أحمد علام.. سنة ونصف من الحبس بتهمة “ممارسة الصحافة” (كام عام ومواسم عدوا)
كتب- محمود هاشم
“بين جدران زنزانة موحشة في سجن طرة، بعيد – اضطراريا – عن الأهل والأحباب، لا يعرف بقدوم اليوم الجديد سوى من شعاع الضوء الذي يدخل من شباكها الضيق، يعد الساعات على أمل معانقة الحرية في أي لحظة، بينما يصبر نفسه بالأيام الخوالي في حواري القاهرة وأزقتها، التي يشتاق إليها وتشتاق إليه”.
هذا هو الواقع المؤلم الذي يعيشها الزميل الصحفي أحمد علام، منذ ما يزيد عن عام ونصف داخل محبسه، بعد حبسه على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، محروم من أبسط معاني حريته فقط لمجرد كونه صحفيا يمارس مهنته.
في العاشر من فبراير الماضي، طل علام على عامه الجديد من شباك الزنزانة، مكملا ربيعه الـ34، بحكم الغياب – القسري – عن احتفال أصدقائه به في مثل هذا اليوم من كل عام، تاركا مقعده فارغا على طاولة الاحتفال، بينما ينتظر أحبابه عودته إلى “لمَّتهم” المعتادة.
لا تختفي الابتسامة من على وجه الصحفي والمعد التليفزيوني، حتى يكاد أصدقاؤه يظنون أنها مطبوعة على وجهه الهاديء دوما، لا ينقطع حديثه في معظم جلساته على المقهى وفي أي تجمع عن ثورة 25 يناير وأحلامه بها وضيقه إلى ما وصل إليها حالها وحال أنصارها.
تتكشف ميوله اليسارية بالفطرة من سخطه على السياسات الاقتصادية التي يعاني فقراء الوطن من آثارها، ليجد نفسه فجأة ضحية جديدة في قائمة الصحفيين المسجونين، بتهمة جاهزة “دعم جماعات إرهابية”، على الرغم من توجهه الواضح في انتقاد سياسات جماعات الإسلام السياسي.
الجمعة الرابع والعشرين من أبريل قبل الماضي، كان الأشد إيلاما لأسرة علام، ففي الأيام الأولى من شهر رمضان، الذي اعتاد قضاءه مع أسرته في منزلهم بإحدى قرى مدينة العياط في محافظة الجيزة، حضر عدد من قوات الأمن في الحادية عشرة ونصف من المساء، للسؤال عنه، قبل أن يدخلوا به إلى إحدى غرف المنزل، ليصادروا هاتفه وهاتف شقيقته لاحقا.
ذهول الأسرة وصدمتها مما حدث أعجز لسانها عن الحديث لوهلة، قبل أن يستفيقوا على قوات الأمن وهي تأخذ الصحفي الشاب إلى إحدى عربات الشرطة، بدعوى الحاجة لاستجوابه في أحد مقراتها على أن تفرج عنه لاحقا، ليفاجأوا بعد ذلك بظهوره في مقر نيابة أمن الدولة في التجمع الخامس.
شمل التحقيق مع علام في 27 من الشهر ذاته، سؤاله عن نشاطه وعمله الإعلامي والصحفي وعلاقته بإعداد برنامج يتم إذاعته في قناة الجزيرة الوثائقية، كما سألته النيابة عن مضمون ما جاء في تحريات الأمن الوطني حول انضمامه لجماعة إرهابية، قبل أن تأمر نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يوما على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، وتجدد حبسه منذ ذلك التاريخ حتى اليوم.
المحامي نبيه الجنادي، الذي حضر جلسة التحقيق مع علام، قال إن التهم الموجهة للصحفي الشاب تشمل: نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والانضمام إلى جماعة إرهابية.
لم يتم ضبط أي أحراز بحوزة الصحفي، وعلى الرغم من اتهامه بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لم تكن هناك أي مطبوعات لمنشوراته على “فيسبوك”، كما أن وكيل النيابة لم يفحص حسابه من الأساس.
وجاء اتهام علام – المعروف بعدم ممارسة نشاط سياسي ضمن أي كيان – بالانضمام إلى جماعة الإخوان، ليثير موجة من السخط، والحديث عن تلفيق اتهامات جاهزة للقبض عليه، ومن بينها إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من عدم تفاعله عبر حسابه على “فيسبوك” منذ فترة طويلة سابقة لتاريخ القبض عليه.
تعرف قهوة غزال في منطقة وسط البلد زبائنها جيدا، ففيها التقى 3 أصدقاء والتقط رابع صورة لهم، لتمر الأيام وتصبح الصورة شاهدة على وجع وقهر أسر حرمت من أبنائها بدخولهم السجن.
فقبل ما يزيد عن نصف عام من القبض على علام، ألقي القبض على زميله المحامي الحقوقي عمرو إمام، واتهامه على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والمعروفة باسم “فخ اصطياد المعارضين”.
ويواجه إمام في القضية اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأخيرا نشر أخبار كاذبة.
أما في 16 مايو الماضي، قررت النيابة حبس الصديق الثالث في الصورة، الصحفي سامح حنين، 15 يوما احتياطيا على ذمة القضية رقم 586 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، ووجهت له تهم مشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، قبل أن يتم الإفراج عنه لاحقا.
وكان آخر ما كتبه سامح عن صديقه أحمد علام بعد القبض عليه “تتسجن ليه أنت؟ يسجنوك ليه؟، معلش يا أحمد”، ناشرا صورة لثلاثتهم الذين جمعتهم الصداقة والسجن، ومقاعد المقهى الفارغة.
وأحمد علام، 34 سنة، صحفي ومعد تلفزيوني، عمل في العديد من المؤسسات الصحفية والإعلامية من بينها المصري اليوم، CBC، والأخبار والسفير اللبنانيتين، وموقع الغد، وجريدة الكرامة، كما أسس موقع بوسطجي، المعني بنقل مشاهدات حية للتفاعلات الاجتماعية السائدة في مناطق عدّة حول العالم، ونشر قصصا تعكس طبيعة التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية في القطرين المصري والعربي.