أعلن دعم احتجاجات مواطنيه.. المنتخب الإيراني خسر مباراة وكسب احترام العالم
وكالات
لم تكن الخسارة بسداسية أمام منتخب إنجلترا هي اللقطة الأبرز في أولى مباريات المنتخب الإيراني في كأس العالم المقام حاليا في قطر، بل كان موقف لاعبيه الداعم لاحتجاجات مواطنيه ضد ممارسات السلطة أكثر جذبا للانتباه، وكسبا لاحترام العالم.
المنتخب الوطني الإيراني لكرة القدم كان في دائرة الضوء بالفعل خلال الاستعداد للبطولة، وسط كثير من الترقب بشأن موقفهم من الاحتجاجات ومدى تعبيرهم عنه خلال منافسات كأس العالم، لكنهم كانوا على الموعد.
لم يردد لاعبو المنتخب الإيراني النشيد الوطني للبلاد قبيل مباراتهم مع المنتخب الإنجليزي، الاثنين، ضمن منافسات الجولة الأولى في دور المجموعات لبطولة كأس العالم في قطر، وظهروا ملتزمين الصمت دون تفاعل مع لحظة عزف النشيد الوطني قبل مباراتهم الافتتاحية بكأس العالم، فيما حجب التلفزيون الإيراني صورهم خلال البث الحي لعزف النشيد الوطني.
مدافع المنتخب الإيراني، إحسان حاج صفي، كان قد أعلن خلال مؤتمر صحفي عشية المباراة، الأحد الماضي، 20 نوفمبر 2022، أعلن دعمه للاحتجاجات المناهضة للحكومة في بلاده، معبرا عن تضامنه مع عائلات ضحايا المواجهات بين الأمن والمحتجين في إيران، قائلا: “اللاعبون يجب أن يكونوا صوت أولئك الذين يواجهون المعاناة، أود أن أقدم التعازي لجميع العائلات الثكلى في إيران، ينبغي أن يعرفوا أننا معهم، نحن نساندهم ونتعاطف معهم”.
وقال حاج صفي إنه لا يمكن نفي ما يحدث في إيران، مُضيفا أن الأوضاع في بلاده “ليست جيدة” والناس ليسوا سعداء واللاعبون يعرفون ذلك أيضًا”. وتابع: “آمل أن تتغير الظروف”.
البرتغالي كارلوس كيروش، المدير الفني لمنتخب إيران، بدوره سبق أن أعللن منح لاعبي الفريق حرية الإعراب عن تضامنهم مع الاحتجاجات خلال نهائيات المونديال.
رفع مشجعو المنتخب الإيراني أيضا لافتات للتعبير عن دعمهم الاحتجاجات في بلادهم، خلال المباراة مع المنتخب الإنجليزي، التي أقيمت على أرض استاد خليفة الدولي، وأظهرت لقطات مصورة رفع الجماهير الإيرانية لافتات كُتِبَ عليها شعار الاحتجاجات الشهير “المرأة، الحياة، الحرية”.
وتشهد إيران موجة احتجاجات منذ وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر، بعد 3 أيام على اعتقالها بأيدي شرطة الأخلاق التي اتهمتها بانتهاك قواعد اللباس الصارمة في البلاد.
ومطلع الأسبوع الحالي، اعتقلت قوات الأمن الإيرانية، الممثلتين كتايون رياحي وهنغامه غازياني، بعدما خلعتا حجابيهما على الملأ دعما لحركة الاحتجاج التي اندلعت في إيران إثر وفاة أميني خلال اعتقالها، حسبما أفادت وسائل إعلام رسمية.
وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، بأن هنغامه غازياني وكتايون رياحي اعتقِلتا بعد استدعائهما للتحقيق بشأن منشوراتهما “الاستفزازية” على وسائل التواصل الاجتماعي وأنشطتهما الإعلامية.
وأفادت “إرنا” بأن غازياني اعتقلت بتهمة التحريض ودعم “أعمال الشغب” والتواصل مع وسائل إعلام معارِضة. وكانت الممثلة أشارت في وقت سابق إلى أن القضاء استدعاها، ثم نشرت مقطع فيديو على إنستغرام خلعت فيه الحجاب الإلزامي.
وكتبت في وقت متأخر السبت، “قد تكون هذه رسالتي الأخيرة”، مضيفة “من الآن فصاعدا، مهما حدث لي، اعلموا أنني كالعادة مع الشعب الإيراني حتى آخر نفس لي”.
وأظهر فيديو يبدو أنه مصور في أحد الشوارع التجارية، غازياني بلا حجاب أمام الكاميرا، من دون أن تتحدث، ثم تستدير وترفع شعرها وفق تسريحة ذيل حصان، كما تفعل النساء الأخريات قبل الذهاب للاحتجاج.
وفي الأسابيع الأخيرة، وجهت الممثلة (52 عاما) انتقادات حادة لحملة قمع حركة الاحتجاج، متهمة السلطات بقتل أطفال وشباب خلال التظاهرات.
وأعلن القضاء الإيراني الأحد استدعاء غازياني مع سبع شخصيات معروفة، سينمائية وسياسية ورياضية، بسبب نشر محتوى “استفزازي” دعما لحركة الاحتجاج، حسبما أعلنت السلطة القضائيّة.
أما الممثلة كتايون رياحي (60 عاما) فقد احتجزت في وقت لاحق في إطار القضية نفسها. وكانت هذه الممثلة قد شاركت في مجموعة من الأفلام التي حازت جوائز، وهي معروفة أيضا بأعمالها الخيرية.
وأجرت رياحي في سبتمبر مقابلة مع تلفزيون إيران الدولي ومقره لندن، من دون أن تضع حجابا. وأعربت عن تضامنها مع الاحتجاجات في البلاد منذ وفاة أميني وعن معارضتها فرض الحجاب.
ومن بين الشخصيات التي استدعاها القضاء أيضا، مدرب نادي بيرسيبوليس لكرة القدم يحيى غول محمدي والنائبان الإصلاحيان السابقان محمود صادقي وباروانيه صلاحشوري.
وكان محمدي وجه انتقادات حادة الأسبوع الماضي إلى لاعبي المنتخب الوطني لـ”عدم رفع صوت الشعب المقموع إلى آذان السلطات”، بعد لقاء المنتخب الإيراني مع الرئيس إبراهيم رئيسي، بينما أيد النائبان السابقان الحركة الاحتجاجية علنا، خصوصا عبر موقع “تويتر”، منددين باستخدام الحكومة القوة ضد المتظاهرين.
وقال المتحدث باسم مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة جيريمي لورنس خلال مؤتمر صحفي روتيني في جنيف إن المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يرى أن عدد الوفيات المتزايد جراء التظاهرات في إيران، ومن بينها وفاة طفلين في نهاية الاسبوع، وتشديد رد قوات الأمن، يشيران إلى أن الوضع حرج في البلد.
واعتبرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن الوضع في إيران “حرج”، لدى وصفها لتشدد استجابة السلطات للاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 300 شخص في الشهرين الماضيين.
وتوجه المندوب في المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك في مؤتمر صحافي للإيرانيين: “نحث سلطاتكم على معالجة مطالب الناس بالمساواة والكرامة والحقوق بدلا من استخدام القوة غير الضرورية أو غير المتناسبة لقمع الاحتجاجات”.