أحد أقدم المعابد اليهودية في مصر.. رئيس الوزراء يشهد افتتاح معبد “بن عزرا” بعد الانتهاء من ترميمه
كتب: عبد الرحمن بدر
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، افتتاح معبد “بن عزرا” أحد أقدم المعابد اليهودية في مصر، بعد الانتهاء من أعمال ترميمه، يرافقه أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، واللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، واللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، ضمن جولته التي بدأها، صباح اليوم، لتفقد عدد من المواقع الأثرية والتراثية التي انتهت أعمال الترميم والصيانة بها، عقب افتتاح مركز السيطرة للشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بمقر ديوان عام محافظة القاهرة.
وقال عيسى، إن مشروع ترميم المعبد تضمن أعمال الترميم المعماري الدقيق، فضلا عن أعمال معالجة ودرء الخطورة لأسقف المعبد، وعزل الأسطح بأفضل أساليب العزل وتنظيف الأحجار ومعالجتها وإعادة تنسيق الموقع بالشكل الملائم الذي يتيح الرؤية البصرية للأثر، بالإضافة إلى صيانة منظومة الإضاءة بالكامل، وتنظيف الوحدات النحاسية والحديدية وأعمدة الرخام فضلا عن أعمال ترميم الزخارف الأثرية والمكتبة.
وأضاف أن معبد “بن عزرا” يعد واحدًا من أهم وأقدم المعابد اليهودية في مصر، حيث كان يضم العديد من نفائس الكتب المرتبطة بعادات وتقاليد اليهود وحياتهم الاجتماعية في مصر، بالإضافة إلى “الجنيزا” الخاصة باليهود في مصر وهي مجموعة من الكتب واللفائف والأوراق الخاصة بهم وتمثل أهمية لدي الدارسين والباحثين المهتمين بالحياة الاجتماعية لليهود في مصر.
وأشار عيسى، إلى أن المعبد يُنسب إلى إبراهام بن عزرا في القرن الـ ١٢م، وقد أُعيد بناؤه في القرن الـ ١٩م، أمّا عن تخطيط المعبد فهو مستطيل مساحتُه حوالي 3500 م، ذو واجهات خالية من الزخارف، وبالنسبة للمعبد من الداخل فيتبع الطراز البازيليكي حيث ينقسم بواسطة بائكتين إلى ثلاثة أروقة متوازية أوسطها أكثرها اتساعًا، وبالرواق الأوسط توجد منصتان، تعرف الأولى بـ”أطلس المعجزة” أما الثانية فهي منصة الصلاة “البيما”، وبالطابق الثاني توجد شرفة صلاة السيدات وتشغل ثلاثة أضلاع؛ وبطرفيها حجرتان للمقتنيات والجنيزا، كما يوجد خلف المعبد بئر للطهارة يتم الوضوء بمائه قبل الدخول للمعبد وخاصة غسل الأرجل.
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الشخصيات العامة والمؤسسات طالبت بمد أعمال الترميم إلى جميع الآثار المصرية ومنها الجبانات التي تعرضت لسلسلة من أعمال الهدم خلال الآونة الأخيرة.
ومن بين المطالبين بمد مظلة الترميم لتشمل جميع التراث المصري، جمعية المعماريين المصريين، التي أصدرت بيانًا، قالت خلاله إن “جبانات مــصر التاريخية تتعرض لتدمير شامل لم تشهده من قبل خلال أربعة عشر قــرنًا وحتى يومنا هذا، كما لم تشهده حتى فترة الاحتلال الأجنبي أو من جراء الحروب و الكوارث الطبيعية”.
وأضاف البيان “هذه الجبانات جزء مسجل ضمن القاهرة التاريخية المسجــلة على قائمة التراث العالمي، تحميها مواثيق عالمية وقوانين محلية، كما أنها مسجلة أيضًا كمنطقة تراثية ضمن القاهرة التاريخية طبقا للقانون رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ وقد اكتســبت قيمتها التاريخية والتراثية لما لها من نسيج عمراني متميز ارتبط بمدينة العصور الوسطى وكذلك بمن ضمتهم في ثراهــا، أجيال متعاقبة من أبــناء هذا البلد بجميع فئاته وطبقاته ورموزه ممن ساهموا في نهضة هذا البلد من علماء حكام وسياسيين وفنانين وأدباء وشعراء، وأولياء الله الصالحين، وشهداء ضحوا بحياتهم في سبيل الدفاع عن تراب هذا الوطن”.
وتابع “تضم المنطقة كـــنوزا مـــعماريـــة فريدة شديدة التنوع تعبر عـــن حقبات من تطور العمارة الجنائزية الممتدة عبر العصور، والتي لا تقل قيمة عــن تــاج محــل فــي الـهند. ويـصل عدد المقابر ذات القيمة التراثية إلى المـئات بـعضها مسجـل كـتراث مـميز عـلى قـائـمة الجهاز القومي للـتنسيق الـحضاري طبقا للقانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ حيث تـحتوي على عـناصـر مــعماريــة فــريــدة مــن تــركــيبات رخــامــية أو حجــريــة تحــمل أجــمل نــماذج الخــط الــعربـي الذي يعد تراثا في حد ذاته، ومسجل أيضا عــلي قــائــمة الــيونــسكو، و مع ذلك جاري الآن الإزالــة لهذه العناصر المعمارية والزخرفية بما يعرضها للنهب والسرقة والضياع”.
وأشار البيان إلى أن هناك لجان وأفراد يقومون بفك التركيبات و عرضها للبيع، دون إبلاغ أصحاب الأحواش والمقابر.
وشددت جمعية المعماريين على أن “الهجمة التي تـتعرض لـها جـبانـات الـقاهـرة الـتاريـخية مـثيرة لـدهـشة الـكثيريـن، خـاصـة أنـها مـثلت رد السـلطات عـلي الـبدائـل لـلإزالـة الـتي طرحتها لـجنة شـكلها مجـلس الـوزراء مـن المـتخصصين فـي التخـطيط الـعمرانـي و الـحفاظ عـلي الـتراث، و قـامـت بـدراسـة جدوى مشـروع الـطرق والـكباري المـطروح مـن قـبل الـحكومـة والـذي بـدأ تـنفيذه عـام ٢٠٢٠ و أثـبت عـدم جـدواه لـكونـه يوفر دقــيقتين فــقط لــلرحــلة، و طرحت مشــروعا بديلا يــعتمد على استغلال شــبكة الــطرق و تحسيناتها الحالية دون المــساس بـالـجبانات الـتاريخية، وتطبيقا لـنموذج ريـاضـي اثـبتت ان مـقترحـها لحـل مـشكلة الحـركـة صـالـح لمـدة عشـر سـنوات قـادمـة… بـل ذهـبت أبـعد مـن ذلـك بـوضـع تـصور لاسـتغلال المـوقـع لـلسياحـة الـديـنية والـثقافـية مـن خـلال انـشاء مـسارات و كـذلـك حـل مـشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية، إلا أن هـذا المـقترح لـم يـؤخـذ فـي الاعـتبار، واستمرت مـعاول الهـدم في الـعمل بـلا هـوادة بل أكـثر مـن ذي قـبل وكأنـها تسابق الزمن لمحو تاريخ الأمة وذاكرتها وتراثها و قهر شعبها بنبش قبورهم وإهانة رفات ذويهم”.
وأردف “إن كــل مــنزل فــي مــصر مــتشح بــالحــداد، بل مــصر أغلبها مــتشحة بــالــسواد، فــكل أســرة مــكلومــة تخــرج رفــات ذويــها، و تــعيد دفـن اخ، اخـت، اب، ام، جـد، ابـن، حـفيد، اي شـرع او ديـن يـقبل ذلـك؟ مـن أيـن جـاءت هـذه الـفظاظـة و الـغلظة و الـقسوة لمتخـذ الـقرار؟ نـاهـيك عـن ازالـة تـراث فـريـد لا يـقل قـيمة عـن تـراث الأجـداد، فـجبانـات الـقاهـرة هـي بـمثابـة وادي مـلوك و مـلكات مـصر القديمة للمصريين المحدثين، فهل نتركها للزوال؟”.
واختتم البيان “إنـنا نـحن المـوقـعين على هـذا الـبيان، مـن أعضاء نـقابـات مـهنية والجـمعيات العلمية و مواطنين نـهيب بالأمة المصرية مدعومين بـكل شـرفـاء الـوطـن لـلوقـوف ضـد هـذه الأعمال التخريبية التي تستهدف جزء عزيز بل مقدس من تراثنا الثقافي.. إنه نداء وصرخة من أجل إنقاذ جبانات القاهرة التاريخية من الزوال”.