أزمة “فاروشا”| قبرص تتقدم بشكوى للأمم المتحدة حول خطط أردوغان لإعادة فتح المنطقة.. ومصر واليونان وفرنسا يُدينون الخطوة التركية
مدينة فاروشا تقع في أراضي “جمهورية شمال قبرص التركية” المعلنة من طرف واحد منذ 1983 ولا تعترف بها سوى تركيا
المخطط التركي يهدف لإعادة التفاوض حول الملف القبرصي على أساس إقامة دولتين.. الأمر الذي ترفضه قبرص والاتحاد الأوروبي
كتب – أحمد سلامة
أعلنت قبرص، اليوم الأربعاء، تقديم شكوى لمجلس الأمن، حول خطط تركيا لإعادة فتح منطقة فاروشا.. في الوقت الذي انتقدت فيه عدة دول من بينها مصر ما أقدمت عليه أنقرة في ظل خطوة قد يكون من شأنها التأثير على اتفاقية تعيين الحدود البحرية الموقعة بين مصر وقبرص.
وتأتي خطوة قبرص باللجوء إلى مجلس الأمن، ردًا على خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لفتح مدينة فاروشا التي تعد رمزا لتقسيم قبرص، وتقع في الجزء الشمالي الذي تسيطر عليه سلطة موالية لتركيا.
ومنذ 1974 وغزو الجيش التركي للثلث الشمالي من قبرص ردا على انقلاب نفذه جنرالات قبارصة يونانيون بهدف ضمها إلى اليونان، خلت مدينة فاروشا الساحلية من سكانها وأصبحت منطقة عسكرية مطوقة بالأسلاك الشائكة تقع تحت السيطرة المباشرة للجيش التركي.
وتقع المدينة حاليا في أراضي “جمهورية شمال قبرص التركية” المعلنة من طرف واحد منذ 1983 ولا تعترف بها سوى تركيا.
ويأتي المخطط التركي في مسعى لإعادة التفاوض حول الملف القبرصي على أساس إقامة دولتين، الأمر الذي ترفضه قبرص والاتحاد الأوروبي.
وفي منتصف الشهر الجاري أطلقت سفينة تركية طلقات تحذيرية على دورية قبرصية لخفر السواحل، ووقعت الحادثة على بعد قرابة 11 ميلا بحريا (نحو 20 كلم) عن ميناء الصيد الصغير في قرية كاتو بيرغوس، غرب خط الهدنة الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، ويفصل “جمهورية شمال قبرص التركية” التي لا تعترف بها سوى أنقرة، عن الجمهورية القبرصية العضو في الاتحاد الأوروبي.
وتزعم تركيا أن مناطق معينة في المنطقة البحرية قبالة قبرص تقع ضمن المنطقة السيادية لها، فضلا عن اعتبار نفسها مدافعا عن حقوق القبارصة الأتراك (قبرص الشمالية)، التي لا تحظى باعتراف دولي سوى من أنقرة.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات التركية ترفض الاعتراف باتفاقية تعيين الحدود بين مصر وقبرص المبرمة عام 2013، والمودعة بالأمم المتحدة رسميا.
وكانت وزارة الخارجية قد أعربت عن عميق قلق مصر إزاء ما تم إعلانه بشأن تغيير وضعية منطقة “فاروشا” بقبرص من خلال العمل على فتحها جزئياً، وذلك بما يخالف قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأكدت مصر، حسب بيان الخارجية، مطالبتها بضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن في هذا الشأن، وتجنُب أية أعمال أحادية قد تؤدي إلى تعقيد الأوضاع وتُزيد من مقدار التوتر، مع ضرورة الالتزام الكامل بمسار التسوية الشاملة للقضية القبرصية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وأعرب وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، عن دعمه لقبرص بعد أن أعلنت سلطات القبارصة الأتراك عن إعادة فتح جزئي منطقة فاروشا المهجورة تمهيدا لإعادة توطينها.
وقال لو دريان، اليوم الأربعاء، إنه بحث الأمر منذ عدة أيام مع نظيره القبرصي وإنه سيطرح هذه المسألة في الأمم المتحدة.
واعتبرت فرنسا دعوة أردوغان لحل قائم على دولتين في قبرص، خلال زيارة للشطر الشمالي الذي تحتله تركيا من الجزيرة المتوسطية، استفزازا لها.
وقالت وزارة الخارجية في بيان اليوم الأربعاء إن “فرنسا تأسف بشدة لهذه الخطوة الأحادية التي لم يتم التنسيق لها وتمثل استفزازا”.
ورأت أن الخطوة “تقوض استعادة الثقة الضرورية للاستئناف العاجل للمفاوضات من أجل حل عادل ودائم للقضية القبرصية”.
من جهتها، أدانت اليونان، الثلاثاء، بأشد العبارات الإعلان التركي بشأن منتجع فاروشا واعتبرته انتهاكا لقرارات مجلس الأمن ومبادئ الاتحاد الأوروبي.
وقالت الخارجية اليونانية في بيان إن الإعلان يعد انتهاكا صارخا للقرارين 550 لعام 1984 و789 لعام 1992 الصادرين عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكذلك لقرارات المجلس الأوروبي، “التي تدعو تركيا إلى الامتناع عن الأعمال الأحادية والاستفزازية التي تزعزع استقرار المنطقة”.
وحثت الوزارةُ تركيا على احترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، قائلة إن اليونان تظل “بالتنسيق الكامل مع جمهورية قبرص، ملتزمة بحل القضية القبرصية على أساس اتحاد ثنائي الطائفة وثنائي المناطق”.
كما أعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن “قلقه” لإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشروعاً لإعادة فتح مدينة فاروشا القبرصية التي سبق أن كانت نقطة جذب سياحية، معتبراً أنه “غير مقبول”.
وقال بوريل في بيان: “يشدد الاتحاد الأوروبي مجدداً على ضرورة تفادي الخطوات الأحادية المنافية للقانون الدولي، والاستفزازات الجديدة التي يمكن أن تزيد التوترات في الجزيرة وتهدد استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى تسوية شاملة للمسألة القبرصية”.
يأتي هذا بعدما أعلن زعيم القبارصة الأتراك ارسين تتار، الثلاثاء، خلال استقباله للرئيس التركي أردوغان، بدء “المرحلة الثانية من خطة لتوسيع فاروشا لإنهاء الحداد”.
وقال بوريل إنه “يشعر بقلق عميق إزاء التصريحات التي أدلى بها أردوغان وتتار بشأن منطقة فاروشا”. واستنكر “القرار الأحادي غير المقبول الذي يهدف إلى تعديل وضع فاروشا”.
ودعا الاتحاد الأوروبي في بيانه إلى “الإنهاء الفوري للقيود المفروضة على حرية حركة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص في منطقة فاروشا حتى تتمكن البعثة من القيام بدوريات وتنفيذ الأنشطة الموكلة إليها على أكمل وجه”.
من جهتها، قدمت حكومة قبرص، الثلاثاء، احتجاجاً رسمياً إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على قرار تركيا والقبارصة الأتراك إعادة فتح فاروشا. وقالت إن هذه الخطوة تنتهك قرارات الأمم المتحدة وتقوض جهود السلام.
وجاء في بيان وزير الخارجية القبرصي نيكوس خريستودوليدس أنه تحدث إلى منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وسيبعث برسالة إلى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول هذا الموضوع.
وأعلن زعيم القبارصة الأتراك إرسين تتار، أن قسماً تبلغ مساحته 3.5 كلم مربعة من منطقة فاروشا سيعود من السيطرة العسكرية إلى السيطرة المدنية.
وجاء هذا الإعلان قبل عرض عسكري حضره الرئيس التركي أردوغان لإحياء الذكرى السابعة والأربعين للغزو التركي لقبرص عقب انقلاب كان يهدف إلى الاتحاد مع اليونان.