واشنطن تثير الجدل حول إدارة غزة.. رويترز: خطة جديدة بالتعاون مع تل أبيب لتولي حاكم أمريكي وتكنوقراط فلسطينيون قيادة القطاع
كتب – درب ووكالات
أفادت وكالة “رويترز”، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تخطط لتعيين حاكم أمريكي لإدارة مؤقتة في قطاع غزة، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً بشأن مستقبل القطاع المحاصر وسيادته.
ووفقًا لمصادر مطلعة، تهدف الإدارة الأمريكية إلى تشكيل هيئة إدارية تضم تكنوقراط فلسطينيين، باستثناء حركة “حماس” والسلطة الفلسطينية، لتستمر حتى تحقيق نزع سلاح القطاع.. هذه الخطة، التي تجري مناقشتها بين واشنطن وتل أبيب، وتتضمن دعوة دول أخرى للمشاركة، تأتي وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية، مما يثير تساؤلات حول دوافعها وتداعياتها على القضية الفلسطينية.
ويأتي هذا الإعلان في ظل استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، الذي بدأ منذ 7 أكتوبر 2023، وأسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، معظمهم من المدنيين، وتدمير واسع للبنية التحتية.. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، يعاني القطاع من حصار مشدد، نقص حاد في الغذاء والدواء، وتشريد مئات الآلاف من سكانه.
في هذا السياق، تسعى إسرائيل إلى إعادة تشكيل الواقع السياسي والإداري في غزة، بهدف القضاء على نفوذ حركة “حماس”، التي تسيطر على القطاع منذ عام 2007.
منذ بدء العدوان، طرحت إسرائيل عدة مقترحات لمستقبل غزة، بما في ذلك إقامة مناطق عازلة وإعادة احتلال أجزاء من القطاع، لكن هذه الخطط واجهت انتقادات دولية واسعة.. في الوقت نفسه، أبدت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، اهتمامًا متزايدًا بإيجاد حلول إدارية للقطاع، بهدف تحقيق الاستقرار دون السماح بعودة “حماس” إلى السلطة أو استمرار سيطرة السلطة الفلسطينية، التي تواجه انتقادات إسرائيلية بسبب مواقفها السياسية.
وحسب وكالة “رويترز”، تعمل الولايات المتحدة على تشكيل إدارة مؤقتة لغزة بقيادة حاكم أمريكي، يُشرف على هيئة إدارية تضم فلسطينيين يتم اختيارهم بعناية لضمان عدم ارتباطهم بحركة “حماس” أو السلطة الفلسطينية.
الهدف المعلن هو إعادة بناء القطاع وتحقيق استقرار طويل الأمد، مع شرط أساسي هو نزع سلاح القطاع، وهو مطلب إسرائيلي طالما شكّل نقطة خلاف مع الفصائل الفلسطينية.
المصادر أشارت إلى أن واشنطن وتل أبيب تناقشان هذه الخطة منذ أسابيع، مع خطط لدعوة دول أخرى، لم يُكشف عن هويتها بعد، للمشاركة في الإدارة، ربما لإضفاء طابع دولي على المبادرة وتخفيف الانتقادات المحتملة.
ومع ذلك، لم تُحدد الخطة آليات واضحة لتنفيذ نزع السلاح أو مدة الإدارة المؤقتة، مما يثير مخاوف من أن تتحول إلى شكل من أشكال الاحتلال الخارجي.
حتى الآن، لم تصدر تصريحات رسمية من حركة “حماس” أو السلطة الفلسطينية بشأن هذه الخطة، لكن من المتوقع أن تواجه رفضًا قاطعًا من الفصائل الفلسطينية، التي ترفض أي تدخل خارجي يهدف إلى تغيير الواقع السياسي في غزة.
في السابق، أدانت “حماس” أي محاولات لفرض إدارات بديلة، معتبرة إياها “جزءًا من مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية”، كما أن استبعاد السلطة الفلسطينية قد يُعقد العلاقات بين رام الله وواشنطن، التي تدعم السلطة ماليًا وسياسيًا.
على الصعيد الدولي، من المرجح أن تثير الخطة انتقادات من دول عربية وإسلامية، خاصة تلك التي تدعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.. فمصر والأردن، على سبيل المثال، طالبتا مرارًا بحلول سياسية شاملة تستند إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وليس إدارات مؤقتة تحت إشراف أجنبي.
كما أن روسيا والصين، اللتين تعارضان الهيمنة الأمريكية في المنطقة، قد تعتبران هذه الخطة محاولة لتعزيز النفوذ الأمريكي-الإسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية.
وتُظهر هذه الخطة رغبة الولايات المتحدة في لعب دور مباشر في إعادة تشكيل غزة بعد العدوان، بهدف ضمان مصالح إسرائيل الأمنية ومنع عودة “حماس” إلى السلطة، ومع ذلك، فإن استبعاد السلطة الفلسطينية وحركة “حماس” يثير تساؤلات حول شرعية هذه الإدارة وقبولها بين الفلسطينيين، خاصة في ظل الرفض الشعبي المتوقع لأي هيمنة أجنبية، كما أن شرط نزع السلاح قد يُطيل أمد الصراع، حيث تعتبر الفصائل الفلسطينية المقاومة المسلحة حقًا مشروعًا في مواجهة الاحتلال.
من الناحية الإنسانية، قد تُساهم الإدارة المؤقتة في تحسين تدفق المساعدات إلى غزة، لكن نجاحها يعتمد على تعاون الأطراف المحلية والدولية.. وفي حال فشلت الخطة في معالجة الأزمة الإنسانية أو كسبت معارضة شعبية واسعة، فقد تتحول إلى مصدر توتر إضافي في المنطقة.
وتعيش غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث أدى القصف الإسرائيلي المستمر إلى تدمير أحياء سكنية بأكملها، ونزوح مئات الآلاف إلى مراكز إيواء مكتظة.
ووفقًا لتقارير دولية، فإن أكثر من 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الإنسانية، فيما يواجه المستشفيات انهيارًا بسبب نقص الإمدادات الطبية.. في هذا السياق، تُعتبر أي خطة إدارية للقطاع محكومة بقدرتها على معالجة هذه الأزمة واستعادة الحياة الطبيعية للسكان.