اتفاق روسي تركي على تخفيف التوتر في إدلب.. وأنقرة تعلن تدمير منشأة أسلحة كيميائية بسوريا
قالت وزارة الخارجية الروسية، اليوم، إن روسيا وتركيا اتفقتا على خفض حدة التوتر على الأرض في محافظة إدلب السورية مع مواصلة الأعمال العسكرية هناك. وجاء الاتفاق بعد محادثات استمرت عدة أيام في العاصمة التركية أنقرة.
وأضافت الوزارة أنه جرى بحث اتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق الاستقرار على نحو دائم في منطقة خفض التصعيد في إدلب… أكد الجانبان أن هدفهما هو خفض التوتر على الأرض مع استمرار القتال ضد الإرهابيين، بحسب “رويترز”.
وفي سياق متصل، أعلنت تركيا اليوم تدميرها «منشأة للأسلحة الكيميائية» تابعة للنظام السوري في شمال شرقي البلاد، رداً على ضربات جوية أسفرت عن مقتل جنودها يوم الخميس، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
كما أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل جندي وجرح 2 آخرين بهجوم للقوات الحكومية السورية في منطقة إدلب، أمس، الأمر الذي يرفع عدد القتلى بصفوف الجنود الأتراك إلى 51 قتيلا خلال شهر فبراير فقط.
ويأتي هذا الإعلان بعد يوم واحد على مقتل 33 جنديا تركيا في إدلب، الخميس، في حين قال مندوب تركيا الدائم في مجلس الأمن الدولي، فريدون سينيرلي أوغلو، قال إن الرادارات تقفت تشكيلات جوية لمقاتلات روسية وسورية كانت تحلق خلال استهداف الجنود الأتراك.
وأضاف: “لم نتعرف على جنسية الطائرات التي استهدفت موكبا ومواقع تركية”، لافتا على أن “القوات التركية كانت الوحيدة في المنطقة وتم استهدافها بصورة متعمدة”.
وكان مدير الاتصالات بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، في المؤتمر الصحفي، نقلًا عن الرئيس التركي قوله إن “تركيا تعتبر جميع عناصر النظام السوري هدفًا مشروعًا”، وأن “هذه الأهداف ستكون تحت النار”.
وأشار ألطون إلى أنه “لقد تم تذكير روسيا بكل وضوح أنها تتحمل مسؤولية إيقاف النظام وفقًا للمادة 3 من اتفاقية سوتشي”.
ووثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم، مقتل ما لا يقل عن 10 عناصر من “حزب الله” اللبناني، بينهم قياديين خلال المعارك والاشتباكات في مدينة سراقب ومحيطها، فيما رصد المرصد السوري حشودا عسكريا لقوات “حزب الله” اللبناني في محيط سراقب وريف حلب الجنوبي.
على صعيد متصل، تتواصل المعارك في محيط سراقب، وسط قصف مدفعي تركي، وقصف من طائرات “الضامن” الروسي، حيث استهدفت سرمين وقميناس في محيط سراقب.
وبذلك، يرتفع عدد الغارات إلى 114، استهدفت مدينة سراقب ومحيطها والترنبة ومناطق في جبل الزاوية وغرب إدلب.
كما ارتفع عدد الغارات من طائرات النظام الحربية إلى 12، استهدفت سراقب وسرمين بريف إدلب.
وشنت طائرات النظام الحربية غارات جوية صباح اليوم على أماكن في مدينة سراقب شرق إدلب، في حين واصلت الطائرات الروسية ضرباتها الجوية على محافظة إدلب بعد منتصف ليل الجمعة – السبت وفجر اليوم، حيث شنت غارات عدة على مناطق في سراقب وسرمين بريف إدلب الشرقي، في حين رصد المرصد السوري قصفاً صاروخياً نفذته قوات النظام على أماكن في سراقب وسرمين ومحيط بنش والمسطومة وقميناس وداديخ وزكار ومعارة عليا وكفر بطيخ ومعارة النعسان بالريف الإدلبي، وسط اشتباكات متواصلة تشهدها محاور في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، بين الفصائل ومجموعات جهادية من جانب، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب آخر، في إطار الهجوم المتواصل من قبل الأخيرة بغية تحقيق تقدمات جديدة والسيطرة على كامل محافظة حماة.
أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأن كل عناصر النظام السوري أصبحت أهدافاً مشروعة للقوات التركية، وسيتم ضربها رداً على مقتل 33 جندياً تركياً في قصف جوي سوري على نقطة مراقبة تركية في جنوب إدلب الليلة قبل الماضية، أسفر أيضاً عن إصابة 32 جندياً آخرين.
وقال رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، في تصريحات، إن إردوغان دعا بوتين، خلال اتصال هاتفي بينهما أمس، إلى أن تفي روسيا، التي تدعم دمشق بالضربات الجوية، بمسؤولياتها في إدلب، وتوقف هجمات جيش النظام السوري.
وأضاف ألطون أن الرئيسين التركي والروسي اتفقا على عقد لقاء بينهما في أقرب وقت ممكن، مشيراً إلى أن إردوغان أبلغ بوتين بأن وضع اللاجئين الحالي على طول الحدود التركية كان بسبب إهمال النظام السوري وأعماله المتعمدة، وأكد بوضوح أن دماء الجنود الأتراك لن تضيع سدى.
وأضاف أن إردوغان أبلغ بوتين أيضاً بأن تركيا تتوقع أن تعمل روسيا على جعل النظام يمتثل لتفاهم سوتشي الموقع بين تركيا وروسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، بشأن إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة في إدلب، مشيراً إلى أن الهجمات التي يشنها النظام على الجنود الأتراك لا يمكن أن تغير موقف تركيا من إدلب، وذكر روسيا بالوفاء بمسؤوليتها عن طريق إيقاف نظام الأسد على أساس المادة 3 من مذكرة التفاهم في سوتشي.
وتابع ألطون أن إردوغان سيبلغ نظيره الأميركي دونالد ترمب، في اتصال هاتفي، بأن الدعم الشفهي فيما يتعلق بمنطقة إدلب السورية لا يكفي، وأن أنقرة تتوقع دعماً «فعلياً»، مشيراً إلى أن إردوغان سيجري اتصالات أيضاً مع قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا حول التطورات في إدلب.
وفي السياق ذاته، قال الكرملين إن بوتين وإردوغان اتفقا، خلال الاتصال الهاتفي، على ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة لتخفيف التوتر، وإعادة الوضع لطبيعته في شمال غربي سوريا. وذكر الكرملين، في بيان، أن بوتين وإردوغان اتفقا على ترتيب اجتماع رفيع المستوى لبحث الوضع في إدلب السورية الذي قال الرئيسان إنه مبعث «قلق بالغ».
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الرئيسين الروسي والتركي بحثا، عبر مكالمة هاتفية، مستجدات الوضع الراهن في إدلب، في اتصال تم بناء على طلب من الجانب التركي، مشيراً إلى أن المحادثات بين تركيا وروسيا مستمرة.
وواصل الوفدان التركي والروسي، أمس، اجتماعاتهم حول إدلب، لليوم الثالث على التوالي، في مقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول التهدئة.
وكانت تركيا رفضت الرواية الروسية حول مقتل جنودها في سوريا، حيث أعلنت موسكو أن الجنود كانوا برفقة عناصر مسلحة أخرى (في إشارة إلى مسلحين من الفصائل السورية) عندما تم استهدافهم.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن الضربات الجوية على منطقة إدلب السورية، التي أسفرت عن مقتل 33 من الجنود الأتراك، حدثت رغم التنسيق مع المسؤولين الروس على الأرض، وإن الهجمات استمرت بعد تحذير صدر عقب الضربات الأولى.
وأضاف أكار، في تصريحات أمس من غرفة عمليات الجيش التركي في ولاية هطاي الحدودية مع سوريا، أن تركيا ردت على الضربة السورية، وأن 309 من جنود الجيش السوري المدعومين من موسكو قتلوا في إطار الرد التركي، وتم أيضاً تدمير كثير من المروحيات والدبابات والآليات التابعة للنظام.
وأمضى أكار وقائد القوات البرية التركية الساعات الأولى من صباح أمس في مركز العمليات، حيث أدار أكار بنفسه عملية الرد على الضربة السورية، وقال: «استهداف جنودنا وقع رغم التنسيق الميداني مع المسؤولين الروس حول إحداثيات مواقع قواتنا. ورغم تحذيراتنا عقب القصف الأول، استمرت الغارات الجوية، وطالت حتى سيارات الإسعاف… نؤكد أنه لم تكن هناك أي مجموعة مسلحة في محيط وحداتنا خلال الهجوم الأخير على قواتنا في إدلب».
وقال وزير الدفاع التركي إنه تم قصف أكثر من 200 هدف للنظام السوري بعد الهجوم على جنود تركيا، بشكل مكثف، عبر مقاتلات وطائرات مسيرة مسلحة، ووسائط الإسناد الناري البرية، وتم تحييد 309 من عناصر قوات النظام السوري، وتدمير 5 مروحيات، و23 دبابة، و23 مدفعية، ومنظومتين للدفاع الجوي من طراز (إس إيه 17) و(إس إيه 22). كما تم تدمير 10 مدرعات، و5 شاحنات لنقل الذخيرة، و3 مستودعات للذخيرة، ومستودعين لمستلزمات عسكرية، وأحد المقرات التابعة لقوات النظام.
وأكد أكار أن القصف في إطار الرد على هجوم النظام «ما يزال مستمراً»، مضيفاً: «ستتواصل عملياتنا لحين كسر الأيادي الملطخة بالدماء التي تتطاول على جنودنا والمظلومين في المنطقة».
وفي مقابل تصريحات أكار حول مقتل 309 من قوات النظام السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 16 عنصراً من قوات النظام في قصف مدفعي وبالطائرات المسيرة نفذه الجيش التركي في إدلب، غداة مقتل 33 جندياً تركياً في غارات جوية نسبتها أنقرة إلى دمشق.
وكان الرئيس إردوغان قد ترأس، في وقت متأخر ليل أول من أمس، اجتماعاً أمنياً استمر 6 ساعات. وأعلنت الرئاسة التركية، فجر أمس، أنه تقرر خلال الاجتماع الرد بالمثل على النظام السوري.
وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، عقب الاجتماع الأمني، إن بلاده «استهدفت جميع أهداف النظام السوري المحددة بنيران العناصر المدعومة جواً وبراً، وستواصل الاستهداف، وطالبت تركيا القوى العالمية بفرض منطقة حظر طيران في سوريا بدعوى حماية مئات الآلاف من النازحين بسبب الاشتباكات.
وحجبت سلطات تركيا عدداً من وسائل التواصل الاجتماعي، منها «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام»، عقب الهجوم الذي استهدف قواتها في إدلب، وجعلت الوصول إلى تطبيقات أخرى، مثل «واتساب» و«يوتيوب»، مقيداً بشكل جزئي.
وأعلنت دول أوروبية حالة الاستنفار تحسباً لموجة جديدة من المهاجرين واللاجئين عقب أنباء أفادت بأن تركيا لن تعترض سبيل من يريد منهم التوجه إلى أوروبا. وتوافد آلاف المهاجرين من جنسيات مختلفة على سواحل بحر إيجه والولايات التركية الحدودية مع اليونان وبلغاريا منذ فجر أمس.
وكان مسؤول تركي قد أبلغ «رويترز»، الليلة قبل الماضية، بأن حكومة بلاده قررت السماح للاجئين الموجودين على أراضيها بالوصول إلى نقاط انطلاق قوارب المهاجرين إلى أوروبا، وذلك بعد أشهر من التشديد الأمني، وفقاً لاتفاق الهجرة واللاجئين الموقع بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في مارس 2016.
وأعلنت اليونان أمس أنها تعتزم وضع جدار عائم يمتد لمسافة 2.7 كم، بارتفاع 1.10 متر، للحيلولة دون عبور اللاجئين جزر «بحر إيجه» في ولاية جناق قلعة شمال غربي تركيا.
من جانبه، قال رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف إن بلاده قررت تشديد الإجراءات الأمنية على طول حدودها الجنوبية الشرقية مع تركيا، وقال خلال اجتماع حكومي أمس: «لدينا معلومات عن زحام كبير… نطبق أقصى قدر من السيطرة على الحدود».