أزمة كييف| الولايات المتحدة تشهر سلاح الغاز في وجه روسيا حال مهاجمتها أوكرانيا: عودوا لطاولة المفاوضات
أ ف ب ويورونيوز
أكّدت الولايات المتّحدة أنّ خطّ الغاز “نورد ستريم 2″ المثير للجدل، الرّابط بين روسيا وألمانيا، لن يدخل الخدمة في حال غزت موسكو أوكرانيا، داعيةً الروس في الوقت نفسه لـ”العودة إلى طاولة المفاوضات”.
توازيا، أعلنت واشنطن الخميس في بيان أنّها طلبت عقد جلسة علنيّة الاثنين لمجلس الأمن الدولي حول الأزمة في أوكرانيا، بسبب التهديد الذي تُشكّله روسيا على الأمن والسلم الدوليّين.
وقالت نائبة مساعد وزير الخارجيّة الأميركي فيكتوريا نولاند للصحافيّين: “نحن نُواصل نقاشاتنا القويّة جداً والواضحة جداً مع حلفائنا الألمان، وأودّ اليوم أن أكون واضحة معكم: إذا غزت روسيا أوكرانيا، فبطريقة أو بأخرى لن يَمضي نورد ستريم 2 قدماً”، وأضافت “أعتقد أنّ التصريحات التي تخرج من برلين حتّى اليوم، قويّة جدّاً”.
وردّاً على سؤال عن سبب ثقة الولايات المتحدة تلك، قالت نولاند إنّ خط الأنابيب لم تتمّ تجربته بعد ولا حصل على المصادقات اللازمة من الهيئات الناظمة الألمانيّة، وأضافت “سنتعاون مع ألمانيا لضمان ألا يمضي خطّ الأنابيب قدماً”.
وسيحضر ملفّ خط الأنابيب خلال محادثات المستشار الألماني أولاف شولتس في البيت الأبيض في 7 شباط/فبراير. وكانت وزيرة الخارجيّة الألمانيّة أنالينا بيربوك قالت أمام البرلمان في وقت سابق الخميس إنّ حكومتها “تعمل على حزمة عقوبات قويّة” مع حلفاء غربيّين “من بينها نورد ستريم 2 في حال هاجمت روسيا أوكرانيا”.
وبالتوازي مع التّهديد بسلاح الطاقة، تعمل واشنطن على خطّ الدبلوماسيّة. وقالت السفيرة الأميركيّة في الأمم المتّحدة ليندا توماس غرينفيلد في بيان الخميس، إنّ “أكثر من مئة ألف عسكري روسي منتشرون على الحدود الأوكرانيّة، وروسيا تُمارس أنشطة أخرى مزعزعة للاستقرار تستهدف أوكرانيا، ما يُشكّل تهديدا واضحا للأمن والسلم الدوليّين ولميثاق الأمم المتّحدة”.
وأضافت غرينفيلد قائلة: “في وقتٍ نُواصل سعينا الدبلوماسي الحثيث لنزع فتيل التوتّرات في مواجهة هذا التهديد الخطر للسلم والأمن الأوروبي والعالمي… يجب على أعضاء مجلس الأمن أن ينظروا في الوقائع بلا مواربة”. وقالت الولايات المتحدة الخميس إنّها طلبت عقد جلسة علنيّة الاثنين لمجلس الأمن حول الأزمة في أوكرانيا.
في بادئ الأمر، كانت الولايات المتحدة تأمل في أن تتمكّن من عقد اجتماع لمجلس الأمن يوم الجمعة، وفق دبلوماسيّين. لكنّها وافقت، بحسب هذه المصادر، على تأجيله إلى يوم الاثنين حتّى لا يتزامن مع اجتماع هاتفي مقرّر الجمعة بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين.
وكانت واشنطن لمّحت في منتصف كانون الثاني/يناير إلى أنّها لا تنوي اللجوء إلى مجلس الأمن إلّا بعد حصول تدخّل عسكريّ محتمل في أوكرانيا، مثلما حصل في حالة شبه جزيرة القرم. لكنّ السفيرة غرينفيلد قالت في بيانها الخميس “الآن ليس وقت الانتظار والترقّب. الاهتمام الكامل من جانب المجلس أمر مطلوب الآن”.
إلى ذلك كرّر الرئيس الأميركي جو بايدن التأكيد لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أنّ الولايات المتّحدة وحلفاءها سيردّون “بحزم” في حال حدوث غزو روسي لأوكرانيا، متحدّثا أيضا عن مساعدة اقتصاديّة إضافيّة لهذا البلد، وفق ما أعلن البيت الأبيض في بيان.
وطمأن بايدن نظيره الأوكراني، خلال اتّصال هاتفي، إلى أنّ السفارة الأميركيّة في أوكرانيا ستبقى “مفتوحة وتعمل بكامل طاقتها”، رغم قرار واشنطن الأخير إعادة عائلات موظّفيها الدبلوماسيّين، وهو قرار انتقدته كييف، معتبرةً إيّاه غير متناسب.
وجدّد الزعيمان، خلال الاتّصال، التشديد على أنّه في هذه الأزمة لن يكون هناك “قرار في شأن أوكرانيا من دون أوكرانيا”. كما أعرب بايدن عن دعمه المحادثات التي تجري في إطار صيغة “النورماندي” بين روسيا وأوكرانيا، بوساطة فرنسا وألمانيا. ومن المقرّر عقد الجولة المقبلة من هذه المحادثات في الأسبوع الثاني من شباط/فبراير في برلين.
من جهة ثانية، أمر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس الشرطة بفتح تحقيق في واقعة إطلاق نار نفّذها عنصر من الحرس الوطني وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح بالغة.
واعتُقل الجندي بعدما قتل خمسة أشخاص بينهم أربعة من رفاقه في وسط البلاد ثمّ لاذ بالفرار مدى ساعات حاملاً سلاحه. وتأتي هذه المأساة فيما تتّهم أوكرانيا روسيا التي حشدت قوّات على حدودها، بمحاولة زعزعة الاستقرار في الداخل.
ووقع إطلاق النار حوالى الساعة 3,40 (1,40 ت غ) حين تسلّم مطلق النار المفترض سلاحه للقيام بجولة حراسة في مصنع تابع لمجموعة يوجماش في مدينة دنيبرو، والذي يصنع صواريخ ومنصّات لإطلاقها الى الفضاء لكن أيضا صواريخ حربية ومركبات وأدوات صناعية أو زراعية.
وأعلنت الداخلية الأوكرانية في بيان أنّ “أحد أفراد الحرس الوطني الأوكراني فتح النار من رشاش كلاشنيكوف على حراس المصنع ثم فر بسلاحه”، مشيرة إلى أنّ إطلاق النار “أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة خمسة آخرين”.
وبحسب الشرطة فإن الضحايا هم أربعة جنود من الحرس الوطني وامرأة مدنية. ووصف زيلينسكي في بيان عملية إطلاق النار بـ”الفظيعة” وقدّم تعازيه لعائلات وأصدقاء الضحايا.
وقال “أتوقع أن يُبلغ عناصر إنفاذ القانون السكان بشكل كامل بملابسات هذه الجريمة”، بما في ذلك دوافع المهاجم و”كيف سُمح بوقوع هذه الحادثة”.
وبعد ساعات على المأساة، أعلنت وزارة الداخلية توقيف شاب في الحادية والعشرين من العمر يتحدر من منطقة أوديسا الساحلية ونشرت صورة له مرتديا زيا عسكريا وهو حليق الرأس وقد ثبّت أرضا على الثلج.
وكتب الوزير دينيس موناستيرسكي على فيسبوك أن “أرتيم ريابتشوك اعتقل للتو من قبل عناصر في الشرطة في منطقة دنيبروبتروفسك”. وقالت الشرطة إنه اعتُقل في مدينة بيدغورودني حوالى الساعة 7,30 ت غ أي على بعد حوالى 15 كلم من مكان إطلاق النار.
وبعد اعتقال الجندي، أعلن وزير الداخلية تشكيل لجنة مكلفة درس ظروف المأساة وكذلك “الحالة النفسية” للشاب. وأفاد مكتب التحقيقات المسؤول عن الجرائم الكبيرة بأن المسلح اتصال بالشرطة شخصيا واستسلم في بيدغورودني قرب دنيبرو.
وأكد المكتب أنه تم فتح تحقيق في الإهمال مع قيادة الحرس الوطني، مضيفا أن المهاجم قد يسجن مدى الحياة في حال إدانته. وبعد ساعات على فتح القضية، أبلغ قائد الحرس الوطني ميكولا بالان الصحافيين أنّه قدّم استقالته.
وعمليات إطلاق النار في الوحدات العسكرية في دول الاتحاد السوفياتي السابق تعد ظاهرة متكررة بسبب التنمر لا سيما في روسيا، رغم تحسن الوضع في السنوات الأخيرة.
وأوكرانيا حاليا في صلب أزمة جيواستراتيجية روسية-غربية ، وتتهم واشنطن موسكو بأنها تريد غزو جارتها فيما يقول الروس إنهم مهددون بسبب طموحات حلف شمال الأطلسي بالتوسع الى حدود روسيا.