أحزان على عتبات الجزويت| ذكريات مع مسرح ناصبيان “مقام الموهوبين” ومتنفس الإبداع المستقل
حمزة العيلي: تاريخ عظيم يحمل في كل شبر منه عبق الفن.. وزين العابدين فؤاد: مسرح الجزويت سينهض من تحت الرماد
إلهام عيداروس: أول مكان عرفت فيه يعني إيه مواطنة وفنون وتنوير وعدالة اجتماعية.. وهمت مصطفى: جزء مهم من نضوجي فكريًا وثقافيًا وفنيًا.. كنت أهرب من العالم إليه مع كل محنة
مصطفى يوسف: الأب وليام ساعدنا في تصوير فيلمي الأول بينما كنت طالب ثانوية.. ومصطفى العادلي: صعب كل ده يتحرق بسهولة.. علينا إنقاذ المكان
خسارة مفجعة تعرض لها الوسط الثقافي المصري، مساء أمس، بنشوب حريق التهم مسرح ستوديو ناصبيان، في جمعية النهضة العلمية والثقافية “جزويت القاهرة”.
الكثيرون من الفنانين ورواد وجمهور المسرح لديهم الكثير من الذكريات مع كل خشبة من خشباته، الجميع لا يتخيل أن المكان الذي طالما كان مفعما بالنشاط سيتوقف نشاطه ولو ليوم واحد، الجميع يحدوه الأمل بعودته إلى سابق عهده في أسرع وقت.
يقول الفنان حمزة العيلي، إن “مسرح الجيزويت و أصله أستوديو ناصيبيان، ثاني أقدم أستوديو سينمائي في مصر، الذي بدأ من عام ١٩٣٧ تاريخ عظيم يحمل في كل شبر منه عبق الفن الساحر، جمعية الجيزويت شاهدت فيها أهم العروض الفنية الإبداعية، مكان عظيم لتقديم كل أنواع الفنون، وجمهوره واع جداً ومثقف ومتذوق راقي وبها مدرسة السينما ومتنفس مهم للمبدعين المستقلين ولكل من يريد تقديم فن حقيقي ومختلف “.
ويضيف، عبر حسابه على “فيسبوك”: “احتراق هذا المسرح بالكامل شيء مؤسف للغاية، والله أعلم ما وراء هذا الحريق وكيف حدث لكن ما يهم الآن هو تكاتف وتعاون كل الجهات المعنية ورجال الأعمال وكل من يستوجب عليه إعادة بناء وإصلاح هذا المكان وصولاً لأحسن مما كان، وهذا ما يتمناه بشدة كل من يقدر الفن ويعرف قيمة هذا المسرح الذي يعد مقام للموهبين في جميع أطياف الأعمال الإبداعية الراقية، ونحمد الله أنه لا توجد خسائر بشرية”.
الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد، كانت له أيضا ذكريات مع مسرح الجزويت، الذي استضاف احتفالية جيل السبعينات في يناير 2012، يقول زين: “رحب بنا الأب وليام سيدهم، ثم جلس في آخر القاعة”، ويتابع: “مسرح الجزويت سوف ينهض من تحت الرماد”.
وكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية – تحت التأسيس – إلهام عيداروس، تشارك ذكرياتها مع مسرح الجزويت قائلة: “أول ما سمعت بالخبر رجعت لذكريات الطفولة والمراهقة أما أبويا خدنا هناك وعرفنا على أبونا ويليام سيدهم وبدأنا نحضر نادي السينما وحفلات للموسيقى وأنشطة جميلة”.
“أول مكان عرفت فيه يعني إيه مواطنة وفنون وتنوير وعدالة اجتماعية قبل ما أعرف المصطلحات دي نفسها، شفت فيه تناقضات الناس وعيوبهم زي ما شفت جمالهم وابداعهم”، تضيف إلهام، مرفقة منشور لها برابط لفيلم “دايرة مقطوعة” التي شاركت في تمثيله وهو من إنتاج لجمعية النهضة.
دعم الموهوبين من القائمين على صناعة الفن والسينما، من أهم الأدوار التي يركز عليها مسؤولو “مسرح الجزويت”، بينما كان مصطفى يوسف، في الصف الثانوي، قرر إنتاج فيلم، حينها لم تكن الهواتف تحمل كاميرات، وكانت كاميرات التصوير تضم أفلام ٣٦ صورة، ولم يكن هناك الكثير من كاميرات الديجيتال في مصر، لم يكن هناك “فيسبوك” أو “يوتيوب” لنشر منتجه؟
يقول يوسف: “كنت محتاج أصور في مدرسة، ولما رحت قابلت أبونا وليام في الجيزويت تحمس وقرر يساعدني وخلاني أصور في مدرسة الجيزويت”.
اكتشف يوسف أن ما فعله معه الأب وليام، تكرر مع آخرين، وحتى مع مرور الأيام يستمر في دعمهم، يستكمل: “جمعية النهضة على طول وقفت جنب شباب السينمائيين والمسرحيين، وليها فضل كبير علينا، وعلى المشهد الثقافي والفني في مصر، الجمعية بيتنا كلنا ومسئوليتنا كلنا أننا نساعدها”.
“قعدت مش متخيل للحظات أن المسرح اتحرق بكل أجهزته وإضاءته، وكل شئ في يوم إجازتنا، المسرح ده أقدم حتة من ستوديو ناصبيان الكبير، أنا صورت جواه فيلمي الأول، وصورت جواه فيلمي التاني، وأخرجت برنامج سبرتاية جواه، وصورت مع مدرسة ناس عروض و أفلام جواه”، يقول مصطفى العادلي.
ويضيف: “صعب كل ده يتحرق بسهولة كده، المفروض دلوقتي كلنا ندعم جزويت القاهرة، وننقذ المكان ونرجع المسرح أحسن من الأول”.
“إنها خسارة عظيمة للروح والنفس والوجدان وللفن والثقافة”، تتحدث همت مصطفى، عن حريق مسرح الجزويت، ترى همت أن “الجزويت مش مجرد مكان أو مؤسسة ثقافية أو فنية كانت خطوة في رحلتي، لكن فخورة طول الوقت أني من أبناء الجزويت، وطول الوقت سعيدة إن جزء مهم من نضوجي فكريًا وثقافيًا وفنيًا كان في الجزويت، وفي مسرح ناس”.
تصف همت طبيعة العمل داخل مسرح الجزويت، قائلة: “أساتذة ومدربين من مصر ومختلف دول العالم، وأسرة بتحتويك وتدفعك، والمسرح ستديو تاثيرات، مش زي أي مسرح ثاني لي كان بيت، أتذكر في العديد من المرات عندما كنت أشعر بضيق أو تحاصرني محنة تأخذني قدماي وحدها كأنها حفظت الطريق من مترو رمسيس ، إلى هناك حيث المسرح والأصدقاء من مدرسة ناس، دون أن انتبه لأي أمر أو عابر بالطريق، فقط تملأني الرغبة بالهروب من العالم إلى المسرح”.