أحكام بسجن 4 أشخاص في إيران حضوا على الإضراب دعما للاحتجاجات.. وإدانات دولية واسعة لأحكام الإعدام
أ ف ب/ فرانس 24
أعلن القضاء الإيراني، اليوم الأحد 8 يناير 2023، إصدار أحكام بالسجن لفترات متفاوتة في حق أربعة أشخاص على خلفية دعوتهم الى الإضراب دعما للاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ وفاة مهسا أميني.
وهي المرة الأولى تعلن فيها السلطة القضائية إصدار أحكام مرتبطة بتهمة من هذا القبيل، مذ اندلعت في 16 سبتمبر، احتجاجات إثر وفاة أميني بعد توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
واعتمد المحتجون في الآونة الأخيرة أسلوب الدعوة الى ثلاثة أيام من الإضرابات في مختلف مدن الجمهورية الإسلامية لدعم الحركة الاحتجاجية التي تقترب من اتمام شهرها الرابع.
وقال مسؤول السلطة القضائية في محافظة هرمزكان (جنوب) مجتبى قهرماني “تم إصدار الأحكام الابتدائية بحق أربعة أشخاص حضّوا السائقين على الإضراب في ديسمبر”، وفق موقع “ميزان أونلاين” التابع للقضاء.
وأشار الى أنه “تم الحكم على أحد المتهمين بالسجن عشرة أعوام، وآخر بالسجن خمسة أعوام لتشكيل مجموعة بهدف الإساءة الى أمن البلاد”.
وصدر حكم بالسجن عاما واحدا بحق كل من المتّهَمَين الآخرَين، وغرامة مالية “لتحطيمهما زجاج شاحنات”، وكانت وكالة “إيلنا” القريبة من الأوساط العمالية في إيران، نقلت عن قهرماني الشهر الماضي تأكيده فشل “الدعوات الموجّهة لسائقي الشاحنات للإضراب”، والتي أطلقتها “عناصر معادية للجمهورية الإسلامية”.
ويؤشر ذلك الى دعوات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للإضراب ثلاثة أيام بين الخامس والسابع من ديسمبر دعما للاحتجاجات.
ولم يكشف قهرماني أسماء المدانين، إلا أنه شدد على أن “أيا منهم لم يكن سائقا ولا علاقة له بقطاع النقل”، وفق ما نقل عنه موقع ميزان أونلاين الأحد، ويمكن للأربعة استئناف الحكم الصادر.
وأثارت إيران إدانات دولية، بتنفيذها حكم الإعدام برجلَين بتهمة قتل عنصر أمن أثناء احتجاجات غير مسبوقة أشعلتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني.
وندد مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بما حصل، معتبرًا أنه أتى نتيجة “محاكمات غير عادلة تستند إلى اعترافات انتزعت بالقوة”.
وأدانت الولايات المتحدة بأشدّ العبارات تنفيذ حكم الإعدام في حقّ الرجلين. وجاء في تغريدة للناطق باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس “ندين بأشدّ العبارات المحاكمة الصورية لمحمد مهدي كرامي ومحمد حسيني وإعدامها في إيران”.
وعبّر الاتحاد الأوروبي عن “صدمته” إزاء عمليتي الإعدام. واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن تنفيذ حكم الإعدام بإيرانيين اثنين السبت أمر “مقزز”، وحضت طهران على “الإصغاء إلى تطلعات الشعب الإيراني المشروعة”.
أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك فرأت أن ما حصل “يعزز إصرارنا على زيادة الضغوط على طهران إلى جانب الاتحاد الأوروبي”. وعبر وزير الخارجية الهولندي فوبكه هوكسترا عن صدمته، مؤكدا أنه سيستدعي السفير الإيراني “للتشديد على خطورة المخاوف”، وداعيا دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى القيام بالشيء نفسه. ودانت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي “الإعدامات المجنونة” داعية النظام “إلى وضع حد لهذه العقوبات الوحشية وغير الإنسانية”.
وقال مدير “منظمة حقوق الإنسان في إيران” محمود أميري مقدم إن الرجلين “تعرضا للتعذيب وحُكم عليهما بعد محاكمات صورية.. بدون الحد الأدنى من معايير الإجراءات القانونية اللازمة”. وعلى غرار ناشطين آخرين دعا إلى تحرك دولي أقوى. وأضاف في تغريدة أن عمليتَي الإعدام الأخيرتين “يجب أن تكون لهما عواقب أقسى” على النظام الإيراني، وطالب بفرض “عقوبات جديدة وأكثر حزما ضد أفراد وكيانات”. واستنكرت منظمة العفو الدولية “المحاكمة الجماعية الجائرة السريعة” للرجلين، قائلة إنها لا تشبه “إجراء قضائيا حقيقيا”.
وبذلك، يرتفع عدد عمليات الإعدام على خلفية الاحتجاجات الأخيرة في الجمهورية الإسلامية إلى 4، إذ أُعدم رجلان في ديسمبر، ما أثار غضبا دوليا وفرض عقوبات غربية جديدة على إيران.
وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر احتجاجات إثر وفاة أميني بعد ثلاثة أيام من توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وذكر موقع “ميزان أونلاين” التابع للسلطة القضائية الإيرانية أن “محمد مهدي كرامي وسيد محمد حسيني، منفّذَي الجريمة التي أدت إلى استشهاد روح الله عجميان، أُعدما هذا الصباح” (أمس السبت)، مشيرة إلى أحد عناصر قوات التعبئة (البسيج)المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
وقال المدّعون العامون في وقت سابق إن الشاب البالغ 27 عاما جُرد من ملابسه وقُتل على يد مجموعة من المشيعين الذين كانوا يحيون أربعينية المتظاهرة حديث النجفي التي قُتلت خلال الاحتجاجات.
ونفذّت عمليّتا الإعدام شنقا، رغم الحملة التي كانت تقوم بها مجموعات حقوقية دولية للعفو عن الرجلَين. وكان والد كريمي توسل السلطة القضائية عدم إعدام نجله.
وقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات. كذلك، أوقف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءا كبيرا منها “أعمال شغب” يقف خلفها “أعداء” الجمهورية الإسلامية.
خوف على آخرين
وأفاد “ميزان أونلاين” أن المحكمة الابتدائية حكمت على الرجلين بالإعدام في الرابع من ديسمبر، وفي 3 يناير، ثبتت المحكمة العليا الإيرانية حكمَي الإعدام الصادرَين في حق الرجلين، واتهمتهما بقتل عجميان يوم 3 نوفمبر في كرج في غرب طهران.
وكان والدا كرامي نشرا في ديسمبر مقطع فيديو يتوسلان فيه القضاء العفو عن ابنهما، وقال الوالد ما شاء الله كرامي “بكل احترام أطلب من القضاء، أتوسّل إليكم، أطلب منكم.. إلغاء عقوبة الإعدام في قضية ابني”، واصفا ابنه بأنه “بطل كاراتيه” فاز في مسابقات وطنية وعضو في الفريق الوطني، وأوضح لوسائل إعلام إيرانية أن محامي العائلة لم يتمكن من الوصول إلى ملف قضية ابنه.
وكتب محمد اغاسي محامي الدفاع عن كرامي على تويتر السبت، إن السلطات لم تسمح لكرامي بلقاء أخير مع عائلته قبل إعدامه، مشيرا إلى أنه كان بدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على ذلك.
وكان كرامي يبلغ 22 عاما، وفق منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ مقرا في أوسلو، فيما أفادت منظمة هنكاو ومقرها في النرويج، أن حسيني كان يبلغ 39 عاما.
ومنذ بداية الاحتجاجات، حكم القضاء بالإعدام على 14 شخصا لارتباطهم بالتظاهرات، بحسب إحصاء لوكالة الأنباء الفرنسية استنادا إلى معلومات رسمية. من بين هؤلاء، نُفّذ حكم الإعدام في حق أربعة أشخاص وثبتت المحكمة العليا حكمين في حق اثنين آخرين، فيما ينتظر 6 محاكمات جديدة ويمكن لاثنين آخرين الاستئناف، ويؤكّد ناشطون أن عشرات الأشخاص الآخرين يواجهون تهما تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وقالت الممثلة البريطانية من أصول إيرانية نازانين بنيادي، وهي سفيرة لمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، على تويتر إن “الثمن السياسي لعمليات الإعدام في إيران” يجب أن يرتفع. ودعت الدول الغربية إلى فرض عقوبات إضافية على “مسؤولي النظام المتواطئين في انتهاكات الحقوق” وسحب سفرائها من إيران وتجميد أصول.
بدورها، كتبت مسيح علي نجاد، المعارضة البارزة المقيمة في الولايات المتحدة، على تويتر “نحن في حداد كأمّة، ساعدونا في إنقاذ الآخرين”.
وعيّن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، أمس السبت، قائدا جديدا للشرطة الإيرانية بعد انتهاء مهام قائدها الحالي، وأصبح العميد أحمد رضا رادان قائدا للشرطة خلفا للعميد حسين أشتري الذي يتولى المنصب منذ عام 2015.
وحضّ خامنئي في رسالته القائد الجديد للشرطة على “تحسين القدرات المؤسسية”، وقال الخبير في الشؤون الإيرانية مهرزاد بوروجردي لوكالة الأنباء الفرنسية قبل تعيين القائد الجديد إن “ثمة شائعات على أن خامنئي انتقد بشدة” أداء أشتري، وأشار إلى أنه يتوقع استبدال أشخاص مثل أشتري “بمتشددين أكثر من أجل تشديد القبضة” على القوى الأمنية.