“يوتوبيا الجديدة” ليست خيال روايات.. إعلان “مدينتي” يستفز المشاهدين وحملة هجوم شرس ضده: نبوءة أحمد خالد توفيق تتحقق

عن التباهي بالانفصال عن الواقع والتعالي عليه.. تناص بين إعلان طلعت مصطفى ويوتوبيا خالد توفيق

رواد السوشيال ميديا يسخرون من الإعلان بأصوات بديلة: “في مدينتي بيشتروا الفول بـ 2 مليون جنيه.. كل مليون لوحده”

متابع: إيه شروط التقديم لجنسية مدينتي؟.. والفنان صلاح الدالي : ليه بتعملوا إعلان عن المصريين؟

كتب – أحمد سلامة

(يوتوبيا المذكورة هنا موضع تخيلي، وكذلك الشخصيات التي تعيش فيها ومن حولها، وإن كان المؤلف يدرك يقينًا أن هذا المكان سيكون موجودًا عما قريب.. أي تشابه للمكان والشخصيات مع أماكن وشخصيات -في الواقع الحالي- هو محض مصادفة غير مقصودة).

هكذا كتب الروائي أحمد خالد توفيق الراحل في 2018، في مقدمة روايته الشهيرة “يوتوبيا” والتي صدرت قبل وفاته بعشر سنوات كاملة، تلك القصة التي دارت أحداثها حول مجتمع مغلق من الأثرياء الذين آثروا الانعزال عن مصر في مُدن مغلقة لا تضم إلا “ناس شبه بعض” بعيدًا عن ضجيج الفقراء وصخب الجماهير المنسية.

لم يمتد العمر بالدكتور أحمد خالد توفيق ليشاهد إعلان “مدينتي” في 2020، ربما لو كان شاهده لما كان اندهش على الإطلاق، فهو الذي أكد أن هذه المجتمعات قادمة “يقينًا”.

إعلان “مدينتي” المملوكة للمهندس هشام طلعت مصطفى أثار ضجة كبيرة، ليس بسبب جاذبيته، ولكن بسبب استفزازه لملايين المصريين الجالسين في منازلهم أمام شاشات التلفزيون يقضون ساعات حظر الحركة في محاولة الهرب من التفكير في كيفية توفير “لقمة عيش” كريمة لأسرهم.

ثلاث دقائق وعشرون ثانية، كانت كفيلة باستفزاز الملايين، ما دفع الكثيرين إلى شن حملة واسعة عبر مواقع التواصل انتقدوا خلالها الإعلان وما ورد فيه.

في رواية يوتوبيا يقول أحمد خالد توفيق، (جلسة عائلية تضم علية القوم في يوتوبيا، فهذا المجتمع قد أفرز قوانينه ومحاكمه).

أما في إعلان مدينتي، فيقول من يُفترض أنهم ساكني المدينة “أنت النهاردة في مكان مش موجود في أي حتة في مصر أو برا مصر”، “أول ما بدخل مدينتي بحس إني دخلت مكان تاني بدنيا تانية”، “مش مضطرين كتير إننا نطلع برا مدينتي”، “ممكن أقعد سنة كاملة مخرجش منها”.. هذه بعض الجُمل التي وردت في الإعلان فاستفزت الجماهير، لكن الكلمة التي أثارت غضبًا حقيقيا هي “الناس كلها شبه بعض والـ  Community  حلو قوي”.

ليست مُجرد كلمات، كما وصفها رواد مواقع التواصل، ولكن دعوة للانفصال عن المجتمع الكبير، وعدم الاختلاط مع الطبقات الأدنى، واختيار مجتمع موحد النمط، ينتمي رواده لنفس المستوى الطبقي الذي لا يسمح لمستويات أقل بالتواجد.

حتى الضوء الذي سلطه الإعلان على تقديم الخدمات وسهولة الإنجاز داخل المدينة فتح بابًا آخر للانتقاد، فقد كان من الصعب على رواد مواقع التواصل ألا يقارنوا بين الخدمات التي يحصلون عليها بشق الأنفس، وبين الخدمات التي يحصل عليها “مجتمع مدينتي”.

“محمد صلاح الجديد جاي من هنا.. ليفربول مدينتي”، استفزاز آخر، فمحمد صلاح النجم الذي أحبه الملايين ليس في مصر وحدها ولكن في العالم كله لم يخرج من “مجتمع مُغلق ومنعزل”، ولكن خرج من بين البسطاء، وهو ما دفع الكثيرين استشراف المستقبل الذي سيحاول فيه أبناء “المجتمع المغلق” السيطرة حتى على مواهب كرة القدم التي عشقوها.

(في يوتوبيا.. حيث يتوارى الموت خلف الأسلاك الشائكة فلا يصير إلا لعبة يحلم بها المراهقون)، في رواية أحمد خالد توفيق، ترك الأثرياء خلفهم مجتمعا جاهلا مريضا فقيرا، بل وأصبح أفراده هدفًا لهواية “الصيد”.. يخرج الشاب إلى المجتمعات المتخلفة لاصطياد الفقراء وقتلهم للحصول على تذكار، إصبع، يد، أنف.. أيًا ما يكون، تحول أثرياء المجتمع المُنعزل إلى وحوش لا يمثل لهم الموت إلا لُعبة يحلم بها المراهقون.

“القتل” لم يكن بعيدًا عن رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين انتقدوا الإعلان، فقد دفعهم إلى تذكر الاتهامات التي وجهت سابقًا إلى المهندس هشام طلعت مصطفى.. وعن ذلك يقول أحد المدونين عبر صفحته: “هشام طلعت مصطفى، القريب من جمال مبارك، وواحد من شلة رجال الأعمال اللي نهلوا من يغمة فساد عصر مبارك شفطًا ونفخًا، مُجرَّم بحكم محكمة.. والإفراج عنه كان بـ «إفراج صحي/ سياسي» في قضية التخطيط والتحريض لقتل سيدة كان على علاقة بها.. واللي متقاطع معه، ولو بامتلاك وحدة في مشروع من مشاريعه (اللي وراها تسهيلات دولة فساد مروعة له ليقيمها ويكسب الشهد منها)، مش مفروض يضطر إطلاقًا للفخر بالتقاطع دا.. بالعكس، الأقرب إنه يكفي على الخبر ماجور، خصوصًا وإنه بالتأكيد دافع فيها من دم قلبه ولحمه الحي ما يزيد عن تمنها بكتير”.

ويُردف “لكن توصل إن اسمه يستخدم في الإعلان عن مشروع سكني جديد، بالصفاقة والتجبر دا، تصويرًا له كأيقونة ترويج واستحقاق واستقطاب، فدا شبه الخلط الجنوني وكسر النِفس المفروض علينا حاليًا بالضبط.. وبالمناسبة مش لازم خالص نبرره ولا نتجاهله، ولا نمرره”.

 (أقدم لك مايك رودجرز قائد رجال الأمن.. رجل أمريكي من ميسوري لطيف المعشر له شارب أشقر رفيع، عضلات بارزة وطرف الفانلة الزيتية البارز من السترة، معه استمتع بالكلام بالعامية الأمريكية، مايك كان من المارينز، وقد حارب في فيتنام في أوائل هذا القرن.. لا.. آسف.. حارب في العراق.. أخلط بين العراق وفيتنام كثيرا فهما بلدان بعيدان قصيان كانت للأمريكان تجارب قاسية فيهما).

هكذا قال أحمد خالد توفيق على لسان بطل “يوتوبيا”، ذلك الشاب “المصري” الذي لا يعرف شيئا عن بلده ولا عالمه العربي، وربما هذا ما قصده رواد مواقع التواصل الاجتماعي حينما انتقدوا محاولات سكان “يوتوبيا الحقيقية” بالتماهي مع مجتمعات أخرى أوروبية أو أمريكية متخلين تماما عن المجتمع الذي يُفترض أنهم نشأوا داخله وينتمون إليه “نظريًا”.

وهو ما ذكر المدونين أيضا بلقاء سابق للفنان أمير كرارة مع زميله شريف منير في برنامج “أنا وبنتي”.. يقول أحد رواد مواقع التواصل “أسد الوطنية المصرية الفنان أمير كرارة كان طالع في لقاء مع شريف منير في برنامج (أنا وبنتي) على قناة أون تي في، وكان بيحكي موقف الكل في الإستوديو شافه مضحك وجميل جدًا.. ابن الفنان اسمه سليم، عنده 8 سنوات، وذات مرّة الفنان حب بقي أن إبنه يزور جده “حمادة” اللي ساكن في سراي القبة.. الطفل مكنش خرج من التجمع منذ ولادته، ولما راح سراي القبة اتصدم، شاف أوتوبيسات نقل عام في الطريق، وتباعين بينادوا مطرية ورمسيس، وعمارات قديمة، وأكشاك بتبيع بيبسي.. تخيّل مصري عمره 8 سنوات، مشافش مصر الحقيقية، ولما شافها اتصدم، وتخيّل أن الفنان يصف الإنتقال من التجمع لسراي القبة بـ “النقلة الحضارية”، وتخيّل “صناع الرأي” من الفنانين الميري، وهما شايفين أن التباهي بالجهل بمصر وأنت عايش فيها، أمر يدعو للفخر.. حقيقي عند الفئة دي..هو يدعو للفخر..لأن كل انغماس مصري يُقلّل من جودة السمت الأوروبي.. سمت الخواجة المستشرق.. مصر بالنسبة لأطفالهم، بتبقي كام متحف، وآثار متناثرة في الصحراء، وحتة شعبية لطيفة، يقدر يأخد فيها فنجان قهوة، مصحوب بعزف من رجل ستييني على عود متهالك، ودندنة بصوت قبيح.. حاجة أوريجنال..ينفع نصوّرها فيديو واحنا مبتسمين وبنصفق”.

لقراءة البوست كاملا اضغط هنا:

بمناسبة إعلان مدينتي..من 9 سنوات كنت أتعلّم الألمانية في معهد جوته، وكان كورس صباحي، ونصفه علي الأقل من الأمهات، اللي…

Geplaatst door Abdo Fayed op Zondag 3 mei 2020

الأمر لم يتوقف لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي عند حد الانتقادات الجادة، وإنما امتد إلى السخرية الحادة من الإعلان، حتى أن بعضهم لفق أصوات بديلة للأصوات الحقيقية في الإعلان.. وبالطبع أثرياء مدينتي في “النسخة الكوميدية من الإعلان” يسخرون من الفقراء والمحتاجين.

حملات من السخرية اللاذعة انتقدت الإعلان، فيقول حساب باسم الحاج سعد “في مدينتي بيشتروا الفول بـ 2 مليون جنيه، كل مليون لوحده” بينما يقول حساب باسم عبدالرحمن مجدي “ناقص بس يعملوا شروط التقديم لجنسية مدينتي و نفهم هل لازم نتنازل عن الجنسيه المصرية كمان ولا ينفع ننول شرف حمل الجنسيتين”.. وتضيف صاحبة حساب باسم آية حمدي “حقيقي اعلان مدينتي يستاهل الحفله اللي معموله عليه دى اعلان مستفز”.


بينما نشر الفنان صلاح الدالي مقطع فيديو له عبر حسابه على “فيس بوك” وجه فيه سخرية لاذعة لـ”مدينتي” والقائمين عليها متسائلا “مدينتي هايلة وفوق دماغي من فوق، بس ليه بتعملوا إعلان عن المصريين؟!.. إعلان جميل ومبهج بس إحنا مالنا بالإعلان؟!”

شاهد الفيديو من هنا:

اعلان مدينتي و الكوميونتي

اعلان مدينتي و الكوميونتي

Geplaatst door ‎Salah El Daly صلاح الدالي‎ op Zaterdag 2 mei 2020


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *