“أمطار أوفر” و”شبه كوباية الميه”.. الإسكندرية تغرق والمحافظ يثير استفزاز المواطنين بتصريحاته: أداء الأجهزة التنفيذية “إنجاز وإعجاز”
كتب – أحمد سلامة
أثارت تصريحات المحافظ اللواء، محمد الشريف، حول “غرق الأسكندرية” استياء كثير من المواطنين، إذ وضعوها في مقارنة فورية مع الصور ومقاطع الفيديو التي وردت من مدينة الثغر حيث حولتها مياه الأمطار إلى مدينة مصابة بشلل تام وممنوع فيها الحركة.
بعد ما تعرضت له محافظة أسوان، خلال الأيام الماضية، وفي ظل تغييرات مناخية قد يكون لها تأثيرها الواسع على المنطقة، قالت الأجهزة التنفيذية في الدولة إنها اتخذت العديد من الخطوات تحسبًا لهطول الأمطار خلال الأيام القادمة خاصة في محافظتي القاهرة والإسكندرية.
وكانت محافظة أسوان قد شهدت سقوط أمطار وسيول ما أسفر عن تهدم عشرات المنازل ووقوع العديد من الإصابات، في واقعة نادرة لم تحدث من 11 عامًا حسب تصريحات رسمية.
في محافظة الإسكندرية، أعلنت غرفة التعامل مع الأمطار، برئاسة اللواء محمود نافع، رئيس شركة الصرف الصحي، رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال نوة المكنسة وذلك بعد ورود التنبيهات والإشارات وخرائط الطقس حول الحالة الجوية لمدينة الإسكندرية.
وأعلن اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، رفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ في كافة الأجهزة التنفيذية بالمحافظة، وذلك للتعامل مع حالة عدم الاستقرار في الأحوال الجوية تزامنا مع بدء النوة.
وأشارت خرائط وتوقعات الهيئة العامة للأرصاد الجوية إلى سقوط أمطار بكثافة متفاوتة الشدة من غزيرة جدا ومتوسطة وخفيفة على مناطق متفرقة بنطاق المحافظة.
وشدد الشريف على رؤساء الأحياء وشركة الصرف الصحي بالمتابعة المستمرة لحالة الشوارع ورصد أي حالات طارئة، تجنبا لحدوث أي مشكلات في أي منطقة نتيجة سقوط الأمطار، والتأكد من تحقيق السيولة المرورية.. مشيرًا إلى أن غرفة عمليات المحافظة مستمرة في انعقادها بشكل دائم ومستمر، لاستقبال شكاوى المواطنين الخاصة بتراكمات مياه الأمطار.
كل التصريحات الوردّية الرائعة التي ألقاها محافظ الإسكندرية قبيل “نوة المكنسة”، لم يكن لها نصيب من التنفيذ على أرض الواقع، بل إن المحافظ ألقى باللائمة تارة على “كميات الأمطار” وتارة على القدرة الاستيعابية لـ”شبكات الصرف” وتارة أخرى على هيئة “الأرصاد الجوية”.
الأحد الماضي، وبينما تم تداول مشاهد غرق المحافظة بمياه الأمطار، خرج المحافظ في تصريحات قال فيها إن “ما تشهده الإسكندرية في نوة المكنسة العام الحالي، غير مسبوق، لافتًا إلى أن تنبؤات الأرصاد أشارت إلى تعرض المحافظة لأمطار من خفيفة إلى متوسطة، ولكن الواقع كان أمطارًا غزيرة”.. وهو عكس ما ذهبت إليه “الأرصاد الجوية” سابقا والتي حذرت من سقوط أمطار بكثافة “متفاوتة الشدة”.
يوم الأحد أيضًا أكد المحافظ أن شوارع وميادين المحافظة جفت تماما من مياه الأمطار خلال 3 ساعات باستثناء شارع النقل والهندسة، وأمامه 3 ساعات ليصبح جافًا.. معتبرًا أن ما شهدته المحافظة “إعجازًا وإنجازًا” على مستوى “أداء الأجهزة التنفيذية”.
لكن ما قاله المحافظ، عن “الإعجاز والإنجاز” يُكذبه ما ورد من مقاطع فيديو عبر السوشيال ميديا تستخدم فيها وسائل شديدة البدائية لكسح مياه الأمطار، إذ استخدمت الجرافات لدفع المياه بعيدًا عن أماكن تجمعاتها، كما ظهر المواطنون في أكثر من مشهد وهم غارقون مع سياراتهم بينما يحملون الركاب من أتوبيس غارق لإنقاذهم من الغرق مع الحافلة التي كانوا يستقلونها.
المحافظ أضاف في تصريحاته أن النقاط الساخنة في الإسكندرية انخفضت إلى 107، بفضل تطوير البنية التحتية، والنقاط التي كانت ساخنة بالفعل تبقى منها اليوم 62 فقط.
“تطوير البنية التحتية” الذي تحدث عنه المحافظ ، لم يكن له مردود مطلقا على أرض الواقع، حيث لم تُثبت التجربة العملية التي خضع لها أهالي الإسكندرية أن هذا التطوير المزعوم للبنية التحتية قد حقق مراده، فإذا كان كل هذا الغرق وكل هذا التعطل في ظل ما يصفه المسئولون بـ”التطوير” فإنه يجب عليهم وعلينا أن نراجع بعض المصطلحات والمفاهيم، وهل تدخل شبكات الصرف الصحي ضمن مفهوم التطوير أم أنها خارج السياق؟!
خلال جولة أجراها مساء أمس، قال الشريف إن موجة الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها المحافظة ظهر الإثنين كانت أكثر من التوقعات، وتسببت في شلل مروري كامل بمناطق متفرقة.. مضيفا أن الأجهزة التنفيذية واجهت 62 منطقة لتجمع المياه، وفي خلال 3 ساعات جرى إعادة حركة المرور لوضعها الطبيعي.
حديث المحافظ المستمر عن تخفيض نقاط تجمع المياه إلى 62 نقطة، يدفعنا إلى التساؤل عن عدد الكباري والأنفاق التي أنشئت خلال السنوات القليلة الماضية، وما خلفته من نقاط تجمع لمياه الأمطار والخطط الموضوعة من المحافظة والأجهزة التنفيذية للتعامل معها، كما يدفعنا للتساؤل “إذا كانت كل هذه النقاط في الشوارع الرئيسية، فما الوضع بالشوارع الداخلية للمحافظة؟”.
في اتصال هاتفي مع برنامج “حضرة المواطن” المذاع عبر فضائية “الحدث اليوم”، قال المحافظ إن كمية الأمطار المتساقطة على المحافظة في نوة “المكنسة” هذا العام كانت «أوفر الصراحة» مقارنة بالسنوات السابقة، لافتًا إلى أن كميات الأمطار المتساقطة تم تصريفها خلال 3 ساعات بالشوارع الرئيسية، والتعطل المروري بالمحافظة استمر ساعة واحدة فقط، حسب قوله.
وقال محافظ الإسكندرية، إنه خلال 48 ساعة سيكون تم شفط كافة مياه الأمطار المتساقطة بالشوارع الجانبية، مشيدًا بتخصيص الرئيس عبدالفتاح السيسي مبلغًا ماليًا لرفع البنية التحتية بالمحافظة لمواجهة موسم الأمطار.
“المشاهد لا تبدو كما تحدثنا سابقًا”، هكذا علقت الإعلامية لميس الحديدي على المشاهد الواردة من الإسكندرية حينما واجهت المحافظ في مداخلة عبر برنامجها “كلمة أخيرة” المذاع على قناة أون تي في.
بعد إسهاب في الحديث عن “المفاجأة” التي تعرضت لها المحافظة، بسبب كمية الأمطار المُدهشة للغاية، قال المحافظ إن شبكات الصرف لم تتحمل كمية الأمطار، مضيفًا “هقول لحضرتك حاجة يا أستاذة لميس، كوباية ميه قدامك وانتي قررتي تملي من الإزازة لغاية ما الكوباية تتملي، اللي هتفرغيه من الإزازة بعد ما الكوباية تتملي هيروح فين؟ هينزل على المكتب.. هي دي الطاقة الاستيعابية للكوباية، كذلك هي دي الطاقة الاستيعابية لشبكات الصرف”.
لا يتوقف المسئولون في بلادنا عن التعرض للمفاجآت، سوء حظ عجيب يلازمهم.. ويلازمنا معهم.. فمرة تخفق الأرصاد ومرة نتعرض لكميات أمطار “أوفر”.. سوء الحظ هو السبب بالطبع فالمسئولين أبدًا لا يخطئون ولا يقصرون ولا يهملون، وعلى المواطن أن يتحمل حالة “النحس” لأن ذلك -بالطبع- يصب في مصلحته.