إكرام يوسف في حوار لـ”درب”: زياد العليمي يدفع ثمن انحيازاته.. و”قلقانه” على وضعه الصحي وأحلم بيوم خروجه
زياد قوي وصلب.. ورسالته لأحبابه في آخر زيارة “باقون وللحلم بقية”
أعيش لحظات قهر وقلق ممتزجة بأمل بعودته قريبا.. وأسر المعتقلين يسددون جزءا من فاتورة الحرية لغد أفضل للمصريين
الحالة الصحية لزياد ساءت بعد سجنه وأواجه صعوبة في إدخال الطعام له.. وما يقبله ضابط تفتيش يرفضه آخر.. والكتب ممنوعة
غياب زياد أوقف حال الأسرة وأفتقد نقاشنا الدائم ومناكفاتنا الودودة.. والسنة الماضية أصعب فترات حياتي وأحتاج لوجوده بجانبي في كل وقت
شعرت بعبثية الموقف والعسكري ينادي على متهمي “الأمل” في عصر أصبح “المستقبل” اسم أحد سجونه
حوار- محمود هاشم:
توقفت آلة الحياة الطبيعية عند إكرام يوسف منذ عام مضى، وتحديدا منذ إلقاء القبض على نجلها البرلماني والقيادي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي زياد العليمي في القضية المعروفة إعلاميا “تحالف الأمل”، لكن حماسها لم يفتر بعد، وما زال يحدوها أمل، وإن كان ضعيفا، بيوم ترى فيه زياد مرة أخرى في منزله.
تؤمن إكرام يوسف أن زياد ورفاقه يدفعون ثمن اختياراتهم، لذا لا تتحسر على ما آلت إليها الأمور في السنوت الأخيرة. وفي حوار مع “درب” تتحدث يوسف عن مشاعرها بعد مرور عام على اعتقال العليمي.
وإلى نص الحوار:
ما هي آخر التطورات في اتهام زياد ضمن قضية “تحالف الأمل”؟
لا جديد في القضية حتى الآن، فبعد فشل محاولة إخفاء زياد قسريا منذ عام، وإدخاله ضمن قائمة المتهمين في “تحالف الأمل”، لا نعرف عن القضية سوى الاتهامات التي تتضمنها، بالإضافة إلى قرارات تجديد الحبس المستمرة على ذمتها منذ عام، دون أن تسفر التحقيقات عن أي جديد، وهو ما نتوقعه في ظل الظروف التي تعيشها حاليا.
ماذا عن الحكم عليه في اتهامه بدعوى “الإساءة لسمعة مصر”؟
التهم على شاكلة “الإساءة لسمعة مصر”، تبدو “معلبة” و”مجهزة مسبقا” بشكل واضح، حيث قدم محام يدعى أبو النجا المحرزي بها بلاغا منذ 3 سنوات، بدعوى تصريحه بأن مصر بها 60 ألف سجين رأي، وصدر الحكم فيها بالحبس لمدة عام، وغرامة 20 ألف جنيه، على الرغم من أن زياد ومحامييه لم يعرض عليهم أي شريط فيديو للبرنامج الذي يزعم المحرزي أن نجلي قال فيه هذا الكلام، ونحن بصدد الطعن بالنقض على الحكم.
وكيف ترين مسار القضية من وجهة نظرك؟
المحامون يبذلون أقصى ما في وسعهم في سبيل العمل على خروج زياد، ويسيرون وفقا ما درسوه في القانون، لكن الأمر في حقيقته يبدو أنه ليس له علاقة بالقانون منذ بدايته.
وما هي قصة أبو النجا المحرزي صاحب البلاغ المقدم ضد زياد في قضية حبسه؟
المحرزي ليس له دور في القبض على نجلي، فقد تم اختطاف زياد ثم ضمه لما تعرف بقضية تحالف الأمل، الذي كان تحالفا من المقرر عقده بين مجموعة أعضاء أحزاب شرعية لدخول الانتخابات البرلمانية، وكان زياد مكلفا من حزبه، بالتنسيق مع الأحزاب الحليفة.
وبعد 4 أشهر من حبس نجلي دون أي أدلة اتهام في القضية، فجأة علمنا ببلاغ قدمه المحرزي ضده منذ 3 سنوات، لكن المحامين دفعوا بكيدية الاتهام، لأن المحرزي كان قد طلب دخول الانتخابات على قوائم الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي يعد زياد عضوا في هيئته العليا، فتم رفض طلبه، ما دفعه لتقديم بلاغ في زياد انتقاما منه.
وما تفسيرك للمفارقة في اسم القضية “تحالف الأمل”؟
أطرف لحظة بالنسبة لي بخصوص هذا الأمر، أننا عندما كنا نقف على باب السجن، كان العسكري ينادي على “متهمي الأمل”، كنت أشعر بعبثية الموقف، نحن ذاهبون لزيارة شباب محبوسين بتهمة “الأمل”، اتساقا مع فترة اسم أحد السجون به “المستقبل”.
البعض يلمح إلى أن استدعاء القضايا ضد زياد وراءه تصريحاته بشأن المشير طنطاوي خلال فترة عضويته بالبرلمان؟
قصة المشير القديمة تتلخص في استخدام زياد حقه الدستوري في تقديم استجواب بشأن مذبحة بورسعيد للمسئول عن البلاد في ذلك الوقت، ويبدو أن طلب الاستجواب أثار غضب البعض، لكن كل ذلك لا يصح أن يكون السبب في زج مواطن في 3 قضايا، حيث تم إدراج زياد مؤخرا على قوائم الإرهاب من دون تحقيق أو أدلة، ولو كان هذا هو السبب كما يعتقد البعض، تبقى القضية كلها كيدية وانتقاما شخصيا، لتشكل دليلا على براءته من كل هذه القضايا.
كأم تعانين كثيرا بسبب وجود ابنك في السجن.. هل واجهتهم تعنتا في أثناء زيارته أو التواصل معه؟
لم يسمح لنا بزيارة زياد منذ 10 مارس الماضي، والمسموح حتى الآن فقط هو إدخال أموال للأمانات، فضلا عن الأدوية، ومنذ شهر فقط تم السماح بدخول وجبة له كل 15 يوما، باعتباره محكوما عليه، وفي كل مرة نعاني بشكل كبير من أجل إيصال الاحتياجات له في ظل التضييقات المستمرة علينا في أثناء زيارته.
وفي زيارتنا الأخيرة له خلال جلسة المحكمة، سألناه إن كانت هناك رسالة يرغب في إيصالها إلى أي من أصدقائه أو أحبابه، فرد علينا بكلمات الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: “لم نحلم بأشياء عصية، نحن أحياء وباقون.. وللحلم بقية”.
الأوضاع الصحية لزياد تزداد خطورة مع فترة وجوده في السجن.. كيف تتعاملون مع الأمر في ظل المخاوف على صحته؟
لا توجد أي وسيلة تواصل مع زياد حاليا، ولا أعلم كيف يقضي يومه داخل السجن، ما يسبب لي قلقا دائما، خاصة في ظل المخاوف من فيروس كورونا المستجد، بالإضافة لذلك أرسل له الأدوية بحسب توقعي، وهو توقع غير دقيق بالتأكيد، لكن سببه عدم معرفتنا بالنواقص التي يحتاجها، لأن زياد يعاني من أمراض عدة، لكنني لا أستطيع إدخال مخزون دوائي شهري له، تخوفا من تأثر المادة الفعالة بحرارة الجو، فتصبح بلا جدوى.
مؤخرا عرفنا أيضا أن زياد وزملاءه يعانون من وجود حشرات داخل الزنزانة قد تكون سببا في نقل أمراض خطيرة بين السجناء، خاصة حشرة البق، لكننا لا نعرف كيف يتغلبون على هذه الأزمة، لذا حاولت إدخال زيوت عطرية له علمت أنها تقضي على الحشرات لكنهم رفضوها.
وهل تواجهين صعوبات في إيصال الطعام إليه داخل السجن؟
في كل مرة أفكر في إعداد الوجبات التي يفضلها زياد لتسليمها له في زنزانته، إلا أنني دائما ما أواجه عقبة رفض إدارة السجن إدخال أنواع معينة من الطعام له، ويختلف الأمر باختلاف الضابط المكلف بتفتيش الزيارة، فما يكون مقبولا في مرة، يمنع في المرة التالية وهكذا، أما الكتب فهي ممنوع دخولها منذ قرار منع الزيارات.
وما أكثر شيئ افتقدتيه بغيابه؟ وفي أي وقت كنتي محتاجة تحتاجي لوجوده إلى جانب بشكل أكبر؟
افتقدت نقاشنا الدائم ومناكفاتنا الودودة، وحنيته واهتمامه بأخيه الوحيد الذي فتح عينيه على الدنيا فوجده كل أسرته، كما أفتقد اتصالاته التليفونية يوميا للاطمئنان علينا، أنا الآن بحاجة إليه بجانبي في كل وقت ولحظة، ولا أتوقف عن التفكير في أوضاعه ليلا ونهارا.
مع مرور عام على حبس العليمي.. كيف أثر غيابه على أسرتكم؟
منذ اعتقال زياد، قسمت روتيني اليومين حاليا بين متابعة الأخبار المتعلقة به وبقضايا زملائه، والتعريف بقضية زياد وزملائه، ومتابعة واجباتي الأسرية نحوه ونحو الأحفاد، آملة أن أستيقظ في وقت ما على خبر عودته، فغيابه أوقف حال الأسرة بشكل كامل، ومعظم ترتيباتنا مؤجلة لحين خروجه بسلام، نفتقده كثيرا خاصة في الفترة الحالية، في ظل احتياجنا لوجوده معنا وقلقنا الشديد على صحته.
هل ترين أن زياد يدفع فاتورة مواقفه السياسية الداعمة لمباديء ثورة 25 يناير؟
زياد قوي وصلب وثابت، لأنه حدد انحيازاته منذ فترة مبكرة، وهو يعلم أنه يدفع ثمن التعبير السلمي عن الرأي، الذي هو حق لجميع المصريين، ولو عاد به الزمان أنا على ثقة أنه لن يغير توجهاته مهما كانت المغريات أو الضغوط الواقعة عليه.
على الرغم مما تعانيه كأم.. تبدو نبرة الأمل ظاهرة في حديثك؟
العام الذي مر علينا من دون وجود زياد كان من أصعب الفترات في حياتنا بالتأكيد، لك أن تتخيل لحظات القهر والقلق تمر من شريط حياتك يوميا ممتزجة بأمل يبشرك بعودة قريبة لنجلك، وهو ما نزال متمسكين به، ونحن نؤمن أننا والمعتقلين وأسرهم نسدد جزءا من فاتورة الحرية من أجل غد أفضل للمصريين.