ملك الأردن والأمير حمزة يظهران معا للمرة الأولى بعد أزمة “الإقامة الجبرية” (صورة)

وكالات

لأول مرة، ظهر الأمير حمزة بن الحسين، مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأحد، ويرافقه عدد من الأمراء الهاشميين، في زيارة الأضرحة الملكية بمناسبة مئوية الدولة الأردنية، وذلك بعد أسبوع من إعلان الحكومة الأحد الماضي، أن الأجهزة الأمنية تابعت نشاطات تستهدف الأردن للأمير حمزة، ما استدعى توقيف عشرات المسؤولين.

ورافق الملك عبدالله، الأمير حسن والأمير فيصل والأمير حمزة والأمير علي والأمير هاشم والأمير راشد، وذلك بعد أيام قليلة من رسالة وجهها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الأردنيين مؤكداً أن الفتنة وئدت والأردن آمن ومستقر.

وقال “إن الأمير حمزة في قصره ومع عائلته وتحت رعايتي، والأمير التزم بأن يكون مخلصا لرسالة الآباء والأجداد، وبأن يضع مصلحة الأردن ودستوره فوق أي اعتبارات”، مشيرا إلى أنه قرر التعامل مع موضوع الأمير حمزة في إطار الأسرة الهاشمية، موكلاً هذا المسار إلى عمه الأمير الحسن بن طلال، كما أضاف “نواجه هذه التحديات كما فعلنا دائما متحدين يدا واحدة في الأسرة الأردنية الكبيرة”.

وعندما زار الأمير حمزة أقارب مرضى فيروس كورونا المستجد، الذين لقوا حتفهم بعد نفاد الأكسجين في أحد المستشفيات، أحدث ذلك شرخاً داخل العائلة المالكة هز صورة الأردن المستقرة في منطقة مضطربة.

كانت الزيارة التي قام بها في 14 مارس إلى مدينة السلط “القشة التي قصمت ظهر البعير”، على حد تعبير أحد كبار المسؤولين في المؤسسة، لأنها جاءت بعد ساعات من زيارة الملك عبد الله للمستشفى وتوبيخ الإدارة علناً للوفيات التسع. وجاءت زيارة الأمير حمزة المستشفى لتعزية المكلومين قبل ستة أيام من توجه ولي العهد الأمير الحسين إلى المدينة لفعل الشيء نفسه، وهي خطوة قال بعض المسؤولين إنها سعت لسلب الأضواء منه.

وتحدثت “رويترز” إلى أكثر من 10 من المسؤولين والمسؤولين السابقين والملمين بشؤون القصر حول الأحداث التي أدت إلى الاتهامات ضد الأمير حمزة، وتحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لحساسية الموضوع.

وقال 8 مطلعون على الوضع إن زيارة الأمير حمزة سعت لهز صورة أخيه غير الشقيق، ودفعت السلطات إلى وضعه قيد الإقامة الجبرية واتهامه بالتورط في أنشطة تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد.

ورغم أن الملك عبد الله والأمير حمزة أعلنا انتهاء الخلاف، كشفت الأحداث التي وقعت في مطلع الأسبوع عن صدوع داخل العائلة المالكة التي تشكل صمام الأمان لحماية الأردن من اضطرابات كتلك التي عصفت بسوريا والعراق.

وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يخلف حمزة أخاه عبد الله ملكاً للأردن في المستقبل، إلى أن عين الملك ابنه الحسين ولياً للعهد بدلاً منه في عام 2004، تماشياً مع تقاليد الأسرة والدستور في تولي الابن الأكبر للحكم.

ويشعر بعض الخبراء بالقلق من أن يندلع الخلاف مجدداً، نظراً للمشاكل الأساسية في الأردن، مثل الفقر والبطالة وتزايد وفيات كوفيد-19، والتي قالوا إنها ساهمت في ظهور أوجه التوتر على السطح.

وقال جواد العناني الذي شغل منصب آخر رئيس للديوان الملكي في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال لرويترز: “الخصومة العائلية انتهت لكن يتعين علينا معالجة القضايا التي أدت إليها مثل البطالة وإدارة كوفيد-19 والفقر”، وأضاف: “هذه أسباب الاحتقان”.

ولم يتسن الوصول إلى الأمير حمزة للتعليق على أسباب الخلاف والتحدث عن دوافعه لزيارة أسر الضحايا، ورفض الديوان الملكي التعليق عندما سئل عما دفع الحكومة للتحرك ضد الأمير حمزة الذي لم يظهر علناً منذ تفجر الخلاف.

وقال العاهل الأردني يوم الأربعاء إن الفتنة “وُئدت” وإن الأمير حمزة “تحت رعايتي”. وأكد الأمير حمزة وقوفه وراء الملك والتزامه بالدستور بعد وساطة من العائلة الملكية. وقال مسؤولون إن ما بين 14 و 16 شخصاً اعتقلوا لصلتهم بالمؤامرة المزعومة.

قوبل الأمير حمزة (41 عاماً) بترحيب حار من أسر المتوفين في السلط خلال زيارته في مارس، واندلعت احتجاجات صغيرة في أنحاء الأردن على نقص الأكسجين بالمستشفى وكان بعض المشاركين يهتفون باسم الأمير ويدعونه لإنقاذ البلاد، ولم يتسن الوصول إلى المستشفى للتعليق في وقت مبكر من اليوم الجمعة.

وكان الملك (59 عاماً) يدفع بابنه الأمير الحسين (26 عاماً) بشكل متزايد إلى دائرة الضوء وشوهد إلى جانبه في معظم المناسبات العامة وغالباً ما يرافقه في الزيارات الخارجية.

وكانت أنشطة الأمير حمزة مصدر قلق للملك قبل وقت طويل من وصول الأحداث إلى ذروتها الشهر الماضي، وفقاً لبعض السياسيين البارزين.

وأقام الأمير حمزة، نجل الملك الراحل الحسين والملكة نور، علاقات وثيقة مع بعض أفراد العشائر الأردنية التي تهيمن على قوات الأمن وتشكل حجر الأساس لدعم النظام الملكي الهاشمي في المملكة.

وكثف الأمير حمزة هذا العام رحلاته إلى المناطق الريفية والعشائرية للقاء شيوخ عشائر ساخطين شكلوا حركة معارضة فضفاضة تسمى الحراك. وكثير من أعضاء هذه الحركة متقاعدون من الجيش وأجهزة الأمن. وظهر على وسائل التواصل الاجتماعي جالساً في خيام بدوية يحتسي الشاي ويتحدث مع شيوخ العشائر الذين انتقدوا الملك لتقاعسه عن توفير ما يكفيهم من الوظائف والعطايا.

وقالت عدة مصادر مطلعة إنه وعلى الرغم من أن الأمير حمزة نادراً ما يعبّر عن رأيه علناً، فقد رأى القصر في تحركاته محاولة لتقويض الملك عبد الله وصورة الأمير الحسين المتنامية التي تظهره حاملاً للواء تكافؤ الفرص للشباب.

وأضاف ثلاثة مسؤولين بالديوان أن التحركات انتهكت كذلك القواعد التي تتطلب من أي فرد من أفراد العائلة إبلاغ القصر بزيارات الأماكن العامة.

كانت قوات الأمن تتابع كل خطوة من خطوات الأمير حمزة وتبلغ الملك بأنشطته في وقت يتصاعد فيه السخط العام بسبب البطالة والفقر اللذين وصلا لمستويات قياسية، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الوضع. ولدى سؤاله عن هذه المتابعة، قال مسؤول أمني إن مهمة الأجهزة الأمنية هي “حماية سلامة البلاد”.

وعلى مدى العقد الماضي، فجر الغضب من السلطات بسبب تدهور مستويات المعيشة ومزاعم الفساد اضطرابات مدنية كبيرة في الأردن، لا سيما في المحافظات والمناطق البدوية التي كان يتحرك فيها الأمير حمزة للقاء شيوخ العشائر.

وتذكر عبد الله الحويطات، أحد أفراد العشائر، زيارة قام بها الأمير حمزة في وقت سابق من هذا العام إلى تجمع في جنوب الأردن حيث أخبرهم  أن والده، الذي كان على صلة قوية بالعشائر، لم يكن ليسمح بتدهور الأوضاع على النحو الذي وصلت إليه في الأردن. وقال اثنان من الحاضرين إن الأمير حمزة أبدى تعاطفاً مع ما قيل عن سوء إدارة البلاد. ولم يتسن لرويترز التأكد من روايتهما بشكل مستقل.

وعلى مدى العشرين عاماً الماضية، اكتسب الأمير حمزة التأييد من خلال محاكاة طريقة والده في الكلام وصوته وسلوكه وحتى ملابسه، وقالت مصادر من العشائر إن الأمير الدمث الذي تلقى تعليمه في الغرب حرص على تعلم لهجات كل عشيرة. ومع ما بدا من تزايد شعبيته، شعرت السلطات أن الوقت حان للتدخل، وقال أحد الشخصيات السياسية البارزة: “لم يترك لنا أي خيار”.

ووصل رئيس أركان الجيش يوسف الحنيطي إلى قصر الأمير حمزة في عمان حوالي الساعة الثانية من ظهر يوم السبت، وقيل للأمير حمزة إن التواصل مع أفراد العشائر الساخطين “خط أحمر” ينبغي ألا يتجاوزه.

ورد الأمير غاضباً في تسجيل صوتي سربه على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً: “سامحني يا سيدي ولكن أين كنت قبل 20 سنة؟ أنا كنت ولي لعهد هذه البلد بأمر من والدي رحمه الله. أنا أقسمت له أني سأظل أخدم وطني وشعبي ما حييت”، ولم يتسن الاتصال بمتحدث باسم الجيش للتعليق على الواقعة.

كما قال الأمير حمزة في تسجيل فيديو أرسله محاميه إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إنه قيد الإقامة الجبرية وطُلب منه البقاء في المنزل وعدم الاتصال بأي شخص. وقال الأمير الذي تحدث بالإنجليزية في الفيديو إنه لم يكن جزءاً من أي مؤامرة أجنبية وندد بالفساد في النظام الحاكم.

وأضاف أن تحسين معيشة الأردنيين “موضوع في المرتبة الثانية من نظام حاكم قرر أن مصالحه الشخصية ومصالحه المالية وفساده أهم من حياة وكرامة ومستقبل العشرة ملايين الذين يعيشون هنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *