محمد محيي الدين.. عامان ونصف من الحبس الاحتياطي والتهمة مدافع عن الدستور (رجعوه لحضن زياد وياسمين)

“غشيم في حب الوطن طبعا غشيم.. ياللي تحب الوطن من الصميم”، 32 شهرا، عامان ونصف قضاها السياسي والنائب السابق ومقرر لجنة الدفاع والأمن القومي في اللجنة التأسيسية لدستور 2012، الدكتور محمد محيي الدين، داخل السجن بسبب مواقفه الوطنية المعارضة للسلطة، وأبرزها في قضيتي الاستفتاء على التعديلات الدستورية وتيران وصنافير.

تجاوز محيي الدين الحبس الاحتياطي، بينما ما يزال مسجونا حتى الآن، في الوقت التي تتزايد المناشدات لإخلاء سبيله، أو خروجه في قوائم إفراجات مرتقبة.

“دايما شايلة حاجات محمد فى شنطتي، ساعته محفظته، بتونس بيهم، محمد وحشني، ودايما حواليا بيساعدنى بكذا شكل وأنا عاجزة مش عارفة أساعده”، كثير من الألم والشجن تحمله كلمات زوجته ندى مقبل، وهي تتحدث عن ذكرياتهما معا قبل أن تفصله عنها زنزانة الحبس الاحتياطي.

في 22 فبراير 2019 تم القبض على محيي الدين – أحد الشخصيات العامة في اتحاد الدفاع عن الدستور، الذي دعت الحركة المدنية الديمقراطية لتأسيسه – من منزله في الإسكندرية، ولم يستدل على مكان احتجازه حينها، حتى ظهر في نيابة أمن الدولة يوم 24 فبراير، بعد أيام من مشاركته في حملة توقيعات لرفض التعديلات الدستورية، ما تزال عبارة “لا لتعديل الدستور” موجودة على حسابه الشخصي على “فيسبوك”، وكأنها معبرة عن لسان حاله.

اضغط هنا

تم عرضه علي نيابة أمن الدولة دون حضور محام خاص به – على ذمة القضية 277 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا والمعروفة إعلاميا بقضية “اللهم ثورة” – وصدر قرار بحبسه احتياطيا، حتى هذا الحين.

“كانت زيارة 10 دقائق فى وسط 10 زيارات مليانة صراخ وزعيق عشان كل واحد يقدر يسمع اللى بيزوره”، كان هذا مشهد بسيط كشفت به ندى عن جزء من معاناة أسرة المحبوسين، خلال زيارتها لها، في منتصف أكتوبر الحالي.

تضيف ندى: “منعوا الجبنة والحلويات، مش فاهمة إيه الخطر فيها، جواباته لوالدته وللأولاد اتمنعت”، وتستكمل: “طبعا لما يكتب جواب لوالدته اللى مشافتوش من 3 سنين، يطمنها عليه ويحاول يحسسها بوجوده ويطمن قلبها، ده خطر على الأمن القومي”.

في فبراير الماضي، طالب المحامي الحقوقي خالد علي، بإخلاء سبيل الدكتور محمد محيي الدين، بعد تجاوزه عامين في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 277 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.

القضية ذاتها تم حبس المهندس يحيى حسين عبد الهادي على ذمتها، حيث تجاوز هو الآخر عامين في الحبس الاحتياطي وجرى تدويره من الداخل على ذمة قضية جديدة بعد إكماله المدة القانونية للحبس الاحتياطي.

وقال خالد علي، إن محيي الدين شارك في جمع وثائق مصرية جزيرتي تيران وصنافير، وكان عضواً فاعلاً في فريق البحث والتوثيق بالقضية، ثم أعلن معارضته للتعديلات الدستورية قبل القبض عليه.

وأشار إلى أنه خلال فترة الاستفتاء على التعديلات تم القبض على النائب السابق بسبب مواقفه المعارضة، وتم حبسه احتياطياً على ذمة القضية، ومنذ ذلك الحين يتم تجديد حبسه حتى الآن.

في مقابلة مع “بي بي سي” في مايو الماضي، حكت، عن معاناة أسرتهما بعد القبض عليه، قائلة إنها في إحدى المرات فوجئت بسؤال مؤلم وجهه لها ابناهما زياد وياسمين: “يا ماما هو بابا راح عند ربنا”؟ ظنا أن أباهما لقي حتفه وأن الأم تخفي عنهما الخبر.

بعد إلقاء القبض على محيي الدين، اتفق هو وزوجته ألا تصطحب الطفلين لزيارته في السجن ولا تخبرهم عن مكانه الحقيقي، يزداد إصرار ندى على موقفها، كلما عاينت مشقة إجراءات زيارة زوجها، إذ تقطع أكثر من 200 كلم من منزلها في محافظة الإسكندرية الساحلية، كل شهر، لتتمكن من زيارة زوجها الذي يقضي عقوبته في مجمع سجون طرة، في رحلة تستغرق يوما كاملا.

تضيف: “الطفلان ما يزال تفكيرهما سطحي وبسيط للغاية. بالنسبة لهم، شخصية الضابط هي تجسيد للخير، فيما يمثل السجين الشر، فأنا لن أستطيع أن أريهم أباهم في موقف الشرير”.

في الظروف الطبيعية، يُسمح للسجناء بأن يزورهم ذووهم مرة كل شهر في مكان مخصص داخل السجن، وأربع زيارات إذا كان محبوسا على سبيل الاحتياط.

وبعد انتشار وباء كورونا، خفضت وزارة الداخلية من عدد الزيارات المسموح بها كل شهر، كما أصبحت تسمح لشخص واحد فقط بالزيارة التي تجري من خلف حواجز سلكية للحفاظ على التباعد الاجتماعي.

بالإضافة إلى المعاناة والأذي النفسي والاجتماعي من آثار طول مدة السجن، يضيف حبس العائل الوحيد للأسرة عبئا إضافيا على كاهلها، خاصة في ظل تزايد الصعوبات المادية، فندى – التي تعمل مهندسة – لم يحالفها الحظ للعثور على فرصة عمل، وتعتمد على مساعدات الأهل لتنفق على البيت.

وتقول “السجن لم يؤثر على وضع الأسرة الاقتصادي فحسب، بل دمرها. بالنسبة لي، أنفقت كل مدخراتي، وبعت شقة سكنية كنا قد اشتريناها من أجل أطفالنا”.

محيي الدين محمد عثمان، هو ضابط متقاعد ظل بالقوات المسلحة حتى أحيل للمعاش في فبراير 2005 لأسباب طبية وهو برتبة مقدم، حصل على درجة الماجستير من كلية الهندسة بجامعة المنصورة في عام 2003، كما عمل مدرساً في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، وبعد الدكتوراه تم تثبيته أستاذاً مساعداً كلية الهندسة بجامعة بني سويف.

وسبق أن أعلن محيي الدين نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية السابقة في 2018 ثم تراجع نتيجة لتضييق المجال ومنع المرشحين وفقاً لتصريحاته وقتها، وهو أيضا عضو في مجلس الشورى السابق، ومقرر لجنة الدفاع والأمن القومي بالجمعية التأسيسية لدستور 2012، كما منصب نائب رئيس حزب غد الثورة.

بدأ اهتمامه بالعمل العام منذ عام 2005 حيث ترشح لمجلس الشعب عن دائرة سيدي جابر ولم يوفق وقتها وظل متابعاً للعمل العام من بعيد ومهتماً بالعمل الأكاديمي حتى قامت ثورة 25 يناير فشارك فيها وانضم لحزب غد الثورة حتى أصبح نائب رئيس الحزب، ثم شارك في موجة 30 يونيو وكان من الداعين لها.

تم ضمه لقضية تنظيم “اللهم ثورة”، التي كان متهما فيها “شباب حزب الكرامة” قبل إخلاء سبيلهم، والمهندس يحيى حسين عبد الهادي المتحدث الرسمي باسم الحركة المدنية الديمقراطية، علماً بأنه عسكري سابق هو الآخر.

وشملت الاتهامات الموجهة للنائب السابق: مشاركة جماعة إرهابية لتحقيق أغراضها مع العلم بأغراضها، ونشر وإذاعة أخبار كاذبة الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

تنتظر ندى عودة زوجها إلى حضن الأسرة، بعد أشهر من الغياب “الاضطراري”، على غرار المفرج عنهم مؤخرا في قوائم الإخلاءات، “إمتى الكابوس ينتهي، 32 شهر بنعد فى شهور وشهور مش أيام، كفاية كدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *