كمال عباس يطرح مبادرة عبر “درب” لإنقاذ “الحديد والصلب”: خطة بأيدي مهندسي وخبراء الشركة.. واكتتاب شعبي دون أعباء على الدولة

عباس: تبرير قرار تصفية الشركة بعدم تحقيقها مكاسب غير منطقي.. هناك أجيال دفعت حياتها و”تحويشة عمرها” وعرقها في سبيل خروجها للنور

الدولة تجاهلت مقترحات بريطانية وروسية وأوكرانية لإصلاح الأوضاع.. ورئيس الشركة السابق قدم خطة للإنقاذ فتم التخلص منه

إهمال مبارك للشركة بعد اتفاقه مع صندوق النقض وراء “موتها بالبطيء”.. والدولة تفضل اقتصاد الخدمات على أسس التنمية الحقيقية

لا يصح إنفاق أموال على مستهدفات أقل أهمية وقيمة من الصناعة الوطنية.. مينفعش تبني كوبري وتهد الحديد والصلب

كتب- محمود هاشم:

طرح كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية ، مبادرة عبر “درب”، لإنقاذ شركة الحديد والصلب المصرية بحلوان، مؤكدا أن قرار تصفية الشركة التي يزيد عمرها عن أكثر من 70 عاما، كارثة تهدد الصناعة الوطنية وتنذر بتشريد الآلاف من العمال وأسرهم.

وقال عباس، والذي كان أحد قيادات إضراب الحديد والصلب الشهير عام 1989 لـ”درب” إن المبادرة، تتضمن الدعوة إلى دائرة حوار ومناقشة علمية بحضور مهندسي وخبراء الحديد والصلب وخبراء اقتصاديين، لوضع خطة للإنقاذ خلال فترة زمنية معينة، مع التعهد بتمويلها شعبيا بالتبرعات والاكتتابات دون تحميل خزينة الدولة أي أعباء مالية، على أن يكون عمال الحديد والصلب الموجودين على قيد الحياة على رأس المكتتبين.

وأوضح أن آخر خطة لإصلاح الحديد والصلب كانت في عهد آخر رئيس مجلس إدارة لـ”الحديد والصلب” من أبناء الشركة، وهو المهندس سامي عبدالرحمن، دون أي تكلفة على الدولة، حيث كانت قائمة على بيع بعض الأراضي المملوكة للمصنع التي ليست هناك حاجة لها، بالإضافة إلى الاستفادة من بيع الخردة، وإعادة تأهيل العنابر، وغيرها، وكانت النتيجة لمقترحه أنه تم التخلص منه بعدها.

وأضاف: “كان هناك عدد كبير من المقترحات والمشروعات المطروحة لإنقاذ صناعة الحديد والصلب في مصر، من بينها خطة سامي عبدالرحمن، ومقترح من هيئة الحديد والصلب البريطانية، وأخرى من روسيا وأوكرانيا، لذا فإن الحديث عن تبرير قرار تصفية الشركة بعدم تحقيقها مكاسب غير منطقي، فهي الأكبر في مجالها في الشرق الأوسط، وتم إنشاؤها منذ عام 1954 واكتمل بناؤها في أواخر السبعينات، على أيدي أجيال وأجيال دفعت حياتها وعرقها في سبيل خروج المصنع للنور”.

وأكد المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية أن المصنع يقدم صناعة استراتيجية ثقيلة، ليس الغرض منها حسابات المكسب والخسارة، بل إنها تحتاج إلى رأس مال قوي لا يقدر عليه القطاع الخاص وتتكفله الدولة، لأهمية هذه الصناعة في توفير الخام كركيزة لقطاعات الصناعة الوطنية، لذا كان من الأحرى التفكير في حلول إصلاح وضعه بدلا من الهرولة على تصفيته.

وشدد على أن الأوضاع التي يعاني منها المصنع كان سببها الرئيسي الإهمال الذي تعرض لها على مدار سنوات، خاصة منذ فترة التسعينات، بحسب ما يحكي عباس، بعد الاتفاق بين الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وصندوق النقد الدولي، الذي طلب مسؤولو الصندوق بناء عليه بيع أصول الدولة ومن بينها “الحديد والصلب”، وحينما لم يستطع النظام تصفيته أو بيعه حينها، تركه يموت ببطء على مدى السنوات التالية.

وتابع: “مصنع الحديد والصلب بني بسندات المصريين، الذين دفعوا “تحويشة العمر”، في سبيل تحقيق حلمهم بإنشاء مثل هذا الصرح في بلدهم دون أي نظر لأغراض الربح، وبذلوا في سبيل ذلك سنوات من العمل والعرق والخبرات، حتى أصبح الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، متسائلا: “ما هي سلطة رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية محمد السعداوي حتى يصدر قرارا بهذه الخطورة على الصناعة المصرية؟”.

وواصل: “الرسالة الواضحة من تصفية الحديد والصلب، واستهداف شركات الأسمدة والغزل والنسيج وغيرها، تعني أن الدولة لا تريد صناعة وطنية، وإنما تفضل الاعتماد على اقتصاد الخدمات، بدلا من التركيز على أسس التنمية الحقيقية، على الرغم من عدم وجود أي ضغوط داخلية أو خارجية لاتخاذ مثل هذا القرار، خاصة أن صندوق النقد الدولي صاغ مراجعات داخلية لوقف الضغط على الدول للتخلص من القطاع العام”.

واستكمل: “القرار أيضا لن يكون في صالح القطاع الخاص محليا، لاسيما أن احتياجات السوق من منتجات شركة الحديد والصلب وشركات القطاع الخاص أكثر من الكميات المعروضة، بل إن السوق تحتاج إلى أكثر من مصنع مماثل لتلبية حاجة السوق، لا يستطيع أحد القول إن دولة تنفق كل هذه الأموال على مستهدفات أقل أهمية وقيمة من “الحديد والصلب”، ليس بمقدورها إصلاح هذه الصناعة الوطنية بدلا من تصفيتها، “مينفعش تبني كوبري وتهد الحديد والصلب”.

وحصل “درب” على نص قرارات الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب بحلوان، الذي جاء فيه قرار المساهمين الحاضرين الذين يمتلكون 82.48% من رأس مال الشركة، الموافقة على فصل نشاط المناجم في شركة مستقلة تحمل اسم الحديد والصلب للمناجم والمحاجر، وتصفية نشاط مصنع الشركة في التبين.

وطبقا للقرار فإن الجمعية العمومية غير العادية قررت أيضا تصفية شركة الحديد والصلب بحلوان، متعللة بأن الشركة تعاني من الخسائر المستمرة والتي وصلت وفقًا لقرار الجمعية العمومية الى 8.2 مليار جنيه في 30 يونيو 2020، وهي القيمة التي تمثل 547% من حقوق المساهمين.

وأضافت الجمعية العمومية في تبريرها للقرار أن الشركة لم تستطع على مدار الفترة الماضية الإيفاء بمستحقات العمال من أجور، كما أنها غير قادرة على التطوير، لكن ممثلو العمال في مجلس الإدارة رفضوا قرار التقسيم والتصفية، مؤكدين أنهم سبق وأن تقدموا بمقترحات عديدة لمجلس الادارة والشركة القابضة للصناعات المعدنية من أجل تطوير الشركة ووقف عملية التخسير الممنهج التي كانت تهدف من البداية إلى تقسيم الشركة وتصفيتها.

ويصل عدد عمال الشركة المصرية للحديد والصلب بالتبين إلى 7300 عامل، لم يتطرق قرار الجمعية العمومية إلى مصيرهم بعد قرار التقسيم والتصفية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *