“أنهار الديك” أسيرة فلسطينية تنتظرها “ولادة قيصرية” مقيدة اليدين دون مرافق.. والجامعة العربية تحمل “الاحتلال” مسئولية حياتها وتطالب بإطلاق سراحها
وكالات
حمل السفير الدكتور سعيد أبو علي الأمين العام المساعد لشئون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بجامعة الدول العربية، سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسئولية الكاملة عن حياة الأسيرة الفلسطينية أنهار الديك ومولودها المرتقب، داعيا منظمات ومؤسسات المجتمع المدني في دول العالم لتنسيق ومضاعفة جهودها وممارسة المزيد من الضغوط على سلطات الاحتلال للامتثال لأحكام وقواعد القانون الدولي.
كانت عائلة الأسيرة الفلسطينية قد أعلنت الأحد الماضي فشل محاولاتها لأن يكون أحد أفراد العائلة إلى جانب ابنتهم أثناء الولادة القيصرية، بسبب رفض إدارة السجن الإسرائيلي الذي تقبع فيه الأسيرة منذ 6 أشهر.
وقال السفير أبو علي – في تصريح اليوم الأربعاء – إن “الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تتابع بقلق بالغ معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خاصة كبار السن والمرضى والنساء وأمهات الأطفال، وبالذات مأساة الأسيرة أنهار الديك التي أوشكت على وضع مولودها خلال عدة أيام في سجون الاحتلال في ظل غياب الرعاية الطبية الملائمة، الأمر الذي يتنافى كليا مع القيم الإنسانية والمبادئ والقواعد القانونية لحقوق الإنسان”.
كما دعا إلى ضرورة أن تتحمل المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان والمرأة والطفل مسئوليتها والعمل على سرعة إطلاق سراح الأسيرة الديك لتتمكن من وضع مولودها خارج زنازين الاحتلال الإسرائيلي، امتثالا لأبسط معايير حقوق الإنسان، والضغط على سلطات الاحتلال لإطلاق سراحها وجميع السجينات، خاصة الأمهات منهن.
وقالت والدة أنهار، بأنها تعيش الوجع والألم الشديد مجرد أن تتذكر بأن ابنتها سوف تلد بعيداً عنها دون أن يكون أي منا بجانبها.
وقالت: “كان الصليب الأحمر الفلسطيني قد رفع طلبا لإدارة السجن ليكون أحد أفراد الأسرة (الأم أو الزوج) إلى جانبها لكن الطلب قوبل بالرفض”.
وكانت الأسيرة الديك التي تسكن في بلدة كفر نعمة غربي رام الله، قد اعتقلت في شهر مارس الماضي، وهي حامل في شهرها الرابع.
ناشدت والدة الأسيرة العالم من أجل التدخل لإطلاق سراح ابنتها التي بلغ حملها الشهر التاسع ومن المنتظر أن تضع مولودها “علاء” داخل السجن بعد إجراء عملية قيصرية.
وبحسب حنان الخطيب، محامية الأسيرة الديك، فإن طبيب السجن الإسرائيلي الذي تقبع فيه أنهار، سيحدد لها خلال أيام موعد إجراء العملية القيصرية لولادتها (قبل 10 سبتمبر) وهو ما سيكون في مكان لا تتوفر فيه أي من المواصفات الصحية.
وكان نشطاء فلسطينيون وعرب ومؤسسات فلسطينية حقوقية ورسمية، قد أطلقوا حملة ضغط ومناصرة من أجل إطلاق سراح الأسيرة الديك، تحت هاشتاج: “أنقذوا انهار الديك”.
وكانت رسالة سُربت من سجن الدامون الإسرائيلي كتبتها الأسيرة بخط يدها، قد أججت الحزن ومشاعر الغضب لمحتواها الذي كشف عن حجم المعاناة والألم الذي تعيشه أنهار.
وجاء في الرسالة: “آخ.. يا رب طمعان في رحمتك.. شو أعمل إذا ولدت بعيد عنكم وتكلبشت وأنا أولد وإنتوا عارفين شو الولادة القيصرية بره! كيف بالسجن وأنا مكلبش لحالي”.
وعبّرت أنهار في رسالتها عن وجعها وخوفها من الولادة بالسجن حيث كتبت: “أنا كثير تعبانة وصابني آلام حادة في الحوض ووجع قوي في اجري نتيجة النوم على “البرش” مش عارفة كيف بدي أنام عليه بعد العملية، وكيف بدي أخطو خطواتي الأولى بعد العملية وكيف السجانة تمسك إيدي باشمئزاز”.
و قالت: “لسا بدهم يحطوني في العزل أنا وابني ويا ويل قلبي عليه عشان الكورونا … مش عارف كيف راح أقدر أدير بالي عليه وأحميه من أصواتهم المخيفة وقد ما كانت أمه قويه راح تضعف قدام اللي بعملوه فيها”.
وتمتلك العائلة ومحامية الأسيرة ما يثبت أن أنهار تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، حيث كانت تتلقى العلاج عند طبيب فلسطيني وهو ما لم يعتدّ به من قضاة المحاكم الإسرائيلية.
وتقول الأم بما يشبه التسليم: “هل سيؤثر الإعلام، هل يمكن أن تخرج لتلد وأنا أقف خلف رأسها، هذا ما نريده، وهذا ليس كثير بالمناسبة، هذا أقل أمر يمكن أن يطالب به”.
وتشدد الأم على ما كتبته ابنتها في الرسالة: “خطية هالولد في رقبة كل واحد مسئول وقادر يساعد وما بساعد”.
المحامية حنان الخطيب، قالت في تصريحات لـ”القدس العربي” إن الأسيرة “تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، حيث اعتُقلت من قبل قوات الاحتلال وكان عمر ابنتها جوليا 4 أشهر، وكانت تمر بفترة حمل جديد، حيث كانت تفكر بأفكار سوداوية ما دفعها لحمل سكينة والذهاب لمستوطنة من دون أن تكون بوعي كامل”.
وبحسب حنان، فإن أنهار تستشعر صعوبة الولادة في ظل غياب الزوج أو الأم وأن يولد ابنها في السجن، وهي أمور تحاول المؤسسات الحقوقية العمل عليها بحيث تحاول أولا أن تطلق سراحها بدون شروط، أو أن يتم إدخال أمها إلى السجن كي تلد بحضورها، أو أن يدخل زوجها في حال تم رفض والدتها.
وتشير المحامية إلى أن ظروف السجن ليست آدمية بشكل عام، فكيف سيكون مؤهلا لعملية ولادة قيصرية، حيث تعتبر هذه أول حالة ولادة قيصرية في السجن الذي تقبع به أنهار.
وتلفت أن إدارة السجن تتخبط ولا تعرف كيف تقوم بتهيئة السجن بما يناسب حالة الأسيرة التي تصنف على أنها معتقلة وليس أسيرة إلى حين نهاية الإجراءات القانونية بحقها.
وتقول المحامية، إن أنهار تقضي الساعات الطوال في البكاء الشديد والصراخ “من شان الله طلعوني”.
ويمنح القانون الإسرائيلي أمهات المواليد الجدد خيارين، إما إخراج المولود من السجن، أو إبقاؤه داخل السجن لمدة عامين فقط.
وطوال الفترة الماضية (5 شهور) لم تتمكن عائلتها من الحديث معها باستثناء مكالمة هاتفية قصيرة مع زوجها في شهر رمضان الماضي، وهو ما يجعلها تعيش في ظروف نفسية صعبة.
وكان طبيب السجن الإسرائيلي قد أصدر تقريرا سابقا أكد أن الأسيرة في كامل وعيها وأنها سليمة نفسيا، لكن المحامية ترى أنه يمكن الطعن بهذا التقرير، “فكلّنا يعلم أن طبيب السجن ينفذ أجندة دولة الاحتلال، ولا سيما أن الأسيرة تمتلك أوراقا تثبت أنها تعالجت لدى طبيب نفسي فلسطيني قبل دخولها السجن بعد ولادتها السابقة وتمتلك الأدوية الخاصة بذلك”.
وتختم الخطيب: “فكرة أن تلد امرأة معتقلة بعملية قيصرية بدون أي شخص إلى جانبها وهي مقيدة بالحديد وتعاني من مرض نفسي، هي فكرة مؤلمة للغاية، على العالم أن يقول كلمته، هذه حالة نادرة، كيف سيتم التعامل مع الأسيرة وكيف سيتم تقييدها بحسب تعليمات إدارة السجون الإسرائيلية”.
وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي 11 أمّاً فلسطينية في سجونها من أصل (40) أسيرة يقبعن في سجن “الدامون”، حيث يعانين ظروف صعبة، بالإضافة إلى سياسة الإهمال الطبي التي تمارس بحقهن.