إردوغان يقاضي صحفية معتقلة ورئيس قناة تركية بتهمة “إهانته”: طالب بتعويض قدره 250 ألف ليرة
الحرة
رفع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، دعوى قضائية بتعويض قدره 250 ألف ليرة تركية ضد الصحفية الشهيرة، صدف كاباش، التي اعتقلتها السلطات التركية قبل أسابيع بتهمة “إهانة رئيس الجمهورية”.
وفي الالتماس المقدم إلى محكمة إسطنبول المدنية الابتدائية من محامي الرئيس، أحمد أوزيل، ورد أن المدعى عليها صدف كاباش، وبالتصريحات التي استخدمتها في برنامجها التلفزيوني “أهانت كرامة الرئيس إردوغان وشرفه، بقصد الاعتداء على حقوقه الشخصية”.
وأشير في الالتماس إلى أن “إهانة كاباش الجسيمة للرئيس إردوغان تسببت في أحداث من شأنها زعزعة السلم العام، ودفع المجتمع إلى الحقد والكراهية”.
وأكد محامي الرئيس أنه “ليس من الممكن قانونيا قبول والتسامح مع اتهامات كاباش التي لا أساس لها من الصحة بالتشهير بإردوغان بتعبيرات مذلة ومهينة وغير واقعية تتجاوز حدود حقه وواجبه في الانتقاد”.
واستهدفت الدعوى القضائية أيضا التي رفعت، الأربعاء، رئيس مجلس إدارة قناة “tele 1″، فرات صقر.
وذكرت وكالة “الأناضول” شبه الرسمية أن عريضة الدعوى “طلبت تعويضا معنويا قدره 250 ألف ليرة من كاباش وصقر”.
من جانبه أشار محامي الصحفية التركية، أوغور بويراز عبر حسابه في موقع التواصل “تويتر” إلى أنه وبينما كانت موكلته تنتظر لائحة الاتهام في السجن، رفع إردوغان ضدها دعوى قضائية بتعويض قدره 250 ألف ليرة.
ما قصة “كاباش”؟
وكانت كاباش قد اعتقلت في 22 من يناير الحالي، بعدما فُسرت كلماتها في مقابلة تلفزيونية على قناة “تيلي 1” على أنها “إهانة لإردوغان”، حيث قالت: “هناك مثل شهير جدا يقول إن الرأس المتوج يصبح أكثر حكمة. لكننا نرى أن ذلك ليس صحيحا. الثور لا يصبح ملكا بدخول القصر، بل إن القصر يصبح حظيرة”.
وتعتبر هذه الصحفية من أبرز الوجوه الإعلامية في تركيا، وتعرف منذ سنوات بحدة انتقادها للحكومة التركية والحزب الحاكم في البلاد (العدالة والتنمية).
وعلى الرغم من الضجة الإعلامية التي أحدثها قرار اعتقالها، خلال الأيام الماضية إلا أن الحكومة التركية تواصل التصعيد ضدها.
والأسبوع الماضي كان إردوغان قد توعد بأنها “لن تفلت من العقاب”.
وقال في مقابلة تلفزيونية: “من واجبنا حماية واحترام وظيفتي والرئاسة”، معتبرا أن توقيف كاباش “لا علاقة له بحرية التعبير”، كما انتقد أحزاب المعارضة التي طالبت بالإفراج عنها، في مقدمتها “حزب الشعب الجمهوري”.
وسبق وأن دخل “حزب الشعب الجمهوري” على خط القضية، معلنا عن إعداده مشروع قانون سيُعرض على البرلمان، يقضي بمنع معاقبة المواطنين الذين يوجهون إهانات لرئيس الجمهورية، بحجة أن المادة يساء استخدامها من قبل الحكومة.
وتتضمن المسودة مسوغات فحواها أن “المادة 299 من قانون العقوبات الجزائية تم تشريعها لرئيس محايد لا ينتمي لأي حزب سياسي، وأنه خلال فترة حكم إردوغان رئيسا للجمهورية، تم فتح تحقيق بحق 160 ألفا و169 شخصا، وصدر الحكم بحق 12 ألفا و881 شخصا، وهذا يدل على استخدام المادة القانونية بشكل سلبي من الحكومة”.
ورد إردوغان على ذلك بالقول: “ماذا ستفعل إذا تم تسمية حزب الشعب الجمهوري بالحظيرة؟ سنفعل كل ما يتطلبه القانون. الإهانة التي وجهتها كاباش ليست عني، بل للمكتب الذي أمثله”.
“دعاوى سابقة”
وهذه ليست المرة الأولى التي يتخذ بها إردوغان هكذا خطوة، سواء ضد صحفيين أو مسؤولية أحزاب سياسية.
وفي يونيو 2021 كان الرئيس التركي قد رفع دعوى قضائية ضد زعيم “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، كمال كلشدار أوغلو “بسبب انتهاكه للحقوق الشخصية”، خلال كلمته باجتماع الكتلة النيابية لحزبه.
وجاء في عريضة الدعوى التي رفعها حسين آيدن محامي الرئيس، حينها أن كلشدار أوغلو “وجه في كلمته خلال اجتماع الكتلة النيابة لحزب الشعب الجمهوري إهانات شديدة إلى الرئيس إردوغان انتهك واعتدى فيها على حقوقه الشخصية”.
وطالبت العريضة تغريم كلشدار أوغلو بدفع تعويض قدره 500 ألف ليرة تركية، ونشر قرار المحكمة في صحيفة ذات انتشار واسع.
وقبل ذلك بأشهر قليلة، في مايو 2021، رفع إردوغان دعوى قضائية بتعويض قدره 250 ألف ليرة تركية ضد زعيمة حزب “الجيد” المعارض، ميرال أكشنار، والتي تلقب داخل الأوساط المحلية بـ”المرأة الحديدية”.
وجاءت الدعوة، في ذلك الوقت بعد تشبيه أكشنار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو بأنه “النسخة الإسرائيلية من إردوغان”.
وبحسب الإحصائيات التي يتيحها موقع وزارة العدل التركية فقد أدين آلاف الأشخاص، منذ وصول إردوغان إلى كرسي الحكم، بتهمة “إهانة الرئيس”.
وتشير الإحصائيات إلى أنه تم فتح 160169 تحقيقا بشأن “إهانة الرئيس”، حيث تم رفع 35507 قضايا خلال السنوات الثماني الماضية.
ولا يقتصر هذا الأمر على الصحفيين دون غيرهم، بل انسحب إلى قادة أحزاب المعارضة والأعضاء، بالإضافة إلى المواطنين العاديين، الذين يتفاعلون كثيرا حول القضايا التي تهم البلاد، سواء الاقتصادية منها أو السياسية.
عدا عن ذلك كثرت القرارات المتعلقة بفرض غرامات على وسائل الإعلام التلفزيونية، خلال السنوات الثماني الماضية. وهذا الأمر ارتبط أيضا بقضية تهم “إهانة الرئيس التركي”.
في ديسمبر عام 2018 فرضت السلطات التركية غرامة على قناتين تلفزيونيتين تنتقدان الحكومة بسبب تصريحات على الهواء، اعتُبرت مهينة لإردوغان.
وقال مسؤول في المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون في تركيا، حينها لوسائل إعلام إن “المجلس سيوقف مؤقتا برنامجا حواريا على قناة خلق، بسبب تصريحات أدلى بها الممثلان الشهيران مجدت جيزين، ومتين أكبينار، إذ تعتبر إهانة الرئيس جريمة في تركيا”.
كما تم تعليق بث ثلاث حلقات من برنامج الأخبار الرئيسي على قناة “فوكس” التركية، في تلك الفترة أيضا، بعد تعليقات لمذيع فسّرت على أنها دعوة للاحتجاج على ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.