أزمة السد الإثيوبي: يومان على انتهاء الملء الثاني.. وعباس شراقي: أديس أبابا تقترب من فشل التخزين الثاني كاملاً (تفاصيل)

السيسي: موقفنا ثابت بالحفاظ على أمننا المائي بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد يحقق مصالح الجميع بشكل عادل

السودان: تخزين 1.6 مليار متر مكعب من المياه لتأمين المستويات في نهر النيل والنيل الأبيض ليكون لدينا مناسيب معقولة

شراقي: بحيرة السد تقترب من الوصول لمنسوب الخرسانة مما يصعب من رفعها أكثر.. والمياه تعبر أعلى الممر الأوسط خلال يومين

كتب: عبد الرحمن بدر

مازالت أزمة السد الإثيوبي تشغل الرأي العام خاصة مع اقتراب موعد انتهاء الملء الثاني، دون التوصل لاتفاق وسط تعنت إثيوبي وتمسك مصري وسوداني بضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم.

وتداولت صفحات إثيوبية صورا جديدة قالت إنها من أمام سد النهضة الإثيوبي، وأوضحت الصور ارتفاع منسوب المياه بشكل كبير في بحيرة سد النهضة، مؤكدة أنه بدء العد التنازلي لإتمام عملية الملء الثاني بنجاح.

واعتبر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، أن إثيوبيا تقترب من فشل التخزين الثاني كاملاً.

إنه تقترب بحيرة سد النهضة من الوصول لمنسوب الخرسانة الحالية (573 م) مما يصعب من رفعها أكثر من ذلك مع استمرار هطول الأمطار، وتوشك المياه على العبور أعلى الممر الأوسط قريبا (خلال يومين).

وتابع: “عند منسوب 573 سوف تختفى معظم الجزر الثلاثة التى تقع فى الدائرة البيضاء والتى تقلصت خلال الأيام الماضية، رغم ضعف التخزين الثانى الذى يعادل حوالى 3 مليار متر مكعب، وإجمالى 8 مليار متر مكعب”.

وأضاف شراقي: “موقف مصر والسودان لم يتغير من رفض أى تخزين بدون اتفاق، وكانت اثيوبيا تأمل فى الوصول لمنسوب 595 متر بتخزين 13.5 مليار متر مكعب باجمالى 18,5 مليار متر مكعب”.

وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن الرئيس عبد الفتاح السيسي استقبل اليوم وانج يي، وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية، بحضور سامح شكري وزير الخارجية، والسفير الصيني بالقاهرة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس رحب بالمسئول الصيني في مصر، طالباً نقل تحياته إلى رئيس جمهورية الصين الشعبية “شي جين بينج”.

وتابع أنه تم التطرق إلى آخر تطورات قضية سد النهضة، حيث أكد الرئيس موقف مصر الثابت بالحفاظ على أمنها المائي المتمثل في حقوقها التاريخية في مياه النيل، وذلك بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة يحقق مصالح الجميع بشكل عادل، وقد أوضح وزير خارجية الصين تفهم بلاده التام للاهمية القصوي لنهر النيل لمصر ومن ثم مواصلة الصين اهتمامها بالتوصل لحل لتلك القضية على نحو يلبي مصلحة جميع الأطراف.

وأعلن السودان تخزين 1.6 مليار متر مكعب من المياه لتأمين المستويات في نهر النيل والنيل الأبيض، تحسبا للملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، بينما توقعت أديس أبابا الانتهاء من الملء في موسم الأمطار الحالي، معتبرة إياه حدثا تاريخيا للبلاد.

وقال مدير إدارة الخزانات بوزارة الري والموارد المائية معتصم العوض “أجرينا احتياطات لتخفيف أثر ملء سد النهضة حتى لا تتكرر مشكلة العام الماضي، واحتفظنا في خزان جبل أولياء (جنوبي العاصمة الخرطوم) بنحو 600 مليون متر مكعب لمقابلة ملء سد النهضة في يوليو، ليكون لدينا مناسيب معقولة في النيل الأبيض ونهر النيل”.

وفي مقطع مصور بثته صفحة الوزارة على (فيس بوك)، أكد العوض أنه في نهاية الشهر الجاري سيكون لدى السودان مخزون في خزان الروصيرص بنحو مليار متر مكعب.

وأضاف أن الـ1.6 مليار متر مكعب ستؤمن لنا المناسيب في نهر النيل والنيل الأبيض، مشيرا إلى أن تخزين إثيوبيا للمياه في الملء الأول لسد النهضة في يوليو 2020 تم دون إخطار وزارة الري السودانية، مما أسفر عن خروج كل محطات الشرب في ولايتي الخرطوم ونهر النيل (شمال) من الخدمة.

وكشفت إدارة سد الروصيرص في السودان عن استمرار انخفاض وارد المياه من النيل الأزرق بنسبة تصل إلى 50%، وحذّرت من أن تأخر استئناف المفاوضات سيعرّض سد الروصيرص للخطر.

وقال محمد عبد العاطي، وزير الري، إن مصر حريصة على استكمال المفاوضات بشأن سد النهضة، “للتوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم يلبي طموحات الجميع في التنمية”.

من جهة ثانية، قال عضو فريق التفاوض الإثيوبي جيديون أسفاو -في مقابلة مع وكالة أنباء بلاده الرسمية- إن عملية بناء السد وصلت إلى أكثر من 80%، ومن المتوقع الانتهاء من الملء الثاني للسد في موسم الأمطار الحالي.

واعتبر أسفاو أن المرحلة الثانية لملء السد تمثل حدثا تاريخيا لإثيوبيا لتوليد الطاقة، والتخفيف من فقر الطاقة في البلاد. ولم يقدم المسؤول الإثيوبي تفاصيل بشأن كمية المياه التي سيحتجزها خزان السد خلال الملء الثاني.

وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات حول السد، يرعاها الاتحاد الأفريقي منذ أشهر ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات.

وتُصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ لسد النهضة بالمياه في الشهرين الجاري والقادم، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الذي تقيمه على النيل الأزرق، الرافد الرئيس لنهر النيل.

بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي ملزم، للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية وضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليارا على الترتيب.

وفي 8 من الشهر الجاري، خلص مجلس الأمن الدولي إلى ضرورة إعادة مفاوضات سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بشكل مكثف، لتوقيع اتفاق قانوني ملزم يلبي احتياجات الدول الثلاث.

يذكر أنه منذ العام 2011 تتفاوض دول المصب للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل السد الذي تعده أديس أبابا ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة تصل إلى 6500 ميغاوات، دون التوصل إلى توافق.

وفي مارس 2015 وقع قادة الدول الثلاث في الخرطوم اتفاق إعلان مبادئ، إلا أن الخلافات استمرت، واستعرت مع بدء إثيوبيا هذا الشهر عملية الملء الثانية لخزان السد.

ففي حين ترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد، تعتبره مصر تهديداً لها ولحصتها المائية، لاسيما أن نهر النيل يؤمن نحو 97% من مياه الري والشرب في البلاد، فيما تعتبره الخرطوم خطرا على سدودها أيضا.

ووصف مجلس النواب موقف إثيوبيا بشأن سد النهضة بـ”المتعنت وغير المبرر”، مؤكدا رفض مصر المساس بحقوقها المائية.

وأشار رئيس المجلس حنفي جبالي خلال كلمته أمام جلسة عامة للبرلمان، إلى أن مصر “ترفض تعنت إثيوبيا جملة وتفصيلا لتأثيره السلبي على أمنها المائي”، وأضاف أن القاهرة “لن تدخر جهدا للدفاع عن حقوقها المائية والحفاظ عليها”.

وشدد على أن “مصر لا تعتدي، بل تدافع عن حق شعبها”. وقال جبالي: “التوصل لاتفاق عادل لقضية سد النهضة يمنع انزلاق المنطقة نحو الصراع. نعلن وقوفنا جميعا خلف القيادة السياسية ودعمنا لحماية حقوق الشعب التاريخية في مياه النيل شريان الحياة”.

وأوضح “نثق في تجاوز التحدي الذي نواجهه بقوة”، معتبرا أن “التطورات الأخيرة تؤكد عدالة الموقف المصري وسعيه لحماية الحقوق المائية ورفض المساس بها”.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *