مدحت الزاهد يكتب: سيارة المستشار وشهادة شيخ القضاة

سيارة المستشار
سلوك ابن المستشار وتوابعه من عقد السيارة وتصريحات احنا بنحبس ولا ننحبس وقبلها خناقة السيدة المستشارة وقبلها احنا أسياد البلد وغيرها من الاحداث المرتبطة بصراعات القوى لم يكن مألوفا من القضاة بالذات ووجه الغرابة فيها ارتباطها بانحرافات رجال العدالة وذويهم وهى مؤشر خطير على تراجع العدالة كحالة ومؤسسة ونظام قيم وعلامة من علامات التحلل قرينة بالتراجع المستمر لاستقلال القضاء والقيم الثقافية والأخلاقية فى الدولة والمجتمع.
1- المستشار محمد فهمى عبد العزيز
عطفا على هذه الظواهر تذكرت نماذج واحداث وصورا أخرى أمل أن اعود اليها تفصيلا فى مقبل الايام .. أبداها بحكاية جارى المستشار محمد فهمى عبد العزيز رئيس محكمة جنايات الجيزة الأسبق وكان يملك سيارة فيات 28 اشتراها عن طريق نادى القضاة وكان قد أحيل إلى المعاش وتقدم به العمر ويعيش وحيدا ولا يبرح منزله الا نادرا والسيارة تتقادم ولا يستخدمها وعندما اقترحت عليه بيع السيارة وكان معروضات عليه ضعف سعرها، رفض لانه اشتراها بدعم مالى من نادى القضاة ولا يجوز أن يتربح منها ولو مليما واحدا واخيرا قبل اقتراح زوجتى وتبرع بها لجمعية خيرية لرعاية المسنين .. احيانا كنت أزوره ونمضى ساعات نتسامر ويحدثنى عن ذكرياته ومنها ما اتصل بعمله فى أسيوط حيث نما لعلم المحامى العام وقتها أن رئيس نيابة دخل السينما وافردوا له لوج أو شرفة مميزة بعدة مقاعد وبالمصادقة حضر مدير الأمن بصحبة ضيوف فاستاذونه فى الانتقال لمقعد اخر وفى اليوم التالى استدعاه المحامى العام وطلب منه الاستقالة حفظا لكرامة الهيئة القضائية وقال له إن القاضى لا يحوز أن يجلس فى منزل يمكن إخراجه منه وإن خالف القانون والأعراف السليمة لا يستحق لقب رجل العدالة ومن لا تكون العدالة نبراسه واحترام القانون بوصلته يفقد الوطيفة واللقب.
2 شهادة رئيس نادى القضاة (المستشار يحيى الرفاعى)
………
عرفت المستشار يحيى الرفاعى عن قرب وجمعتنى به مواقف لا تنسى وهو رمز كبير لتيار استقلال القضاء شملته كل حركة تطهير او تحجيم تستهدف تدجين القضاء فى عهد عبد الناصر والسادات ومبارك وفاضت روحه الى ربه قبل عهد السيسى . ونسبت اليه الطريقة الرفاعية ، وصفا لصدارته لتيار الاستقلال، وهو ايضا ورئيس نادى القضاة لعدة دورات ورئيس مؤتمر العدالة الأول عام 86 الذى ضم كل المعنين بقضايا العدالة وقدم المؤتمر وثائق بالغة الأهمية في شئون العدالة والقضاء ، ولم يخفض ابدا رأسه ولم ينافق حاكما ، وعندما طلبوا منه الاطلاع على كلمته في افتتاح المؤتمر الذى حضره مبارك ، رفض ، وعندما طالبوه بعدم ذكر مطالب القضاة في انهاء حالة الطوارئ رفض، فاضطر مبارك الى تمديد الطوارئ قبل افتتاح المؤتمر بيوم ، تفاديا لحرج مدها رغم التوصيات المتوقعة للمؤتمر . ومع هذا خاطب المستشار في كلمة الافتتاح رئيس الجمهورية عاتبا عليه مد الطوارئ وكنا نتمنى الا تفعل ، اما وقد حدث فيلزم ان تكون في اضيق نطاق والا تستخدم في غير الحالات الواردة والا تكون غطاء لتعسف السلطات .
أما موقفه المشهود معى فكان بمناسبة تحقيقات أجرتها معى نيابة أمن الدولة برئاسة المستشار عبد المجيد محمود حول خبر مانشيت الاهالى وكان خاصا بالجمعية العمومية لمحكمة النقض متضمنا انها بحثت مذكرة تقدم بها قضاة النقض تستنكر تدخل زكى بدر وزير الداخلية وقتها في اعمال القضاء بتصريحاته التي يدلى بها علنا ويوجه بها الجنود والضباط (أضرب في المليان) ( عاوزهم جثث) وقد أضافللجهاز الى وظيفة التحريات ، وظيفة المحقق والقاضى وعشماوى منفذ احكام الاعدام، ضاربا بسلطة القضاء عرض الحائط ، ثم يتباهى بصلب جثث ضحاياه على صفحات الجرائد. وقد أحدث هذا الخبر دويا وقتها ولم يستفز زكى بدر وزير الداخلية فقطـ بل ضغطوا على المستشار احمد شوقى المليجى الذى كان رئيسا لمحكمة النقض ورئيسا بحكم وظيفته لعمومية النقض فأصدر تكذيبا للخبر وبدأ موسى صبرى في جريدة الاخبار حملة واسعة بعناوين (أكاذيب الاهالى) واستدعتنى نيابة امن الدولة للتحقيق في اتهام رئيس القضاة ، رغم ان الخبر كان صحيحا، ورغم أن مقدم البلاغ كان رئيس القضاة ، نصحنى المستشار الرفاعى أن أطلب شهادته وهو نائب رئيس النقض ورئيس نادى القضاة، وشهادة من حضروا الجمعية العمومية ، وقال انهم سيشهدون بالحق ولن يكتموه.
وفى غرفة التحقيق ، وهذه قصة اخرى، طلبت من المتشار عبد المجيد محمد شهادة قضاة النقض، دون تحديد اسم بالذات وبعد جلسة طويلة تم حفظ التحقيق والافراج عنى من سرايا النيابة ، وغدا احكى عن غرفة التحقيق .. ولكن المستشار يحيى من أكثر من عرفت تميزا بقامته وهيبته وهو من أكثر من تبهت معه بأن هناك فرقا بين المكان والمكانة، فحتى عندما كانت تنجح الحكومة في اسقاطه في انتخابات رئاسة النادى، كان حضوره كافيا لان يصمت الجميع وينهضون وقوفا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *