مقعد فارغ على مائدة الإفطار| زوجة باهر محمود الموظف بـ”التضامن” مطالبة بإخلاء سبيله: إلى متى سأضطر للكذب على طفلتنا وإخبارها بأنه في مستشفى؟ 

كتب- محمود هاشم:  

ما أصعب الانتظار على السجناء والمحبوسين، وما أقساه على ذويهم الذين يعيشون على أمل خروج ذويهم بعد أشهر وسنوات من المعاناة في غيابهم، بينما يأتي شهر رمضان وتتوق إليهم مقاعدهم الفارغة على موائد أسرهم، لتعود معها البهجة الغائبة، في الوقت الذي تنشغل الأيدي بالابتهال لعودتهم، وإعداد وجبات الإفطار لتسليمها لهم بوجوه تكسوها الحسرة، في أقرب زيارة لها خلف القضبان. 

“اليوم الأول من إفطار رمضان هذا العام كان الأكثر كآبة وحزنا علينا، فهي المرة الأولى التي يغيب فيها زوجي عن حضوره معنا ومشاركتنا الاحتفال به على مقعده في طاولة الطعام، ولا ندري إلى متى سيطول غيابه الاضطراري، وإلى متى سنقدر على تحمل هذا الغياب”. 

تحكي نشوى البهنساوي، زوجة باهر محمود عبدالعظيم، الموظف في وزارة التضامن الاجتماعي، عن مأساة أسرتها في غياب زوجها، منذ القبض عليه في فجر 27 فبراير 2023، بينما تدور في مخيلتها سيناريوهات يومه الأول في رمضان داخل محبسه. 

تضيف نشوى لـ”درب”: “لم أستطع تناول وجبة السحور لليوم الثاني على التوالي، بينما لا أدري وضع زوجي في زنزانته، هل كان يأكل جيدا، من شاركه مائدة الطعام، كيف يتعاملون معه ومع زملائه في مثل هذه الأيام وغيرها، وإلى متى سيكون عليه الاستمرار في كل هذه المعاناة”. 

توضح زوجة باهر: “تم القبض على زوجي قبل أقل من شهر من بداية رمضان، ومنذ ذلك الحين ما تزال طفلتنا الصغيرة ذات الأعوام الأربعة تسألني أين أبي؟ ولا أدري بم أجيبها، في زيارتنا له بسجن الجيزة المركزي، قبل نقله إلى سجن أبو زعبل، اضطررت للكذب عليها وإخبارها أنه مريض ويتلقى العلاج في المستشفى وسيعود قريبا عند تحسن حالته الصحية، لكن ماذا إن أدركت أن هذا المستشفى ما هو إلا سجن، يقبع فيه والدها دون ارتكاب أي جريمة؟”. 

وتتابع: “قبل القبض على باهر، تم استدعائه إلى مقر الأمن الوطني في مدينة الشيخ زايد، واستجوابه بشأن عمله، وقيل له حينها إن استدعائه بسبب ترشحه على منصب هام في وزارة التضامن الاجتماعي، لكن الأسئلة امتدت إلى معتقداته الدينية ومدى انخراطه في أي نشاط سياسي أو ديني، وحتى مدى معرفته بأشخاص غير متدينين”. 

واستطردت: “هذه المرة عاد بعد بضع ساعات، وفي المرة الثانية قيل لنا إنه سيعود أيضا بعد ساعات، لكن ذلك لم يحدث، خاطبنا أعضاء في لجنة العفو الرئاسية والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وتلقينا وعودا بالتدخل لإخلاء سبيله، ونحن الآن ننتظر تنفيذ هذه الوعود”. 

واستكملت نشوى: “زوجي موظف حكومي لم يرتكب أي جريمة وليس له أي نشاط سياسي أو ديني، فلماذا علينا أن نعيش كل هذه المعاناة، نناشد السلطات المسؤولة النظر بعين الرحمة ولم شمل أسرتنا مجددا بإخلاء سبيله”. 

كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أدانت قرار نيابة أمن الدولة العليا الصادر في جلسة 7 مارس 2023، حبس موكل باهر محمود عبدالعظيم 15 يومًا بتهم سياسية على ذمة التحقيق في القضية رقم 392 لسنة 2023، شملت الانضمام إلى جماعة إرهابية مع علمه بأغراضها، وتعمد نشر أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، واستخدام حساب خاص على شبكة المعلومات الدولية بهدف الترويج لأغراض الجماعة الإرهابية، والاشتراك في اتفاق جنائي الهدف منه ارتكاب جريمة إرهابية، والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية. 

وطالبت المبادرة، في بيان 16 مارس 2023، النائب العام بفتح تحقيق فوري في الانتهاكات الجسدية والتعذيب الذي طاله بعد القبض عليه والخروقات القانونية التي شابت عملية القبض. 

يذكر أن باهر أحد خريجي (المبادرة الوطنية لتأهيل القيادات الحكومية المستقبلية للمناصب القيادية للوزارات)، وعمل في السنوات الماضية مساعدًا للمستشار الإعلامي بمكتب وزيرة التضامن الاجتماعي؛ ثم مسؤولًا للمتابعة والتخطيط بوحدة السياسات الاقتصادية في وزارة التخطيط. 

ووفقا للمبادرة، تم القبض على باهر- 43 عامًا- فجر 27 فبراير 2023، من منزله في منطقة فيصل بالهرم، على يد قوة مكونة من 3 ضباط ادعوا أنهم من الرقابة الإدارية، ورفض الضباط الحديث معه أو إبلاغه بأية مبررات للاقتحام أو إظهار إذن بالقبض أو التفتيش، بينما دخلت معهم مجموعة من الجنود المسلحين والملثمين وقاموا بتفتيش المنزل واقتحام غرفة النوم رغم وجود زوجته بها. 

ووفقًا لأقواله أمام النيابة، تم ترحيل باهر محمود فور القبض عليه إلى قسم الهرم وبمجرد دخوله تم تعصيب عينيه وتقييد يديه خلف ظهره بالكلابشات وتعذيبه باستخدام الكهرباء في أماكن متفرقة من جسده قبل التحقيق معه.  

وأوضحت المبادرة أنه لم يتم تحرير محضر القبض على باهر إلا بتاريخ 7 مارس، أي بعد أكثر أسبوع من القبض عليه فعليًا.  

وادعت الاتهامات المذكورة في محضر التحريات انضمامه إلى جماعة إرهابية، وتعمد نشر أخبار وبيانات كاذبة في داخل البلاد وخارجها، واستخدام حساب خاص على شبكة المعلومات الدولية بهدف الترويج لأغراض جماعة إرهابية، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية، والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *