إعدام الشجر في قنا| مواطنون: “الري” أنذرتنا بقطع الأشجار وإما نُعاقب بغرامة مالية.. ومسؤول بوزارة البيئة: لم يتم التنسيق معنا
مواطنون يتلقون إنذارات لقطع الأشجار ومسؤول في «البيئة» يتهم «الري» بالقيام بذلك دون الرجوع إليها.. ووكيل ري قنا: تعوق أعمال الصيانة والتطهير
كتب- إسلام عز الدين
“عيش يابن آدم بِكر زي الشجر.. موت وانت واقف زيه في مطرحك”، كلمات كتبها الشاعر سيد حجاب في مقدمة مسلسل “الوسية”، لكن الشجر الذي تحدث عنه حجاب لم يعد كما كان، فالموت في الوضعية الطبيعية صار رفاهية حتى بالنسبة لـ”أشجار الوسية”، فقد امتدت إليه أيادٍ تقتلعه من جذوره وتقتله، بل وتفرض عقوبات مالية على غير المشاركين في عملية الإعدام الجماعي.
فحسبما كشف مواطنون في محافظة قنا لـ”درب”، قامت مديرية الري بالمحافظة بتوجيه إنذار بضرورة بقطع الأشجار الموجودة أمام منازلهم وخاصة على الطرق بدعوى أنها تقلل من مياه الري.
عباس إسماعيل، مواطن من إحدى قرى مركز ومدينة نجع حمادي، قال إن عددًا من أهالي قريته وقرى أخرى تلقوا إنذارات بوجوب قطع الأشجار الموجودة أمام منزلهم وإلا سيتم تغريمهم ماليًا.
وأضاف إسماعيل أنه بحسب الإنذار فيمكن للشخص سيحصل على أخشاب التي اقتطها، أما في حال تقاعس عن ذلك ستزيل «الري» الأشجار وتحصل على خشبها، إلى جانب تغريم الشخص مبلغا ماليا لا يقل عن مائة جنيه وقد يصل لـ5 آلاف، حسب تأكيده.
وأشار إسماعيل، إلى أنه لن يزيل الشجر أمام منزله، لافتًا إلى أنه لم يقم بزراعته من الأساس.. وحسبما قال فإن «الحكومة هي اللي زارعاها»، لافتا إلى أنه لم يصله أي إنذارات حتى الآن ولن يدفع أي غرامات لاحقا -في حال مطالبته بذلك- على شيء لم يفعله.
وعبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، قال طارق الجمل، أحد أبناء مدينة نجع حمادي، أنه خلال الفترة الأخيرة لوحظ «قيام الوحدات المحلية بإنذار المواطنين الذين توجد أمام منازلهم أشجار مثمرة أو أشجار ظل بضرورة قطعها وبالفعل تم قطع عدد كبير من تلك الأشجار بمعرفة المواطنين».
وأضاف متسائلا: «لماذا يتم قطع الأشجار، وهل هذا بقرار من وزارة الري كما سمعنا، وإن كان بالفعل قرار وزارة الري فهل وزارة الري تناقض وزارة البيئة حيث نص قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، على معاقبة كل من يتعدى على الأشجار بالقطع، بالحبس والغرامة بمبلغ لا يقل عن 5000 جنيه، ولا يزيد عن 50000 جنيه، ومصادرة الأدوات والمعدات المستخدمة في ارتكاب المخالفة».
من جهتها، قالت أماني صلاح، مدير مكتب شئون البيئة بالوحدة المحلية بمركز ومدينة نجع حمادي، إن وزارة الري هي من توجه المواطنين بقطع الأشجار الموجودة على الترع، لافتة إلى ذلك يتم دون التنسيق مع وزارة البيئة التي تحظر قطع الأشجار أو إتلافها عن عمد دون موافقتها.
وشددت صلاح على أن وزارة البيئة هي الجهة الوحيدة اللي من سلطتها الموافقة على قطع الأشجار أو حتى تهذيبها. وأوضحت أن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها مديرية الري بقطع أشجار دون الرجوع إليها، لافتة إلى أن «الري» سبق وقطعت أشجار في قرية الرحمانية التابعة لمركز ومدينة نجع حمادي دون إبلاغ البيئة.
وأكدت مدير مكتب شئون البيئة بمدينة نجع حمادي، أنه وفقا للقانون يجب أن تعود وزارة الري إلى وزارة البيئة و«احنا بنشكل لجنة ونشوف هل هناك ضرورة تستوجب قطع هذه الأشجار وهل هذه الأشجار من المنصوص عليها في القانون والتي يحذر قطعها».
وأضافت: «بنشكل لجنة لو اللجنة دي قالت قطعها لا يسبب أي ضرر والفائدة التي ستعود أكبر البيئة بتوافق.. المهم متكونش ضمن الأشجار المنصوص عليها في القانون».
وتنص المادة 28، قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، على أنه يحظر بأية طريقة قطع أو إتلاف النباتات أو حيازتها أو نقلها أو استيرادها أو تصديرها أو الاتجار فيها كلها أو أجزاء منها أو مشتقاتها أو منتجاتها، أو القيام بأعمال من شأنها تدمير موائلها الطبيعية أو تغيير الخواص الطبيعية لها أو لموائلها.
فيما تنص المادة 84، على أنه مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب كل من يخالف أحكام المادة (28) من هذا القانون بالحبس، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
من جهته، اعترف صبري مختار، وكيل وزارة الري بقنا والأقصر بأن عملية قطع الأشجار التي تتم مؤخرا في محافظة قنا تجري دون الرجوع أو التنسيق مع وزارة البيئة، لكنه نفى في تصريحات لـ”درب” ما يقوله مواطنون بأن السبب هو أن هذه الأشجار تقلل من مياه الري، حيث قال «لا مش حقيقي، مش حقيقي؛ هذه الأشجار بتعوق أعمال الصيانة فقط».
وقال مختار إن «هذه الأشجار مزروعة في منافع/ أملاك وزارة الري دون الرجوع أو الترخيص من الوزارة أو التنسيق مع وزارة البيئة»، مضيفا أن هذه الأشجار تم زراعتها من قبل الأهالي بطريقة خاطئة أدت إلى إعاقة أعمال التطهير والصيانة للمجاري المائية.
وأردف: «المواطن لما جيه زرع، زرع بطريقة متراصة ومتلاصقة ما يمنعنا من تطهير المجاري المائية خاصة أن التطهير حاليا ميكانيكي وليس يدوي (العمالة اليدوية) ونتيجة لذلك نحن نضطر وبدون الرجوع للبيئة أو التنسيق معها إن احنا نشيل الأشجار دي اللي بتعوق أعمال التطهير فقط».
وأكد وكيل وزارة الري بقنا والأقصر، أن «الري» تزيل الأشجار التي تعوق أعمال التطهير والصيانة فقط.. «يعني لو فيه صف فيه 5 أشجار بنخفف هذه الأشجار بحيث يقدر يعدي الحفار يطهر».
وشدد مختار على أنهم غير متعسفين في تطبيق القانون، لافتا إلى أن الأشجار البعيدة عن الترع ولا تعوق أعمال الصيانة لا يتم إزالتها.. «ما يعنينا هو أعمال التطهير والصيانة».
وذكر بعض المواطنين لـ”درب” أن أعمال قطع الأشجار طالت أشجارا تجاوز عمرها 30 عاما، وهو ما اعترف به وكيل وزارة الري بقنا والأقصر، لكنه قال إن «هذه الأشجار حينما زرعت لم تكن تعوق أعمال التطهير لكن اللي حصل إن هذه الأشجار بقت تكبر وتنمو حتى أصبحت متلاصقة مع بعضها وبقت تعوق أعمال التطهير».
يذكر أن الأشجار تعد رئة الكوكب، فهي تنتج الأوكسجين النقي بمعدل 1.5 – 3 طن / كم2 يوميًا. وتنظم الأشجار المناخ وتحافظ على رطوبة الهواء ودرجة الحرارة بواسطة النتح والتبخر.