الأرشيف الإسرائيلي ينشر وثائق نادرة عن حرب أكتوبر: ملك عربي حذر جولدا مائير من التحركات المصرية السورية.. ولقاء بين رئيس الموساد وأشرف مروان في لندن
وكالات
نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية مجموعة من الوثائق عن حرب أكتوبر، والتي شملت تقييم قادة العدوان للحرب في اليوم السابق للمعركة.
“على الأرجح.. لن تندلع الحرب: تقييم القيادة الإسرائيلية في اليوم السابق للمعركة والأسماء الرمزية لحاكم عربي وصور نادرة من كيبور لم يتم الكشف عنها من قبل”.. هكذا كان عنوان تقرير مطول لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، شمل وثائق نادرة للغاية نشرها الاحتلال للمرة الأولى عن حرب السادس من أكتوبر عام 1973.
ويقدم الأرشيف ما يقرب من 3500 وثيقة جديدة، تتألف من 1400 ملف ورقي، و1000 صورة، و750 مقطع صوتي، و150 نصًا وثمانية مقاطع فيديو. يتم تنظيم الكثير من هذه البيانات في فصول، يتم تقديم كل منها مع شرح موجز يوضح المحتوى الموجود بداخله.
وشملت الوثائق التي نشرتها الصحيفة العبرية مراسلات مشبوهة لحاكم عربي لجولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل حينذاك يحذرها من هجوم مصري وسوري محتمل بالإضافة لأسمائه الرمزية التي كانت تستخدمها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حتى لا يتم الكشف عن هويته.
وكان تقييم رئيس أركان العدوان الإسرائيلي قبل 18 ساعة من المعركة هو عدم قيام المصريين والسوريين بالهجوم، وتغير الاتجاه في الساعات الأخيرة واعترف وزير الدفاع موشيه ديان قائلا: “كان لدينا تقييم غير صحيح”.
وقالت يديعوت أحرونوت إنه بعد 50 عاما على اندلاع الحرب، قرر أرشيف الدولة الكشف عن بروتوكولات جديدة وصور ووثائق نادرة من اللقاء بين الملك العربي وجولدا مائير تمت قبل المعركة الأصعب على تاريخ العدوان.
وأضافت: “قبل ساعات قليلة من بدء صيام يوم الغفران اليهودي، جرت مناقشة أمنية في مكتب رئيسة الوزراء جولدا مائير، وكان على جدول الأعمال موضوع إجلاء العائلات السوفيتية من سوريا ومصر، والتمرين العسكري الذي أجراه البلدان معا، وكان هناك شبه إجماع بين الحاضرين على أنه ليس من المتوقع أن تندلع الحرب”.
اختارت القوات العربية بشكل استراتيجي يوم الغفران، يوم الكفارة اليهودي وأقدس يوم في التقويم اليهودي، لتوجيه الضربة. في هذا اليوم، كان من المتوقع أن يخفف العدوان من حذره، حيث يصوم اليهود تقليديًا ويقضون اليوم في الصلاة.
ولإخفاء تحركاتها كخطوة دفاعية، تحدثت السلطات المصرية والسورية بشأن هجوم إسرائيلي وشيك، وتناول وزير خارجية العدوان آنذاك أبا إيبان هذه المعلومات في دعوته إلى وقف إطلاق النار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 أكتوبر من ذلك العام – والتي تم تضمين تفاصيلها في الأرشيف.
وتظهر البروتوكولات والمواد التي نشرها “أرشيف الدولة الإسرائيلي” الخميس، أن الشك رافق رؤساء كيان العدوان حتى بداية الصيام، وبعده أيضا، كما يصفون اللحظة التي تغير فيها التصور، واعتراف وزير الحرب بأن التقييم استند إلى حرب 1967 – و”كان غير صحيح”.
وأوضحت الصحيفة أن جميع الملخصات والصور أصبحت منشورة الآن وموجودة في صفحة خاصة على موقع “أرشيف الدولة الإسرائيلي”.
وتظهر البروتوكولات السرية التي تم الكشف عنها، اعتراف رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية إيلي زايرا الذي قدم لمحة عن مصر وسوريا بالقول إن “التقييم بأن الاستنفار يعود بالأساس إلى الخوف من وجهنا، لذلك يبقى هذا التقييم، ولكن لا يمكن تجاهل المناورات الروسية مع المصريين والسوريين، وليس من الواضح بالنسبة لنا سبب قيامهم بذلك”.
وكان لرئيس أركان العدوان ديفيد إلعازار الملقب بـ”دادو” رأي مماثل أيضا، حيث قال : “ما زلت أعتقد أنهم لن يهاجموا، ليس لدينا أي دليل، من الناحية الفنية، هم قادرون على التحرك.. أعتقد أنهم إذا كانوا سيهاجمون، فسنحصل على مؤشرات أفضل”.
وكشفت البروتوكولات أن من لم يكن حاضرا في تلك المناقشة هو رئيس الموساد تسفي زامير، الذي ذهب، بحسب زايرا، بشكل عاجل إلى لندن للقاء “صديقه” ويبدو أن هذا الشخص كان “أشرف مروان”، الذي كان مقرباً من الرئيس المصري أنور السادات.
وقال وزير الحرب موشيه ديان للحاضرين في الجلسة إن الصور الجوية حددت معدات للقوات المصرية، ويبدو أن استكمال بناء الدبابات كان ناجحاً ليس بنسبة 100%، لكنه قريب منه، وعرض ديان نقل رسالة إلى الأمريكيين مفادها أن السوريين سوف يهاجمون إسرائيل.
وبعد ساعات قليلة جرت مشاورة أخرى في مكتب جولدا، وقدم زايرا مراجعة أخرى، لكنه ظل ثابتًا في رأيه بأن الحرب لن تندلع.
وأضاف: “ما زلنا نعتقد أن من المحتمل جدًا أن يكون التأهب السوري والمصري نابعًا من الخوف منا، ومن المحتمل جدًا أن تكون النية الحقيقية للمصريين والسوريين هي القيام بأعمال عدوانية في اتجاهات محدودة”.
وأكد رئيس الأركان دادو خلال كلمته: “التقييم الأساسي لـ AMN – التسمية العبرية لجهاز الاستخبارات العسكري – بأننا لا نواجه حربا هو التقييم الأكثر منطقية من وجهة نظري، ومن الممكن جدًا أن يكون التشكيل والاستعدادات التي نراها تتمتع بكل صفات التشكيل الدفاعي.. فلا داع للقلق، وهذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها مخاوف لديهم”.
ومع ذلك، أشار دادو إلى أن التشكيل العسكري المصري يمكنه أيضًا التحول فورا إلى الهجوم، قائلا: “بما أنني لا أتعامل مع التفسيرات غير المنطقية فعلى أي حال فأن من خلال معلوماتنا فليس لدينا دليل على أنه ليس تشكيلًا هجوميًا. ويجب أن أقول، ليس لدينا دليل كافٍ على أنهم لا ينوون الهجوم”.
وقبل نحو 18 ساعة من شن جيشي مصر وسوريا هجوما مشتركا، قال دادو” “أننا سنتلقى المزيد من المعلومات خلال الفترة المقبلة لأنهم يعتزمون شن نوع من الهجوم المفاجئ. وإذا علمنا قبل 12 أو 24 ساعة فهذه أيضا مفاجأة كبيرة. وأرجح أنه إذا اقتربنا من مثل هذه المرحلة ستكون لدينا مؤشرات إضافية وسنعرف أكثر مما نعرفه الآن، إذا كانت لديهم نية جادة حقا”.