كل شئ تمام؟| منذ انتخابه وبعد أكثر من عام على الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.. كم مرة انتقد مجلس النواب انتهاك الحقوق والحريات بالبلاد؟

أكثر من عام على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.. و”درب” تسأل ما هي المُحصلة وما هي النتيجة؟

نواب عن انتقادات حقوق الإنسان في مصر: تصريحات جوفاء.. لا تحدثونا عن حقوق الإنسان عندما يرتكب الشخص جريمة في حق مصر

هيثم الحريري: قيام “النواب” بواجبهم الدستوري يجعلهم درع الشعب في مواجهة الحكومة ودرع النظام السياسي في مواجهة أي ضغوط خارجية

أحد النواب من أعضاء “لجنة العفو الرئاسي” يصف المرحلة الحالية بأنها “ذهبية” وآخرون ينتقدون التقارير الدولية بشأن حقوق الإنسان بالبلاد

كتب- درب

مع كل تقرير دولي يصدر ينتقد وضع حقوق الإنسان في مصر، يهب أعضاء مجلس النواب، منتفضين لإدانة هذا التقرير وإبداء استنكارهم له. فهل يا ترى أدان البرلمان انتهاك لحق من حقوق الإنسان ارتكبته السلطات منذ انتخابه؟ ولو كان فعل ذلك فكم مرة انتقد واستنكر انتهاك الحقوق والحريات في البلاد؟

مجلس النواب هو السلطة التشريعية بالبلاد ويتولى اختصاصات مختلفة ورد النص عليها في الدستور أهمها بالطبع التشريع. وتنص المادة 101 من الدستور على أن الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية أحد أهم اختصاصات وصلاحيات مجلس النواب.

كما حدد الدستور أساليب الرقابة المقررة، ومنها الاستجواب، وتقديم طلبات الإحاطة أو البيانات العاجلة، وتشكيل اللجان الخاصة أو تكليف إحدى لجان مجلس النواب بتقصي الحقائق في موضوع عام أو فحص نشاط إحدى الجهات الإدارية أو الهيئات العامة أو المشروعات العامة، لتقصي الحقائق في موضوع معين أو إجراء تحقيقات.

في هذا التقرير تتبع “درب” الفترة من 12 يناير 2021، حيث انعقد مجلس النواب الحالي لأول مرة بعد انتخابه بناء على دعوة رئيس الجمهورية، وحتى 30 نوفمبر 2022، ليرى ما إن كان البرلمان المصري قد أدان مثلا حبس أحد المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان أو الصحفيين أو استنكر إبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى.. والسؤال الأساسي هل لم يسمع أعضاء البرلمان عن تلك القضايا أم أنهم يؤمنون بأن “كل شئ تمام”؟.

– الوضع الحالي والاستراتيجية الوطنية

حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، طرحت “درب” التساؤل على النائب السابق وعضو المكتب السياسي بحزب التحالف الشعبي، هيثم الحريري، الذي قال إن “مفهوم حقوق الانسان واسع جدًا ويحتاج الي مزيد من التحديد في طرح السؤال، ولكن إذا كنا نتحدث عن حرية الرأي والتعبير فللأسف هناك تضيق شديد على هذا الحق سواء في وسائل الأعلام المرئية أو المسموعة أو المقروءة فمن النادر أن ترى في وسيلة إعلامية الرأي والرأي الآخر”.

وأشار الحريري إلى أن “المجال كان أكثر انفتاحا في عام ٢٠١٦ مع بداية دور الانعقاد لمجلس النواب الماضي ثم بدأ التضيق على هذا الأمر، عاد هذا الأمر مره أخرى في الشهور الماضية على استحياء شديد تحت مظلة الحوار الوطني”.

وأردف الحريري “على الجانب الآخر فقد تم إلقاء القبض على كثير من المواطنين أعلنوا عن آرائهم ومواقفهم على وسائل التواصل الاجتماعي ووجهت لهم قضايا الانضمام إلى جماعة محظورة ودعم الإرهاب”.

وتابع الحريري “أما حقوق الإنسان في الصحة والتعليم والعمل والسكن فمن المؤكد أن المصريين يعانون بشدة في إيجاد تعليم وعلاج وسكن وفرص عمل وازداد الأمر بشكل قاسي في ظل القرارات الاقتصادية والمالية الأخيرة”.

ويستكمل النائب السابق “للأسف مجلس النواب السابق والحالي كان يبادر وبمنتهى السرعة لتبرئة النظام المصري من أي انتهاك لحقوق الإنسان في مصر حتي لا تستغل أي جهة أو منظمة أو دولة أجنبية هذا الأمر في توجيه النقد والاتهام إلى النظام المصري، وبكل تأكيد وعلى المستوى الشخصي أرفض التدخل الأجنبي في الشأن المصري، ولكن دور مجلس النواب بصفته ممثلا الشعب المصري أن يواجه ويكاشف ويحاسب الحكومة المصرية علي أي انتهاك لحقوق الإنسان في مصر ولا يجب أن نخشي من هذا الأمر”.

ويسترسل الحريري موضحا “لأنه وبمنتهي البساطة إذا قام أعضاء مجلس النواب بواجبهم الدستوري في المواجهة والمحاسبة سيكونون هم درع الشعب في مواجهة الحكومة ودرع النظام السياسي في مواجهة أي ضغوط خارجية تهدف إلى إضعاف مصر وفرض ضغوط عليها أم إملاء شروط أو مواقف سياسية علي النظام السياسي”.

وتابع “المعارضة المصرية الوطنية تعارض النظام السياسي من داخل مصر ولكنها ايضا تقف بصدورها عارية في مواجهة اي قوي اجنبيه تهدد مصر وشعبها وجيشها وحدودها وارضها وثرواتها”.

وفي رد على سؤال حول الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وهل تمكنت من تغيير الواقع الحقوقي في البلاد بعد أكثر من سنة على إطلاقها، يقول الحريري “قد تكون الاستراتيجية بها نقاط عديدة إيجابية ولكنها وبكل أسف لم تدخل في حيز التنفيذ الجاد والحقيقي على أرض الواقع

ومازال مسجوني الرأي أكبر شاهد على هذا الأمر وتدوير القضايا وتوجيه اتهامات غير حقيقية لأصحاب الرأي والحبس الاحتياطي الذي تحول إلى عقوبة وبدون حد أقصى للحبس وبدون مبررات تستوجب الحبس”.

– انتقادات البدايات

في الشهر الأول لمجلس النواب الحالي، ظهر النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان في برنامج “صباحك مصري”، على قناة “MBC مصر 2” وانتقد التصريحات التي تصدر من أوروبا وأمريكا بشأن حقوق الإنسان في مصر.

واعتبر رضوان – آنذاك – أن هذه التصريحات “جوفاء ومفرغة من مضمونها، وقال “لا تحدثونا عن حقوق الإنسان عندما يرتكب الشخص جريمة في حق مصر”.

وفي مارس 2021، أعرب النائب حسن عبدالوهاب عيسى، عن استنكاره الشديد ورفضه التام لما وصفه بـ”الاتهامات والمزاعم المرسلة” التي صدرت في بيان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول حالة حقوق الإنسان في مصر.

وأكد “عبد الوهاب” في تصريحات صحفية أن الهدف والتوقيت لمحتوى هذا البيان الذي صدر بدون أسباب حقيقية سوى “الرغبة في التدخل السياسي للشئون الداخلية المصرية”، و”يأتي استجابة لضغوط مجموعات ممولة تعمل بشكل عدائي ضد مصر”.

وجاءت هذه التصريحات بعد أن أصدرت 31 دولة بيانا مشتركا أعربت فيه عن قلقها من انتهاك الحريات في مصر وذلك أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وطالبت هذه الدول مصر بالتوقف عن اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لتكميم أفواه المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وإبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى.

وعلى خلفية الحكم الصادر في قضية الطالبة حنين حسام “فتاة التيك توك” بالسجن عشر سنوات بتهمة الاتجار بالبشر، أدانت تسع منظمات غير حكومية في مصر، يونيو 2021، الأحكام، داعية الحكومة إلى “وقف فرض تصوراتها غير المحددة لمفهوم قيم الأسرة في مصر والتوقف عن مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي ووقف معاقبة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالسجن”.

وعلى إثر هذا، اتهم طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، المنظمات التسع بمحاولة “تسييس” قضية حنين ومودة كما أدان “الأصوات التي تستخدم حقوق الإنسان” من أجل انتقاد نهج القضاء المصري في محاكمتهما.

وفي سبتمبر من العام 2021، أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان. ووصف السيسي – آنذاك – الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بأنها “نابعة من فلسفة مصرية ذاتية”، وذكر أن الاستراتيجية تتضمن تطوير سياسات في التعامل مع عدد من الملفات لتعظيم الحقوق والحريات والتغلب على التحديات في هذا الملف، وتهتم بمختلف محاور وقيم حقوق الإنسان من منظور متكامل ومفهوم شامل لهذه الحقوق.

واعتبر النائب محمد عبدالعزيز، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب أن الاستراتيجية الوطنية تمثل خطوة كبيرة للأمام.

وأشار عبدالعزيز الذي أصبح لاحقا بعد نحو سبعة أشهر من إطلاق الاستراتيجية عضوا في لجنة العفو الرئاسي، إلى أن دور البرلمان سيكون المساهمة من الجانب التشريعي لكي تتوافق التشريعات الجديدة مع الاستراتيجية الوطنية، ودور آخر يتمثل في الرقابة على أداء الحكومة في تفعيل هذه الاستراتيجية من أجل أن يكون التطبيق على الأرض بما يليق بالإنجاز الكبير الذي حدث.

في المقابل، اعتبر حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن “الاستراتيجية التي أعلنتها السلطات لن تغير من الواقع الحقوقي في البلاد، وتبقى في إطار موجه للخارج أكثر منه للداخل”.

وأضاف نافعة في تصريحات نقلها موقع “”اندبندنت عربية”: “لدي انطباع أن الدولة تريد فقط أن تقول إن حقوق الإنسان ليست مدنية وسياسية فقط بل تشمل أيضاً حقوقاً اقتصادية واجتماعية، وأنها تبذل قصارى جهدها لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية للمصريين، ما يعني مناشدة الخارج عدم التركيز على الحقوق المدنية والسياسية”.

وتابع نافعة، “تشهد مصر، باعتراف المنظمات الدولية والحقوقية، انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وأي حديث عن استراتيجية جادة لحقوق الإنسان فيها تتطلب وضع جدول زمني للإفراج عن المعتقلين السياسيين غير المتورطين في قضايا جنائية أو إرهاب، وكذلك مراجعة فكرة الحبس الاحتياطي التي قد تطول دون تقديم المتهمين إلى محاكمة عادلة”، مشيراً إلى أن هذين الملفين يُعدان “ضرورة لحماية حقوق أصحاب الرأي والمعارضين”.

وفيما يبدو تأكيد لما يعتقده نافعة، قال النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب عن تنسيقية خلال استضافته في برنامج «الحوار الوطني» على قناة “extra news” إن “ملف حقوق الإنسان واسع جدا، لا يشمل فقط حقوق من لهم علاقات مع الأنظمة الأوروبية، ولكن يشمل حياة كريمة و100 مليون صحة والحق في التعليم والحق في المساواة”.

وبدلا من الرقابة على أداء الحكومة في تفعيل هذه الاستراتيجية استمر أعضاء مجلس النواب في رفض الاعتراف بوجود انتهاكات للحقوق والحريات في البلاد.

ففي ديسمبر 2021، استنكر بشدة رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، تصريحات صادرة عن الخارجية الألمانية بشأن محاكمة المحامي الحقوقي محمد الباقر والناشط علاء عبدالفتاح، معتبرا إياه “تدخلا سافرا وأمرا غير مقبول في الشأن المصري”.

وكانت وزارة الخارجية الألمانية، قد ذكرت أن “الحكم المرتقب النطق به في يوم 20 ديسمبر 2021 بحق المحامي محمد الباقر يعد بالنسبة للحكومة الاتحادية بمثابة إشارة للاتجاه الذي تتطور إليه حالة حقوق الإنسان في مصر”.

وأضافت الخارجية الألمانية، في بيان نُشر عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “تتوقع الحكومة الألمانية أن تعمل الحكومة المصرية على تحقيق محاكمة عادلة وكذلك الإفراج عن الباقر والمتهمين الآخرين علاء عبد الفتاح ومحمد إبراهيم. لا يجوز معاقبة المحامين على ممارسة نشاطهم المهني”.

– النواب ولجنة العفو

في أبريل الماضي، رئيس الجمهورية أصدر قرارا بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي. وضمت اللجنة في عضويتها اثنين من أعضاء مجلس النواب، هما محمد عبدالعزيز، وكيل لجنة حقوق الإنسان، وطارق الخولي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس.

وجاءت تصريحات عبد العزيز والخولي دائما في سياق الإشادة بأوضاع حقوق الإنسان في البلاد، حتى أن الأول وصف المرحلة الحالية بأنها “ذهبية”، فيما أتت باقي التصريحات في سياق انتقاد التقارير الدولية الصادرة بشأن حقوق الإنسان بالبلاد.

ففي سبتمبر الماضي، أكد النائب محمد عبد العزيز، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، وعضو لجنة العفو الرئاسي، أن الدولة تتقدم إلى الأمام في الملف الحقوقي.

وقال عبدالعزيز خلال صالون تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين: “بحكم اني مطلع على قراءة التقارير الدولية، كان آخر تقرير صادر بشأن حقوق الإنسان في مصر، يجانبه الموضوعية بشكل كبير جدا، لأنه لم يذكر أي خطوات ايجابية اخذتها مصر في تطوير ملف حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن منظمة العفو الدولة مهمتها الانتقاد”.

وأشار عبدالعزيز، إلى أن الدولة المصرية مثلها كمثل أي دولة في العالم، تعمل على تطوير ملف حقوق الإنسان بشكل واضح، لكن بالنسبة إلى التقارير الدولية إذا أردت أن ترى الأمور بموضوعية، فعليها أن تبرز النقاط التي نحن ضعاف فيها لكي نقوم بالعمل على حلها، قائلا: “أنا قرأت التقرير وحاولت اشوف التقرير بموضوعية شديدة جدا لقيت أن هذا التقرير جانبه الموضوعية ولم يقم بالتواصل مع أي رأي رسمي للرد على الادعاءات الواردة في هذا التقرير “.

وخلال مداخلة هاتفية لبرنامج “حضرة المواطن”، سبتمبر الماضي، نفى النائب محمد عبد العزيز وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، وعضو لجنة العفو الرئاسي، وجود 60 ألف معتقل سياسي في مصر، وقال إنه حريص على نفي تلك الادعاءات في مختلف الأماكن، مؤكدًا عرض وفد لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب للحقائق بالملف، خلال زيارة للبرلمان الأوروبي.

لكن في خطورة إيجابية، أكد عبدالعزيز، في أكتوبر 2022، أنه سيتقدم بمشروع قانون لتعديل قانون الإجراءات الجنائية، مضيفًا أن فلسفة التعديل هي إلغاء التعديلات الصادرة على القانون عام 2013 والتي فتحت المدد أمام الحبس الاحتياطي، والتي صدرت وقتها في ظروف معينة حيث تواجه الدولة الإرهاب.

وقال عبدالعزيز، إن القانون القائم في حاجة إلى مزيد من التعديلات ليتواكب مع المعايير الدولية، وليضع مزيد من الضمانات التي تبرر الحبس الاحتياطي، وهو ما يعزز حالة حقوق الإنسان.

وخلال حوار بصالون تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بعنوان “التصورات الحزبية لضمانات الحبس الاحتياطي”، أكتوبر الماضي أيضا، قال عبدالعزيز، أن وجود لجنة العفو الرئاسي، دليل على أننا نسير بالمسار الطبيعي، وأن كل ما تم مسبقا في هذا الشأن كان بسبب مرور البلاد بظرف استثنائي سمح بالتوسع في دائرة الاشتباه.

ويشار إلى أن الحبس الاحتياطي “إجراءً بغيضًا” كما عرَّفه العديد من الفقهاء والتشريعات لِما فيه من مساس بالحرية الشخصية، حيث يكون سببًا للزج بالمتهمين في السجون لسنوات على ذمة قضايا، دون أدلة كافية على نسبة الاتهام. كما تصدر أوامر الحبس الاحتياطي عن جهات غالبًا ما تجمع بين سلطة الاتهام والتحقيق.

أما النائب طارق الخولي، النائب الثاني في لجنة العفو، فيرى أن القضايا المحبوس على ذمتها سجناء الرأي “صحيحة”، حيث قال بعد أيام من الإعلان عن تشكيل لجنة العفو الرئاسي، إن اللجنة تعكس إرادة القيادة السياسية وهدفها العفو عن شباب المحبوسين في قضايا كانت بالأساس “قضايا صحيحة” في مجملها، مشددا على أن “التحرك في تلك القضايا جاء وفقا للدستور والقانون”.

وتبنى البرلمان الأوروبي، يوم الخميس 24 نوفمبر 2022، قرارا بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر، تضمن مراجعة شاملة لعلاقة الاتحاد الأوروبي مع الحكومة المصرية في ضوء ملف حقوق الإنسان. وطالب القرار بالإفراج عن الحقوقي والناشط علاء عبد الفتاح، وعشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين والنشطاء السلميين والسياسيين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتراجع عن الاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي.

كما ناشد القرار، الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دعم المطلب باستحداث آلية أممية للمراقبة والإبلاغ عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

ويشار إلى أن قبل ذلك بأيام، قال النائب أيمن أبوالعلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، خلال اجتماع اللجنة، في 20 نوفمبر 2022، بحضور مشيرة خطاب، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومشاركة عدد من قيادات المجلس، إنه “لا يجب أن نضيع الوقت في كيف ندافع عن مصر في ملف حقوق الإنسان؟”

وتابع وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب: ما يجب أن يشغلنا في الأساس هو كيف نحمي حقوق الإنسان المصري في إطار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لافتا إلى أنه تم استخدام ملف الدفاع عن أنفسنا في ملف حقوق الإنسان أسوأ استخدام. وشدد أبو العلاء قائلا: “علينا أن نركز جهودنا على ملف حقوق الإنسان وليس الدفاع عن مصر في الاتهامات بهذا الشأن”.

– الدفع بالمغالطات

لكن يبدو أن حديث أبو العلا لا يطبق على أرض الواقع، حيث أعرب مجلس النواب المصري، في 25 نوفمبر 2022، عن رفضه واستيائه الكامل للقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي بشأن حالة حقوق الإنسان بمصر، مؤكدا أن القرار بني على حزمة من المغالطات والادعاءات الباطلة التي لا تمت للواقع بصلة، ولا يعكس سوى نظرة متحيزة غير موضوعية إزاء حقيقة الأوضاع في مصر.

وقال مجلس النواب – في بيان صحفي – إنه طالع القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي أمس (الخميس 24 نوفمبر) بشأن حالة حقوق الإنسان بمصر، معربا عن رفضه واستيائه الكامل من هذا القرار الذي جاء مخيبا للآمال، ومدللاً على إصرار البرلمان الأوروبي – غير المبرر – في استمرار نهجه الاستعلاني والوصائي تجاه مصر، إذ نصب نفسه – استناداً إلى وقائع كاذبة حكماً وقيماً على تطورات الأحداث في الدولة المصرية، وهو ما يعد تدخلاً صارخاً في الشئون الداخلية لدولة تتمتع بالسيادة، بالمخالفة المواثيق الأمم المتحدة، وهو ما لا يمكن تجاوزه أو غض الطرف عنه؛ فهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً.

وتعليقا على قرار البرلمان الأوروبي أيضا، قال النائب طارق الخولي إن الأحرى بالبرلمان الأوروبي أن يتابع أوضاع حقوق الإنسان في دولهم وما تشهده من انتهاكات فلا توجد دولة في العالم لديها حقوق إنسان 100%، وأن هناك العديد من البلدان التى أحرى بالبرلمان الأوروبي أن يتابعها وأن يعمل على تعديل ما بها من ممارسات.

يذكر أن الخارجية الأمريكية، ذكرت أن ملف حقوق الإنسان في مصر يشمل تقاريرا موثوقة تتحدث عن القتل خارج إطار القانون من جانب الدولة والجماعات الإرهابية، فضلا عن الإخفاء التعسفي والتعذيب وظروف الاحتجاز القاسي على أيدي الأجهزة الأمنية.

وأوضح التقرير، الذي أصدرته الخارجية الأمريكية يوليو الماضي، عن وضع حقوق الإنسان في مصر لعام 2021، أن هناك قيودا خطيرة على حرية التعبير ووسائل الإعلام، بما في ذلك اعتقال أو مقاضاة الصحفيين، وحجب المواقع، والتدخل السافر في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات.

وقال التقرير، الذي نشر ملخصه موقع السفارة الأمريكية في القاهرة، إن الحكومة تقاعست عن معاقبة أو مقاضاة المسؤولين الذين ارتكبوا انتهاكات، سواء في الأجهزة الأمنية أو في أي موقع آخر في الحكومة،بما في ذلك المتورطون بتهمة الفساد.

واتهم التقرير الحكومة بأنها لم تحقق بشكل شامل في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك معظم حوادث العنف من قبل قوات الأمن، ما “ساهم في خلق بيئة من الإفلات من العقاب”.

وعقب هذا الاستعراض لأبرز هبات مجلس النواب المصري وأعضاءه للدفاع عن أوضاع حقوق الإنسان، وبعد مراجعة الأخبار المنشورة على الإنترنت على مدار ما يقرب من سنتين نجد أن البرلمان لم يصدر بيانا واحدا يدين انتهاك لحقوق الإنسان في البلاد، ولم يقدم استجواب واحد في البرلمان لوزير الداخلية أو وزير العدل بخصوص أمر مرتبط بحقوق الإنسان.

وهذا يعني أن كل شيء على ما يرام في وجه نظر أعضاء مجلس النواب؛ ففي 687 يوما (الفترة من 12 يناير 2021، وحتى 30 نوفمبر 2022) لم يحبس مواطنا بغير حق ولم يتجاوز معارض أو مدافع عن حقوق الإنسان أو صحفي المدة القصوى للحبس الاحتياطي ومع ذلك لم يخرج من السجن، ولا يوجد موقع صحفي محجوب.. أو حدث شيء من هذا لكن مجلس النواب لم يعلم بذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *