسكرية وتحصينات ميدانية.
ومنعت الاتفاقية وجود أي قوات مسلحة على الأراضي المصرية المتاخمة للحدود الفلسطينية التي أطلق عليها تصنيف الحرف (جيم)، وسمحت فقط لشرطة مدنية مصرية بأداء مهامها الاعتيادية بأسلحة خفيفة.
وظلت القوات الإسرائيلية مسيطرة على “محور فيلادلفيا” إلى حين انسحاب إسرائيل من قطاع غزة منتصف أغسطس 2005، وتسليمه للسلطة الفلسطينية التي منحت الإشراف على المناطق الحدودية والمعابر، بوجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي.
ونصت خطة “فك الارتباط” (الانسحاب الإسرائيلي من غزة) على احتفاظ إسرائيل “بوجود عسكري لها على طول الخط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر (محور فيلادلفيا) في المرحلة الأولى.
وذلك لتوفير الحماية الأمنية التي قد تتطلب توسيع المنطقة التي تتم فيها النشاطات العسكرية، وجعلت الاتفاقية إخلاء المنطقة مشروطا بالواقع الأمني والتعاون المصري في التوصل إلى اتفاق موثوق.
وفي سبتمبر/ أيلول 2005، تم توقيع “اتفاق فيلادلفيا” بين إسرائيل ومصر الذي تعتبره إسرائيل ملحقا أمنيا لمعاهدة السلام 1979، وتقول إنه محكوم بمبادئها العامة وأحكامها.
ويتضمن الاتفاق نشر قوات مصرية على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، وتُقدر بنحو 750 جنديا من حرس الحدود، ومهمتهم تتمحور فقط في مكافحة “الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب والكشف عن الأنفاق”، وبموجب هذا الاتفاق انسحبت إسرائيل من محور فيلادلفيا وسلمته مع معبر رفح إلى السلطة الفلسطينية.
وعام 2007، سيطرت حركة “حماس” على قطاع غزة، وخضع محور فيلادلفيا لهيمنتها، وفرضت إسرائيل حصارا خانقا على القطاع، الأمر الذي دفع الفلسطينيين لعبور الشريط الحدودي باتجاه مصر للتزود بالطعام والشراب والمواد الأساسية لحياتهم، وعلى إثر ذلك فرضت القوات المصرية الأمن بفيلادلفيا ثم تراجعت لأماكنها.
ومع إحكام الحصار لسنوات على القطاع، حفر الفلسطينيون في غزة مئات الأنفاق أسفل محور فيلادلفيا وصولا إلى مصر، لتشكل طريقا رئيسيا لاستيراد احتياجاتهم الأساسية، قبل أن تنتهي هذه الظاهرة عام 2014 وليتبعها بعد سنوات قليلة دخول البضائع من مصر إلى غزة عبر معبر رفح بشكل رسمي.
ولم تعد منطقة محور فيلادلفيا خالية من السكان الفلسطينيين كما كانت خلال فترة الوجود الإسرائيلي، فالمنازل الفلسطينية امتدت مقتربة بشكل كبير من السياج الحدودي وفي بعض النقاط تكون ملاصقة له باستثناء المناطق الشرقية لمعبر رفح والمنطقة القريبة من شاطئ البحر.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن في أكثر من مناسبة منذ بدء الحرب على قطاع غزة، رغبة إسرائيل في السيطرة على محور “فيلادلفيا” وهو ما أعلن الجانب المصري عن رفضه في أكثر من مناسبة.
وفي فبراير الماضي قال ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات الرسمية، إن “أي تحرك إسرائيلي في اتجاه احتلال ممر فيلادلفيا أو صلاح الدين في قطاع غزة سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية الإسرائيلية، وإمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين”.
كما قال متحدث الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في تصريحات تليفزيونية، في يناير الماضي، إن مصر “تضبط حدودها (مع غزة) وتسيطر عليها بشكل كامل”.
وأضاف أبو زيد أن هذه “مسائل تخضع لاتفاقيات أمنية وقانونية، وأي حديث بهذا الشأن يخضع للتدقيق ويتم الرد عليه بمواقف معلنة”، دون توضيحات أكثر.
وفي ظل الرفض المصري للسيطرة الإسرائيلية على المحور، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي في 2 مايو/ أيار الجاري، إن “إسرائيل تبحث بدائل لعملية واسعة النطاق في رفح، ولكنها تصر على تنفيذ عملية في محور فيلادلفيا”.
وأضافت الإذاعة أن “الأجهزة الأمنية ترى أنه في كل الأحوال يجب تنفيذ عملية محددة الهدف على محور فيلادلفيا لقطع طرق التهريب أمام حماس”.
وجاء ذلك في ظل تحذيرات الأمم المتحدة ودول كثيرة، بينها الولايات المتحدة، من تداعيات كارثية حال اجتياح رفح؛ لوجود نحو 1.4 مليون نازح فيها، بينما تزعم إسرائيل أنها “المعقل الأخير لحركة حماس”.