«أنت أهم أم طه حسين؟».. القصة الكاملة لأزمة تصريحات يوسف زيدان وفراس السواح عن عميد الأدب العربي
زيدان سأل السواح «أنت أهم أم طه حسين؟» فرد «أنا أهم وأنت أهم».. والكاتب السوري بعد حملة الانتقادات: ما قولته مجرد دعابة
زيدان: انهالت علينا لعناتُ الغاضبين وهجومهم السطحي دون أي جهد للتأكُّد من المزاح المقتطع من سياقه
مدحت العدل: لعن الله الغرور والذات المنتفخة التي تجعل من صاحبيهما لا يريان الحقيقة
كتب: عبدالرحمن بدر
«أنت أهم أم طه حسين؟»، سؤال فجر أزمة، وغضب في الأوساط الثقافية، حيث تصدر الكاتب والروائي يوسف زيدان، والكاتب السوري فراس السواح، خلال الساعات الماضية، محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصريحاتهما خلال المؤتمر السنوي الأول لمؤسسة تكوين الفكر العربي.
فخلال المؤتمر السنوي الأول لمؤسسة تكوين الفكر العربي، الذي أقيم تحت عنوان “خمسون عامًا على رحيل طه حسين: أين نحن من التجديد اليوم؟” سأل يوسف زيدان السوري فراس سواح: “أنت أهم أم طه حسين؟، ليرد الأخير “أنا أهم وأنت أهم”.
وبعد الانتقادات الكبيرة قال فراس السواح: “ما قولته مجرد دعابة وعلى سبيل المزاح فقط مع الكاتب والروائي يوسف زيدان”.
ويعد المؤتمر السنوي الأول باكورة أعمال مؤسسة تكوين الفكر العربي، التي تهدف إلى تعزيز خطاب التسامح، وفتح آفاق الحوار، وتشجيع المراجعات النقدية، والتحفيز على طرح الأسئلة على المسلمات الفكرية، والأسباب التي تحول دون نجاح مشاريع النهضة والتنوير العربية.
يذكر أن مؤسسة تكوين الفكر العربي، ومقرها القاهرة، تضم في عضوية مجلس أمنائها عددا من المفكرين العرب، وهم، من مصر الدكتور يوسف زيدان والكاتب إبراهيم عيسى، وإسلام البحيري، ومن سوريا الدكتور فراس السواح، ومن تونس الدكتورة ألفة يوسف، ومن لبنان الدكتورة نادرة أبي نادر.
وقال زيدان في منشور له: “شيءٌ عجيب فعلًا.. بالأمس، في افتتاح مؤتمر مؤسسة “تكوين” للثقافة العربية، وفي غمرة نقاشنا حول أهمية طه حسين وأهمية التواصل مع أفكاره المستنيرة، جرى بيني وبين الباحث الكبير “فراس السواح” محادثة مازحة، سألته خلالها: هل أنت أهم أم طه حسين؟ فأجابني ممازحًا: أنا وأنت أهم منه.. واستكملنا الحوار بعد ذلك بشكل جاد.
وأضاف: “فجأة، بعد ساعتين فقط، انتشر مقطع مُجتزيء من جلسة المؤتمر.. وانهالت علينا لعناتُ الغاضبين، وهجومهم السطحي دون أي جهد للتأكُّد من المزاح المقتطع من سياقه، وانفجر غضبٌ لا سبب له، ولا داعي”.
وعلق السيناريست مدحت العدل على تصريحات المفكر السواح وزيدان، وكتب مدحت العدل، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: في معرض سؤال سأله يوسف زيدان للباحث السوري فراس السواح: من أفضل أنت أم طه حسين؟!، فكان رد السواح أنا وأنت أفضل من طه حسين.. السواح له أبحاثه وكتبه التي تحرك العقل العربي من ركوده سواء اتفقت معها أم اختلفت، وهو شيء محمود. وكذلك يوسف زيدان له بعض الأبحاث والروايات التي أقصي ما يقال عنها إنها جيدة.
وتابع: هذا هو إسهام الاثنين في عالم الأدب والثقافة العربية أما طه حسين ذلك العملاق الذي زلزل المفاهيم التقليدية للفكر المسجون ودخل معارك فكرية فتح بها آفاقا رحبة ومحلقة للعقل العربي ومستقبل ثقافته في كتابه الخالد (مستقبل الثقافة) وغيره من الكتب التي أرشدتنا- بل أرشدت السواح وزيدان- كيف نفكر ونقاوم ونتطور وعظمة عميد الأدب العربي أن إسهاماته لم تقف على رأي يقوله أو كتاب يكتبه، بل إنه دخل الحياة العملية بكل عنفوانها، فأنشأ كثيرًا من الجامعات، ودخل معركة تعليم البنات في مصر وكسبها.
وأضاف: إنجازات عديدة تؤكد أن قيمة طه حسين ليست في تأسيسه منهج تفكير عقلي عربي مستنير أحدث ثورة، بل إسهاماته العملية في تطور مجتمعه بما لم يستطعه أي أديب أو مفكر عربي.. هذه بعض كلمات لا تفي الأستاذ حقه أبدا، وهناك آلاف الكتب والدراسات عنه لمن يريد المزيد. السيدان فراس وزيدان.
واختتم: لعن الله الغرور والذات المنتفخة التي تجعل من صاحبيهما لا يريان الحقيقة.
يذكر أن طه حسين شغل منصب عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة، كما عُين وزيرا للتعليم في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين ليرفع شعار “التعليم كالماء والهواء”. وأمضى بضع سنوات في بعثة تعليمية بفرنسا في بدايات القرن العشرين حيث نال أكثر من درجة علمية في الأدب والتاريخ.
ويعدّ طه حسين أحد أبرز أعلام التنوير في مصر الحديثة، وكان صاحب مشروع فكري تأثر بعدد من المفكرين العرب والغربيين.
ولد طه حسين علي سلامة في عام 1889 بإحدى قرى محافظة المنيا، وفقد بصره في الرابعة من عمره متأثرا بداء الرمد. وأرسله والده إلى كتاب القرية حيث حفظ القرآن في وقت وجيز.
والتحق طه حسين بالجامع الأزهر، وكان يتنقّل بين العلماء والمشايخ يتلقّى على أيديهم علوم اللغة والشريعة، مما كان يُدرس في ذلك الوقت.
وانتسب طه حسين إلى الجامعة المصرية عام 1908 وحصل على درجة الدكتوراه في فلسفة أبي العلاء المعري، قبل إيفاده إلى فرنسا في بعثة علمية.
ومن فرنسا حصل طه حسين على درجة الدكتوراة في الفلسفة الاجتماعية، كما اجتاز درجة علمية في القانون الروماني، وفي فرنسا كذلك تعرّف على زوجته سوزان بريسو، التي رافقته حتى آخر رحلته في الحياة.
وبعد عودته من فرنسا، عيّن طه حسين أستاذا بالجامعة المصرية، وتولى عمادة كلية الآداب. كما عُيّن طه حسين وزيرا للمعارف.
وخاض طه حسين كثيرا من المعارك الأدبية والثقافية. وأثار كتابه “في الأدب الجاهلي” ضجة لم تهدأ إلى الآن.
وفي أكتوبر من عام 1973، رحل طه حسين عن عالمنا عن أربعة وثمانين عاما، قضى معظمها، شابا وكهلا، في إنارة الطريق لأبناء قومه، وقد أثرى المكتبة العربية بأكثر من أربعين كتابا.