أزمة سد النهضة: رئيس وزراء السودان يدعو لاجتماع قمة عاجل.. وصحيفة ألمانية تتساءل “هل دقت طبول الحرب”؟
كتب – أحمد سلامة
مازالت أزمة سد النهضة تسيطر على صدارة الاهتمامات في دول وادي النيل، ومازالت التحذيرات مستمرة من القرارات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا بما قد يؤثر على دولتي المصب مصر والسودان ويمتد أثره إلى المنطقة ككل.
وكالة السودان للأنباء، قالت مساء الثلاثاء، إن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك دعا نظيريه المصري والإثيوبي إلى اجتماع قمة خلال 10 أيام لتقييم مفاوضات سد النهضة الإثيوبي بعد وصولها إلى طريق مسدود.
وقالت الوكالة إن رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك دعا نظيريه المصري مصطفى مدبولي والإثيوبي آبي أحمد لاجتماع قمة ثلاثي خلال 10 أيام لتقييم مفاوضات سد النهضة الإثيوبي التي وصلت لطريق مسدود، والتباحث والاتفاق على الخيارات الممكنة للمضى قدما في التفاوض وتجديد الالتزام السياسي للدول الثلاث بالتوصل لاتفاق في الوقت المناسب وفقا لاتفاق المبادئ الموقع عليه بين الدول الثلاث يوم 23 مارس 2015.
وتأتي هذه الدعوة بعد أسبوع من فشل اجتماعات كينشاسا في التوصل إلى اتفاق برعاية الاتحاد الإفريقي، حيث تبادلت مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى الاتهامات بالمسؤولية عن الفشل.
وتصر أديس أبابا على الملء الثاني للسد في يوليو المقبل حتى من دون اتفاق، في حين تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل.
وقبل أيام، أكد وزير الخارجية سامح شكري أنه على الجانب الإثيوبي اتخاذ قرار بالتفاوض والاتفاق في الملء الثاني لسد النهضة، حتى تتجنب الضرر بدولتي المصب، محذرا من أن مصر ستتخذ إجراءات “جسيمة” لحماية الأمن المائي والتعامل مع أي تحرك غير مسؤول من إثيوبيا.
التصريح جاء ذلك في خلال مداخلة هاتفية مع إحدى وسائل الإعلام المصرية حيث قال الوزير إن المفاوضات مع الجانب الإثيوبي مستمرة منذ نحو عقد بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، مؤكدا على ضرورة التوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف ويحقق مصالح الجميع بهدف تحقيق الاستقرار في المنطقة.
ولفت الوزير إلى أن التوصل لاتفاق مع أديس أبابا حتى هذه اللحظة ليس أمرًا صعبًا، سيما وأن كافة الأطراف على دراية بكيفية تحقيق المصالح المائية للجميع.
كما طلبت مصر دورًا روسيًا في الأزمة المتصاعدة، فخلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والتي بدأت الاثنين الماضي، لفت شكري إلى أن مصر تعتقد في ضرورة أن تلعب روسيا دورًا إيجابيًا في الأزمة مع الجانب الإثيوبي بشأن سد النهضة.
وأضاف الوزير أن الجانب المصري يرغب في التوصل لاتفاق ملزم وقانوني بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، قبل عملية الملء الثانية التي تسعى لها إثيوبيا في يوليو المقبل.
ونوه شكري بأن المفاوضات تجري في إطار العلاقات المصرية الروسية، وأنه سيطلع الضيف الزائر على آخر المستجدات فيما يتعلق بأزمة السد واستعراض التطورات في الجولة الأخيرة من المفاوضات التي عقدت في العاصمة الكونغولية كينشاسا.
ولفت شكري إلى أن محادثات كينشاسا لم تستكمل بسبب التعنت الإثيوبي، مضيفًا أنه يمكن لروسيا التأثير على أديس أبابا لحل الأزمة وتخفيف حدة التوترات في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي.
في غضون ذلك، رصدت “دويتش فيلا” الألمانية تصاعد الأزمة خلال الآونة الأخيرة، وفي تقرير تحت عنوان “أزمة سد النهضة.. هل انتهى وقت الدبلوماسية ودقت طبول الحرب؟”.. قالت الصحيفة إن “تصعيد في اللهجة بدأ يصدر عن مصر بشأن أزمة سد النهضة، ثم تلتها السودان بعد فشل جولة مفاوضات “الفرصة الأخيرة” مع إثيوبيا في كينشاسا. عامل الوقت لم يعد في صالح مصر والسودان، فما هي الخيارات المتبقية لتجنب خيار الحرب؟”.
ولفتت الصحيفة إلى أن “اللهجة الأعنف جاءت، ولأول مرة، على لسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي قال (نحن لا نهدد أحداً، ولكن لا يستطيع أي أحد أخذ نقطة مياه من مصر، وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد). وأضاف (لا يتصور أحد أنه بعيد عن قدرتنا مياه مصر لا مساس بها والمساس بها خط أحمر وسيكون رد فعلنا حال المساس بها أمر سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل)”.
كما رصدت الصحيفة تصريح الرئيس الذي قال فيه إن “التفاوض هو خيارنا الذي بدأنا به والعمل العدائي قبيح وله تأثيرات تمتد لسنوات طويلة لأن الشعوب لا تنسى ذلك”.. مشيرة إلى أن السيسي وفي لقاء آخر شدد على أن “كل الخيارات مفتوحة”.
وسلطت الصحيفة الضوء على الفوارق العسكرية بين مصر وإثيوبيا، مضيفة أنه “لا مجال لمقارنة قدرات الجيش المصري المصنف كأحد اقوى جيوش العالم بالقوة العسكرية الإثيوبية. لكن المسافة الطويلة بين الحدود المصرية وسد النهضة هي واحدة من أصعب العقبات التي قد تواجه مصر إن هي فكرت في العمل العسكري”.
ولفتت إلى أن “أن مصر التي عرفت بانتهاج الدبلوماسية إلى آخر مدى مع الجيران والتي كان لها تأثير مادي ومعنوي كبيرين في العمق الإفريقي إبان الحقبة الناصرية وكان لها وضع خاص بين دول القارة السمراء سيكون من الصعب عليها للغاية أن تضحي بهذا الإرث التاريخي إلا إذا دفعت إلى ذلك دفعاً خاصة وأن العمل العسكري سيكون له تأثيرات سياسية واستراتيجية بعيدة المدى، حسبما يرى مراقبون”.