«الأدلة تتراكم».. بايدن يتهم بوتين بارتكاب «إبادة جماعية» في أوكرانيا للمرة الأولى منذ بدء الهجوم الروسي
للمرة الأولى منذ بدء الهجوم الروسي، اتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن ليل الثلاثاء الأربعاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب “إبادة جماعية” في أوكرانيا، مؤكدا أن “الأدلة تتراكم” على “الأمور المروعة التي فعلها الروس في أوكرانيا”.
وقال بايدن لصحفيين في آيوا “نعم، لقد قلت عنها إنّها إبادة جماعية”، وذلك بعد ساعات من استخدامه هذا المصطلح في خطاب خصصه لجهود التصدي للتضخم، وفقا لما نقل موقع “فرانس 24”.
وسبق أن استخدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الاتهام لكنه لم يصدر عن الإدارة الأمريكية من قبل.
وتابع “من الواضح أكثر فأكثر أنّ بوتين يحاول ببساطة إلغاء فكرة أن يكون بوسع المرء حتى أن يكون أوكرانياً”. مضيفا “سنترك للمحامين على المستوى الدولي أن يقرّروا” ما إذا كانت الجرائم المرتكبة في أوكرانيا هي فعلاً إبادة جماعية أم لا، “لكن من المؤكد بالنسبة لي أنّ الأمر يبدو كذلك”.
وإذ لفت الرئيس الأمريكي إلى أن “الأدلة تتراكم” على “الأمور المروعة التي فعلها الروس في أوكرانيا”، توقع أن “نكتشف المزيد والمزيد” عن حجم الدمار في أوكرانيا.
من جهته رحب الرئيس الأوكراني في تغريدة بتصريحات الرئيس الأمريكي، لافتا إلى أنها “كلمات حقيقية لقائد حقيقي” لأن “تسمية الأمور بأسمائها هو أمر أساسي لمواجهة الشرّ”، مطالبًا بتزويد بلاده “بأسلحة ثقيلة بشكل عاجل”.
ميدانيًا، يواصل الوضع التدهور. وأكد حاكم منطقة دونيتسك بافلو كيريلنكو في مقابلة مع شبكة “سي.ان.ان” الإخبارية الأمريكية “مقتل ما بين 20 ألفا و22 ألف شخص في ماريوبول”. وأقر بـ”صعوبة تحديد عدد الضحايا”، نظراً للحصار المفروض على المدينة. والمدينة محاصرة ومعزولة عن العالم وتتعرض للقصف منذ أكثر من 40 يومًا.
وكتب رئيس بلدية المدينة فاديم بويشنكو عبر تلجرام ليل الثلاثاء أن “العملية الخاصة الوحيدة التي أنجزها بوتين هي عملية خاصة تهدف إلى تدمير ماريوبول وقتل مدنيين”.
وتابع: “ألمانيا الفاشية عام 1941 كانت تبدو لا تُقهر. لكن في نهاية المطاف، عوقب الشر. فقد تعفّن مجرمو الحرب في السجون أو تم القضاء عليهم. على مدى عقود، قدم الألمان سبل انتصاف. سيحصل الأمر نفسه مع روسيا. سيدفعون ثمن كلّ شيء”.
ومن شأن سيطرة الروس على ماريوبول تعزيز مكاسبهم الميدانية على الشريط الساحلي المحاذي لبحر آزوف من خلال ربط مناطق دونباس بشبه جزيرة القرم.
ووجود مجمع صناعي ضخم في ماريوبول حوّلته القوات الأوكرانية إلى إلى موقع محصّن ويضمّ مساحات تحت الأرض تمتد لكيلومترات، يعطي مؤشرًا إلى أن معركة السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية ستكون ضارية، وصولا حتى إلى استخدام الانفصاليين الموالين لروسيا في دونباس أسلحة كيميائية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن “القوات الروسية قد تستخدم مواد لمكافحة الشغب مختلفة بما في ذلك الغاز المسيل للدموع الممزوج بمواد كيميائية” ضد “المقاتلين والمدنيين الأوكرانيين في إطار حملتها العدوانية للاستيلاء على ماريوبول”.
في المقابل، أكد نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف لوكالة “ريا نوفوستي” أنه بالنسبة لموسكو “التهديد بإرهاب كيميائي” يأتي من جانب الأوكرانيين.
ومنذ أن أعلنت روسيا سحب قواتها من منطقة كييف لتركيزها بشكل أفضل في شرق البلاد، استعاد الأوكرانيون السيطرة على كافة المدن الواقعة قرب العاصمة والتي دُمّرت جراء المعارك.
وتؤكد السلطات الأوكرانية وجود مشاهد “مجازر” في هذه المدن وتتّهم موسكو بارتكاب “جرائم حرب”.
وأُخرجت الثلاثاء جثة رئيس بلدية غوستوميل يوري بريليبكو الذي قُتل في السابع من نيسان/أبريل، لعرضها على محققين أوكرانيين، في إطار تحقيق يرمي إلى تحديد ما إذا كان بريليبكو ضحية جريمة حرب. وأفاد صحافيون في وكالة الأنباء الفرنسية كانوا في المكان أن جثّته أُخرجت من التابوت وصوّرت الشرطة كل جرح من جروحه، وأحدها في رأسه.
والثلاثاء أعلنت النيابة العامة الأوكرانية العثور على جثث ستة أشخاص قتلوا بالرصاص في قبو بضاحية كييف الشرقية، لتُضاف إلى مئات الجثث التي عُثر عليها في الأسبوعين الأخيرين في محيط العاصمة.
وليس هناك حصيلة ضحايا مدنيين حديثة متوفرة حاليًا لكن العدد يتجاوز على الأرجح عشرات آلاف القتلى. وأثار العثور على عدد كبير من الجثث مطلع نيسان/أبريل في بوتشا قرب كييف، موجة تنديد دولية.
ووصف بوتين الذي تنفي بلاده مسؤوليتها عن أي فظائع في أوكرانيا، الثلاثاء “الاتهامات الموجهة إلى الجنود الروس بارتكاب مجازر بحق مئات المدنيين في بوتشا، بأنها “مضلّلة”.
على الصعيد العسكري، أقرّ الكرملين مؤخرًا بتكبده “خسائر فادحة” لكن بدون إعطاء أرقام. أواخر مارس، وأفادت موسكو بمقتل 1351 جنديًا من أصل 3825 جريحًا.
ويرى محللون أن الرئيس الروسي الذي اصطدم هجومه على أوكرانيا بمقاومة شرسة، يريد أن يحقق انتصارا في دونباس قبل العرض العسكري الضخم في الساحة الحمراء في 9 مايو بمناسبة ذكرى انتصار السوفيات على ألمانيا النازية عام 1945.
وفرّ أكثر من 4,6 ملايين لاجئ أوكراني من بلادهم منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير، وفق تعداد مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وأدت الحرب في أوكرانيا إلى سلسلة تداعيات على الاقتصاد العالمي وإلى ارتفاع في أسعار الطاقة والمواد الغذائية ما من شأنه أن يفاقم الفقر والجوع وأن يزيد أعباء الدين، وفق ما أعلن رئيس البنك الدولي الثلاثاء.