إلى أين تذهب العلاقات الأمريكية السعودية؟| الغضب يجتاح الولايات المتحدة.. وواشنطن تُهدد الرياض بـ”عواقب” وسط مطالبات بمراجعة العلاقات
كتب – أحمد سلامة
أكدت وسائل إعلام أمريكية وأجنبية أن رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، تعهد بـ”عواقب” على المملكة العربية السعودية بعد قرارها في “أوبك+” بخفض انتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميًا.
قال بايدن في تصريح لمراسل “سي إن إن”، إنه “ستكون هناك بعض العواقب لما فعلوه مع روسيا”.. لكن القناة الأمريكية قالت إن الرئيس لم يحدد خياراته أو جدوله الزمني، تاركا التفاصيل غامضة عمدا، مُعلقًا “لن أخوض في ما أفكر فيه وما يدور في بالي. لكن ستكون هناك عواقب “.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” “وسط غضب عميق من قرار الأسبوع الماضي من قبل منظمة أوبك بلس التي تقودها السعودية، أعلن موظفو بايدن أنه سيعيد تقييم العلاقة بأكملها مع المملكة العربية السعودية وأعرب عن انفتاحه على الإجراءات الانتقامية التي يقدمها الديمقراطيون في الكونجرس مثل الحد من مبيعات الأسلحة أو السماح القانوني. العمل ضد الكارتل”.
وأشارت الصحيفة إلى أن المعارضة الرئاسية سلطت الضوء على التداعيات المحلية والدولية لخطوة تقليص الإمدادات البترولية في السوق بما يصل إلى مليوني برميل يوميًا لتعزيز سعر النفط. قبل أسابيع قليلة من الانتخابات النصفية الحاسمة التي قد تؤدي إلى زيادة تكلفة البنزين في المضخة، كان ينظر إلى خفض الإنتاج على أنه خيانة من قبل البيت الأبيض، الذي اعتقد أن لديه تفاهمًا مع القادة السعوديين عندما زار بايدن في الصيف الحفاظ على تدفق النفط.
واستكملت “كما قوضت تلك الخطوة السعودية جهود بايدن لعزل روسيا الرئيس فلاديمير بوتين بسبب غزوه لأوكرانيا، مما وفر راحة كبيرة لموسكو، التي تعتمد على صادرات النفط. وبدلاً من التمسك بحليفها التقليدي في واشنطن، انحازت المملكة العربية السعودية فعليًا إلى روسيا حتى في الوقت الذي كانت فيه الصين والهند تنأى بنفسها عن الكرملين”.
واستكملت “جاء القرار بعد ما وصفه مسؤولون أمريكيون وأجانب يوم الثلاثاء بأنه جهود ضغط مكثفة في اللحظة الأخيرة من قبل إدارة بايدن وأعضاء آخرين في أوبك كانوا مترددين في ضخ كميات أقل من النفط. أصر المسؤولون السعوديون على تقليص الإنتاج بالقول إن السعر قد ينخفض بشكل خطير.. فيما ناشد مستشارو بايدن المسؤولين السعوديين الانتظار شهرًا آخر حتى يجتمع أعضاء أوبك بلس مرة أخرى في 3 نوفمبر لمعرفة ما إذا كانت الأسواق قد تراجعت بالفعل بالطريقة التي تخشى الرياض. وأرسل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، مستشاره للأمن القومي إلى الرياض لحثه على توخي الحذر”.
واسترسلت “لكن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي شرع في مشاريع طموحة ومكلفة مثل بناء مدينة مستقبلية عالية التقنية في الصحراء بقيمة 500 مليار دولار، رفض المناشدات، بحجة أن انخفاض أسعار النفط سيهدد ميزانيته المعتمدة على الطاقة”.
ونبهت الصحيفة إلى أن موجة الغضب الأمريكي من الرياض ازدادت في الأيام الأخيرة مع سقوط أحد وابل من الصواريخ الروسية على العاصمة الأوكرانية كييف، مضيفة “جاء قرار بايدن بمراجعة العلاقة بعد يوم من دعوة السيناتور بوب مينينديز، الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية، إلى تجميد فوري لـ (جميع جوانب تعاوننا مع المملكة العربية السعودية)، وتعهده باستخدام القدرة على منع مبيعات الأسلحة في المستقبل”.
وشن عدد من النواب هجومًا حادًا على المملكة السعودية خلال الأيام الماضية إذ قال السيناتور ريتشارد جيه دوربين من ولاية إلينوي، إن المملكة العربية السعودية تريد بوضوح أن تنتصر روسيا في الحرب على أوكرانيا، مضيفا “دعونا نكون صريحين للغاية بشأن هذا، إن بوتين والسعودية ضد الولايات المتحدة”.. فيما أعلن عضوان ديمقراطيان آخران، هما السيناتور ريتشارد بلومنتال من ولاية كونيتيكت والنائب رو خانا من كاليفورنيا، أنهما سيقدمان تشريعات تقلل مبيعات الأسلحة إلى المملكة.
من جانبه، قال جون إف كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي، إن الرئيس مستعد لمناقشة الخطوات التالية مع أعضاء الكونجرس.. مضيفًا “بالتأكيد في ضوء التطورات الأخيرة وقرار أوبك بلس بشأن إنتاج النفط، يعتقد الرئيس أنه يجب علينا مراجعة العلاقة الثنائية مع المملكة العربية السعودية وإلقاء نظرة لمعرفة ما إذا كانت هذه العلاقة في المكان الذي يجب أن تكون فيه”.
وفي بادرة استياء أولية، أبلغت إدارة بايدن السعوديين أنها لن تشارك في اجتماع مجدول لمجموعة عمل إقليمية مخصصة للدفاع ضد الضربات الجوية الإيرانية المحتملة، وفقًا لمسؤول أمريكي تحدث لـ”نيويورك تايمز”، على الرغم من إعادة تحديد موعد الجلسة.
ونبهت وسائل الإعلام الأمريكية إلى أن بايدن واجه انتقادات لاذعة بسبب زيارته للسعودية في يوليو، على الرغم من وعد حملته بجعل المملكة “منبوذة” دوليا لقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وفي سياق تحليلها للموقف، قالت صحيفة “جارديان” البريطانية، إن تصريحات الرئيس الأمريكي أشارت إلى التخلي الدراماتيكي عن محاولات بايدن الأخيرة للسعي إلى التقارب مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتلقي بظلال من الشك على مستقبل العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة والسعودية.