لم تتخط 9%.. المعارضة التونسية تطالب قيس سعيد بالتنحي عن الحكم بعد المشاركة الانتخابية الأضعف في تاريخ البلاد 

د ب أ/ رويترز/ أ ف ب 

وصفت “جبهة الخلاص الوطني المعارضة” في تونس نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات البرلمانية بالزلزال، مطالبة رئيس البلاد قيس سعيد بالتنحي عن الحكم. 

وبلغت نسبة المشاركة بعد إغلاق أغلب مكاتب الاقتراع مساء السبت، 8.8% وهي الأدنى التي تشهدها تونس منذ بدء الانتقال الديمقراطي في البلاد عام 2011. 

وستعلن النتائج الأولية للدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الاثنين، على أن تجرى دورة ثانية لحسم مصير عدد من المقاعد بين وفبراير ومارس المقبلين. 

وجاءت نسبة الإقبال الأولية أقل من معدل التضخم الذي يبلغ 9.8%، ما يسلط الضوء على الضغوط الاقتصادية التي تسببت في خيبة أمل العديد من التونسيين من السياسة وغضبهم من القيادات. 

وهذه أدنى نسبة مشاركة للناخبين منذ ثورة 2011 بعد نسب قياسية بلغت 70% في الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2014، وهي أقل بثلاث مرات من النسبة المسجلة إبان الاستفتاء على الدستور الجديد هذا الصيف (30,5 %) الذي شهد أصلا امتناعا قويا عن التصويت. 

في أول تعليق له على نتائج الانتخابات، قال فاروق بوعسكر رئيس اللجة المستقلة للانتخابات في مؤتمر صحفي ليل السبت/الأحد: “ضُعف نسبة المشاركة في الانتخابات اليوم سببه تغيّر نظام الاقتراع وانعدام المالي السياسي، ولأنه أوّل مرة تصير انتخابات نقية ونظيفة”. 

بينما قالت منظمة (أنا يقظ)، وهي منظمة مراقبة غير حكومية تشكلت بعد ثورة 2011، قالت إن البرلمان الجديد يخلو من جميع السلطات. كما قالت منظمة البوصلة – وهي منظمة غير حكومية أيضاً تراقب عمل البرلمان – إنها ستقاطع المجلس التشريعي الجديد الذي تعتقد أنه سيكون “أداة للرئيس لتمرير القوانين التي يريدها”. 

وسيحل مجلس النواب الجديد المكون من 161 نائبًا بسلطات محدودة للغاية، محل المجلس الذي جمّد سعيّد أعماله في 25 تموز/يوليو 2021 قبل أن يحلّه بحجة التعطيل الذي عاشته المؤسسات الديموقراطية الناتجة من الثورة التي أسقطت الرئيس الراحل زين العابدين بن علي عام 2011. 

“زلزال سياسي”.. ودعوة للرحيل 

وقال أحمد نجيب الشابي زعيم الجبهة، التي تضم ائتلاف من أحزاب وسياسيين معارضين، في مؤتمر صحفي “ما حصل هو زلزال بقوة 8.8 على مقياس ريختر”. وتابع الشابي “اليوم ثبت أن قيس سعيد لا شرعية له.. اليوم الشعب التونسي سحب ثقته منه”، ودعا الرئيس التونسي إلى “الرحيل فوراً”. 

وقال الشابي في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس اليوم الأحد 18 ديسمبر 2022، إن هذه الانتخابات “تظهر أن قلة قليلة من التونسيين تؤيد نهج قيس سعيد”. وأضاف أن “هذا تخل شعبي كبير عن العملية” التي بدأت بتجميد مجلس النواب وإقالة رئيس الحكومة في 25 يوليو 2021، قبل احتكار جميع السلطات. 

والانتخابات البرلمانية هي الخطوة التالية من خارطة طريق وضعها الرئيس سعيّد تضمنت استشارة وطنية إلكترونيا لضبط الإصلاحات السياسية قبل تنظيم استفتاء على دستور جديد في 25 تموز/يوليو الماضي. 

“سعيد فقد الشرعية” 

وقال الشابي “نداء بأن يرحل .. لم يعد هناك مبرر لبقائه في الحكم”، وناشدت الجبهة دعم الحركات النقابية والمدنية والأحزاب لإنهاء حكم قيس سعيّد، وأضاف زعيمها “بالنسبة لنا منذ هذه اللحظة قيس سعيد فقد كل الشرعية وهو ليس رئيسا لتونس”، وتابع: “لم يعد هناك وقت لأن نبقى متباعدين نحن تونسيون في مركب واحد قدرنا أن نتعاون لإنقاذ تونس وإنقاذ أنفسنا لأننا جزء من هذا البلد”. 

وطالب أيضا حزب الدستور الحر الذي يحظى بقاعدة جماهيرية الرئيس سعيّد بالتنحي. وقالت عبير موسى زعيمة الحزب وهي من أنصار الرئيس السابق زين العابدين بن علي إن “أكثر من 90 % قالوا نرفض الاعتراف بمشروعه”. وأضافت “نطالب بإعلان الشغور في منصب الرئيس والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة”. 

وكان سعيّد قد أعلن التدابير الاستثنائية في 25 يوليو 2021 وحل بعد ذلك البرلمان المنتخب في 2019 وهيئات دستورية أخرى وعلق العمل بالدستور بدعوى تصحيح مسار الثورة ومكافحة الفساد والفوضى بمؤسسات الدولة. 

وقاطعت المعارضة الانتخابات والاستفتاء على الدستور الجديد الذي وضعه الرئيس سعيد في 25 تموز/يوليو الماضي واتهمت الرئيس بالتأسيس لحكم فردي. 

قتل ممهنج للسياسة؟ 

وتأتي الانتخابات بعد مرور 12 عاماً على اليوم الذي أضرم فيه بائع الخضر محمد البوعزيزي النار في نفسه في احتجاج أشعل فتيل انتفاضات الربيع العربي وجلب الديمقراطية إلى تونس. 

لكن هذا الإرث الديمقراطي سقط في براثن مزيد من الشكوك بسبب سلسلة من التغييرات السياسية التي أجراها الرئيس قيس سعيّد منذ أن حل البرلمان السابق الأقوى في يوليو تموز 2021 وانتقل إلى الحكم بمراسيم، واستولى على المزيد من السلطات. 

وصاغ سعيّد، وهو أستاذ سابق في القانون وكان سياسياً مستقلاً عندما انتخب رئيساً في 2019، دستوراً جديداً هذا العام أدى إلى إضعاف سلطات البرلمان، إذ جعله تابعا للرئاسة لا يتمتع سوى بقدر ضئيل من النفوذ على الحكومة. 

ووصف الرئيس تعديلاته السياسية على أنها ضرورية لإنقاذ تونس من سنوات من الشلل السياسي والركود الاقتصادي، وفي كلمة له صباح السبت، حث الناخبين على المشاركة في الانتخابات. وقال إن هذه “فرصتكم التاريخية حتى تستردوا حقوقكم المشروعة”. 

لكن لم يعبر سوى القليل من التونسيين الذين تحدثت معهم رويترز خلال الأسابيع الأخيرة عن اهتمامهم بالانتخابات، معتبرين أن البرلمان الجديد ليس له جدوى وأن التصويت يصرف الانتباه عن أزمة اقتصادية تدمر حياتهم. 

سلاح في يد المعارضة 

وسيمنح الإقبال الضعيف للغاية على التصويت اليوم السبت منتقدي سعيد ذخيرة للتشكيك في شرعية ما يجريه من تغييرات سياسية، فيما تبدو الانتخابات مفصلية بالنظر إلى الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في البلاد. 

ومن المحتمل أن يمثل ذلك مشكلة للرئيس في الوقت الذي تسعى فيه السلطات إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية مثل خفض الدعم للحصول على إنقاذ دولي لمالية الدولة. 

وانكمش الاقتصاد بأكثر من 8% خلال جائحة كورونا، وسار التعافي بخطى بطيئة. واختفت بعض المواد الغذائية والأدوية الأساسية من على الرفوف، ويخوض المزيد من التونسيين تجربة الهجرة غير القانونية عبر البحر المتوسط المحفوفة بالمخاطر بحثا عن حياة جديدة في أوروبا. 

وأرجأ صندوق النقد الدولي الذي كان من المقرر أن يعطي الضوء الأخضر، الاثنين، لمنح تونس قرضا رابعا على عشر سنوات بنحو ملياري دولار، قراره إلى مطلع يناير بطلب من الحكومة التونسية التي لم يُغلق ملفها بالكامل، وفق ما أفادت مصادر وكالة فرانس برس. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *