أزمة السد الإثيوبي: خطاب رسمي من مصر لمجلس الأمن واجتماع غير عادي بقطر.. والاتحاد الإفريقي: مستعدون لتقديم المساعدة (تفاصيل)
الخارجية: إيداع ملف متكامل لدى مجلس الأمن حول قضية السد ليكون بمثابة مرجع للمجتمع الدولي حول هذا الموضوع
وزيرة خارجية السودان: موقفنا قائم على أهمية التوصل لاتفاق قانوني وملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل
الجبهة الشعبية للدفاع عن النيل: إعلان فشل مفاوضات السد يوجب استخدام القوة للدفاع عن الحق في المياه والحياة
كتب: عبد الرحمن بدر
مازالت أزمة سد النهضة الإثيوبي تتصاعد، وسط تعنت إثيوبي، وإصرار مصر والسودان على وجود اتفاق قانوني ملزم قبل الملء الثاني للسد.
بدورها قالت وزارة الخارجية إن سامح شكري، وزير الخارجية، وجه مساء أمس الجمعة، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة لشرح مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي، انطلاقاً من مسؤولية المجلس وفق ميثاق الأمم المتحدة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين.
وتابعت الوزارة في بيان، اليوم السبت: “حيث يتضمن خطاب وزير الخارجية تسجيل اعتراض مصر على ما أعلنته إثيوبيا حول نيتها الاستمرار في ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل، والإعراب عن رفض مصر التام للنهج الإثيوبي القائم على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب من خلال إجراءات وخطوات أحادية تعد بمثابة مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق”.
وقال السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن خطاب وزير الخارجية، والذي تم تعميمه كمستند رسمي لمجلس الأمن، يكشف للمجتمع الدولي عن حقيقة المواقف الإثيوبية المتعنتة التي أفشلت المساعي المبذولة على مدار الأشهر الماضية من أجل التوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة في إطار المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي.
وذكر حافظ أنه تم كذلك إيداع ملف متكامل لدى مجلس الأمن حول قضية سد النهضة ورؤية مصر إزائها، وذلك ليكون بمثابة مرجع للمجتمع الدولي حول هذا الموضوع، ولتوثيق المواقف البناءة والمسؤولة التي اتخذتها مصر على مدار عقد كامل من المفاوضات، ولإبراز مساعيها الخالصة للتوصل لاتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوقها.
مفوضية الاتحاد الإفريقي: مستعدون لتقديم أي مساعدة ممكنة
وقالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، السبت، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه محمد، الذي يزور السودان على رأس وفد رفيع ضم رئيس مفوضية الشؤون السياسية والسلم والأمن اديوي بانكولي، وكبير مستشاري رئيس المفوضية محمد الحسن ولد لباد، ورئيس مكتب اتصال الإتحاد الأفريقي في الخرطوم والناطق الرسمي باسم المفوضية السفير محمد بلعيش.
وتطرق اللقاء لأهمية إيجاد حل شامل ومرضي لكل الأطراف بشأن سد النهضة، حيث أكدت الوزيرة أن موقف السودان قائم على أهمية التوصل لاتفاق قانوني وملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل لما لها من ارتباط مباشر بمصالح هامة وحيوية للسودان.
وأوضح رئيس المفوضية من جانبه استعدادهم لتقديم أي مساعدة ممكنة لتسهيل التوصل لاتفاق بين الأطراف الثلاث.
اجتماع غير عادي بقطر لحل الأزمة
أفادت وسائل إعلام، اليوم السبت، بأنه بناء على طلب من مصر سيعقد اجتماع عربي “غير عادي” في العاصمة القطرية الدوحة، لبحث تطورات قضية سد النهضة.
ونقلت وكالة “أنباء الشرق الأوسط”، عن حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، قوله إن “الاجتماع غير العادي سيعقد بناء على طلب من مصر والسودان”.
وأوضح أن “ذلك يأتي على هامش الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب المقرر عقده في الدوحة يوم الثلاثاء المقبل”.
الجبهة الشعبية للدفاع عن النيل: إعلان فشل مفاوضات السد يوجب استخدام القوة
وبالأمس أكدت اللجنة التنسيقية للجبهة الشعبية للدفاع عن النيل، حق مصر المشروع فى الدفاع عن النفس باستخدام كل موارد القوة بما في ذلك القوة المسلحة لحماية الحق فى المياه والحياة، على خلفية الإعلان المصري – السوداني عن وصول مفاوضات سد النهضة الإثيوبى لطريق مسدود.
وحذرت الجبهة، في بيان أمس الجمعة، من المرواغات الإثيوبية المتكررة على مدار السنوات السابقة لكسب الوقت وإعاقة أي فرصة للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بهدف مواصلة سياساتها العدوانية ضد مصر والسودان، وإدارة النهر ومشروعاته بشكل منفرد.
وجددت الجبهة التأكيد على توجهاتها السابقة بشأن الاتفاق القانوني الملزم والذي ينهض على مباديء القانون الدولي بخصوص الأنهار الدولية، والتي تتعارض مع التوجهات الإثيوبية لخصخصة النيل وتحويله لبحيرة إثيوبية.
كما شددت على أن الاتفاق من شأنه الإلزام بحق مصر والسودان في الإدارة المشتركة لأي سدود تنشأ على النيل الأزرق بأولوية للإطار القانوني على التفصيلات الفنية.
وطالبت الجبهة بضرورة احترام الاتفاقيات والتعهدات الدولية ذات الشأن أعوام ١٩٠٢ و ١٩٠٣ و١٩٩٥، مع الرفض القاطع المطلق لوضع محبس على النيل يمنع تدفق المياه لمصر والسودان.
وشدد البيان على رفض تحويل المياه إلى سلعة وتحويل نهر النيل إلى بورصة مياه ورفض مد نهر النيل إلى أي دولة من غير دول الحوض، والتأكيد على كل ما تضمنه البيان التأسيسي للجبهة بشأن التعلية والملء والتشغيل والسعة والأمان.
وشددت الجبهة على أن هذا الإطار هو ما يتفق مع قواعد القانون الدولي، ومن الواجب مراجعة أي اتفاق أو إعلان يتعارض مع هذه المبادئ.
كما أكدت الجبهة الشعبية للحفاظ على النيل ثقتها في أن مصر تملك من موارد القوة، ما يكفي لحسم هذه المواجهة لصالح الحق فى الحياة، وأنها في سبيل هذا الحسم توضح عدالة موقفها للشعوب الإفريقية وشعوب العالم والمجتمع الدولي، لكنها لن تنتظر إذنا من أحد، ويقبل شعبها – الذي يواجه تهديدا وجوديا ومصيريا لشريان الحياة – كل تضحية ولا يقبل العدوان.
واستكملت الجبهة أنها وهي تقوى بانضمام الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب الدستور، فإنها تجدد الدعوة لكافة القوى الوطنية والأحزاب والنقابات المهنية والعمالية للعمل معا في الجبهة الشعبية للحفاظ على مياه النيل، للدفاع عن حق مصر في الحياة وعن حاضرها ومستقبلها وسيادتها وكرامتها.
تطورات الأزمة:
وفي وقت سابق أصدر وزراء الخارجية والري في مصر والسودان بيانًا مشتركًا، بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، وذلك عقب زيارة رسمية ليوم واحد للسودان قام بها وزيرا الخارجية سامح شكري والري محمد عبد العاطي، والاجتماع بكبار المسئولين في السودان، أكدوا فيها أن المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الإفريقي إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي.
وذكر البيان أن المباحثات الأربعاء الماضي، جاءت في جو ودي وإيجابي اتسم بالتفاهم المتبادل بين الجانبين المصري والسوداني.
وتركزت المشاورات حسب البيان حول تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي، حيث اتفق الطرفان على المخاطر الجدية والآثار الوخيمة المترتبة على الملء الأحادي لسد النهضة وأكدا على أهمية تنسيق جهود البلدين على الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية لدفع إثيوبيا على التفاوض بجدية وبحسن نية وبإرادة سياسية حقيقية من أجل التوصل لاتفاق شامل وعادل وملزم قانونًا حول ملء وتشغيل سد النهضة، بعد أن وصلت المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الإفريقي إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي.
وتوافقت رؤى البلدين حول ضرورة التنسيق للتحرك لحماية الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة وفي القارة الإفريقية، وهو ما يتطلب تدخل نشط من قبل المجتمع الدولي لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياستها القائمة على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب والإرادة المنفردة التي تواصل إثيوبيا اتباعها والتي تتجسد في إعلانها عن عزمها على ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل دون مراعاة لمصالح السودان ومصر.
وأعرب وزراء الخارجية والري في السودان ومصر عن بالغ القلق إزاء الآثار والأضرار المحتملة لملء وتشغيل سد النهضة بشكل أحادي وبدون اتفاق ملزم قانونًا ينظم عمل هذا السد الضخم على حقوق السودان ومصر ومصالحهما المائية، وأكدوا على أهمية تضافر الجهود الدولية من أجل الوصول لتسوية لأزمة سد النهضة تراعي مصالح الدول الثلاث وتحقق مصالحها المشتركة.
وتطرقت المباحثات كذلك إلى العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، حيث أكد الطرفان على حرصهما على تعزيز وتعميق العلاقات الأزلية التي تربط شعبي البلدين.
كان الرئيس السيسي قد أكد مؤخرا، ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم وعادل لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
وكانت الفترة الأخيرة، شهدت تصعيدا في التصريحات، خاصة بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الاثنين 31 مايو الماضي، أن بلاده ستبني أكثر من 100 سد صغير ومتوسط، في السنة المالية الجديدة، في مناطق مختلفة من البلاد، وهو ما أثار غضب القاهرة، إذ ردت الخارجية المصرية بقوة عليه، معتبرة أن إعلانه “يكشف مجددا عن سوء نية إثيوبيا وتعاملها مع نهر النيل وغيره من الأنهار الدولية التي تتشاركها مع دول الجوار وكأنها أنهار داخلية تخضع لسيادتها ومسخرة لخدمة مصالحها”.
ومنذ تصريحات أبي أحمد، عن المئة سد الإثيوبية الجديدة، لم تتوقف التصريحات المتبادلة، بين مصر وإثيوبيا، إذ قال وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي، عبر برنامج تليفزيوني محلي، إن مجريات الأمور، تشير إلى أن الصدام قد يكون حتميا بين مصر والسودان من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.
وبدأت إثيوبيا في بناء “سد النهضة” على النيل الأزرق عام 2011 بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل؛ فيما يخشى السودان من تأثير السد على السدود السودانية على النيل الأزرق.
وفشلت جميع جولات المفاوضات، التي بدأت منذ نحو 10 سنوات، في التوصل إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل السد.
وأكدت إثيوبيا في أكثر من مناسبة عزمها إتمام الملء الثاني لسد النهضة في موسم الأمطار، مع بداية شهر يوليو المقبل، بغض النظر عن إبرام اتفاق مع دولتي المصب. وتعتبر مصر والسودان إقدام إثيوبيا على الملء الثاني لسد النهضة دون التوصل لاتفاق، تهديدا للأمن القومي للبلدين.
واقترحت مصر والسودان سابقا وساطة رباعية تشارك فيها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، فيما تمسكت أديس أبابا بالمسار الذي يشرف عليه الاتحاد الأفريقي.
ورعت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جولة من المفاوضات، لكنها لم تفض إلى نتائج إيجابية.