“الإغلاق العام” بين الاقتصاد والصحة| مسئولون بصندوق النقد: صدمة للقطاع المالي.. وجامعة: أنقذ 120 ألفا في 11 دولة أوروبية
كتب – أحمد سلامة
“نضطر أحيانا أن نوازن بين أسبقيات متضاربة في حالة الوباء علينا أن نوازن بين الاقتصاد والصحة”.. هكذا كتب الدكتور محمد البرادعي في تدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
“الإغلاق العام” أحد المصطلحات التي أصبحت أكثر شهرة في الآونة الأخيرة، بما له من تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي، أو تأثير -يُرجى أن يكون إيجابيا- في الحد من انتشار “كورونا”.. ليبقى التساؤل “كيف نوازن بين الاقتصاد والصحة؟”
مسؤولون في صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، قالوا إن الأنظمة المصرفية لبعض الدول قد تحتاج إلى إعادة الرسملة بل وإعادة الهيكلة إذا تعرضت اقتصاداتها لأضرار شديدة من تعطيلات طويلة المدى جراء تفشي فيروس كورونا.
وكتب توبياس أدريان وأديتيا ناراين، مدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية بالصندوق ونائبه، في مدونة، حسبما نقلت وكالة رويترز للأنباء، ”الضغط على النظام المصرفي يتنامى وزيادة تخلفات سداد الدين صارت وشيكة. وكثيرون يتوقعون الآن صدمة للقطاع المالي مماثلة في الحجم لأزمة 2008.“
وفي حين لم يحدد صندوق النقد دول الأنظمة المصرفية الأكثر انكشافا، فإن تحذير أكبر صندوق إنقاذ متعدد الأطراف في العالم يكشف عن نبرة مختلفة تماما عما صدر عن جهات تنظيمية كبيرة ومدراء بنوك، وبخاصة في الولايات المتحدة، حيث قالوا إن المقرضين من القوة بما يسمح لهم بتجاوز الأزمة الاقتصادية الآخذة بالتكشف.
أنخيل جوريا الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حذر من أن الآثار الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا ستكون أكبر بكثير من الآثار الفورية للفيروس.
وقال جوريا، في تصريحات لشبكة /سي إن بي سي/ الأمريكية، إن “الأثر الاقتصادي الذي لدينا الآن من الواضح جدا أنه سيستمر لفترة طويلة بعد الوباء”.
وأضاف “نأمل أن نتخلص من الوباء خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة، وحينها سنتطرق للسؤال عن كم عدد العاطلين عن العمل الذي سيكون لدينا، وكم عدد الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي ستكون في وضع صعب للغاية، إذا لم تكن قد اختفت بالفعل بحلول هذا التوقيت”.
وتابع الأمين العام للمنظمة يقول: “الحياة والنشاط الاقتصادي لن يعودا إلى طبيعتهما في وقت قريب.. نحن بصدد الشعور بآثار هذه الأزمة لفترة طويلة قادمة”.
وأكد غوريا أن جهود إعادة بناء الاقتصاد العالمي بعد أن يتم احتواء تفشي /كورونا/ ستكون “أحد الأبعاد الهائلة” التي سيواجهها العالم.
ورغم المخاوف الاقتصادية من الإغلاق وتأثيراتها على الأنظمة المصرفية، فقد كشف تقرير أعدته إمبريال كولدج في العاصمة البريطانية لندن أن الإغلاق التام بسبب كورونا، ساهم في إنقاذ 120 ألف شخص في 11 دولة أوروبية، بينهم 38 ألفا في إيطاليا وحدها.
وقامت الجامعة المذكورة بإعداد تقريرها، وهو الثالث عشر، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لنمذجة الأمراض المعدية، وبقيادة البروفيسورين نيل فيرجسون وسمير بهات، وذلك لدراسة آثار الإجراءات التي اتخذتها 11 دولة أوروبية لمواجهة جائحة فيروس كورونا، ومنها إغلاق المدارس وحالات الإغلاق الوطنية.
ويؤكد البحث أنه تم منع وقوع ما يصل إلى 120.000 حالة وفاة في 11 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا.
وقال الدكتور سمير بهات، المشرف على التقرير وكبير المحاضرين في كلية الصحة العامة بلندن إنه “بالطبع وقت صعب بالنسبة لأوروبا، لكن الحكومات اتخذت خطوات مهمة لضمان عدم إرهاق النظم الصحية. هناك أدلة قوية على أن هذه الخطوات بدأت تثمر، وأن انتشار الفيروس آخذ بالانحسار”.
وأضاف: “نعتقد أنه تم إنقاذ عدد كبير من الأرواح. ومع ذلك، من السابق لأوانه القول ما إذا كنا قد تمكنا من السيطرة الكاملة على الأوبئة وسيتعين اتخاذ قرارات أكثر صعوبة في الأسابيع المقبلة”.
من جانبه اعتبر الدكتور سيث فلاكسمان، وهو أحد الباحثين الذين أعدوا التقرير أنه على الرغم من استمرار ارتفاع عدد الوفيات بالفيروس إلا أن البيانات تظهر “دلائل كافية على أن الإجراءات المتواصلة والمشددة التي اتخذتها الحكومات الأوروبية أنقذت الأرواح بالفعل من خلال خفض العدد من الإصابات الجديدة كل يوم”.
وانتقد فلاكسمان تأخر بعض البلدان، من دون أن يسمها، في التعامل مع الفيروس، مشيرا إلى أن هذا الأمر جعلنا نحتاج مدة أطول لمواجهة الفيروس، وتقليص عدد المصابين والوفيات، “الأمر بات يستغرق وقتا أطول من أيام إلى أسابيع كي تنعكس هذه التأثيرات في عدد الوفيات اليومية”.
ويظهر التقرير أنه مع استمرار التدخلات الحالية، فإن تلك التدابير في البلدان الأوروبية الـ11 ستجنب وقوع 141.000 حالة وفاة حتى 31 مارس، وأكد التقرير أن هذا سيتم من خلال الحفاظ على التدخلات في مكانها حتى ينخفض انتقال العدوى إلى مستويات منخفضة.
وبالإضافة إلى الحد من الوفيات، يقدر التقرير أن ما بين 7 و43 مليون شخص أصيبوا بالفيروس في جميع البلدان الـ11 حتى 28 مارس، وهو ما يمثل ما بين 1.88٪ و11.43٪ من السكان.