كريم محمد الجمال يكتب: تطوير الخطاب الديني في الهند والصين وميانمار

يقول الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في رائعته مديح الظل العالي 

هل ندرك المجهول فينا ؟ هل نغنّي مثلما كنّا نغنّي ؟

كم سقطت قلاع قبل هذا اليوم ، لكن الهواء الآن حامض .

وحدي أدافع عن هواء ليس لي

وحدي أدافع عن هواء ليس لي

وحدي على سطح المدينة واقف ..

ووحـــدي …. كنت وحدي

عندما قاومت وحــدي … وحدة الروح الأخيرة

 “

كان هذا عند حصار بيروت من قبل الاحتلال الصهيوني وحلفائه ضد الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، ولكن، لعظمة النص الشعري وعبقرية الشاعر فإنه يسري وينطبق علي حالات كثيرة من الظلم والتخلي والتخاذل  للشعوب المقهورة من العدو والصديق، ويشمل العدو هنا القوى المعتدية من حكومات وميليشيات وأجهزة إعلام داعمة وأحياناً مؤسسات دينية، أما الصديق فهو دول وجهات يفترض أن تقف لحوار هذا المظلوم المعتدى عليه ولا تحرك ساكناً إلا ببيانات الإدانة ومجتمع دولي غابت عنه العدالة.

لا يمكن تجاهل ما يتعرض له المسلمون في الصين والهند وميانمار من اتهامات جسيمة وقتل وتشريد ، وتناول تلك القضايا ليس من الجانب الديني فقط بل من جانب حقوقي أولاً، فهؤلاء مواطنين في دول كبيرة ودول عظمى وأعدادهم ليست بالقليلة فالهند يناهز عدد المسلمين فيها 200 مليون والصين أكثر من ذلك اي أنه عدد يتفوق علي دول عربية بكاملها.

يتم الاعتداء عليهم في بعض المناطق وليس كل الجفرافيا التي يتواجد فيها المسلمون لأسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية، ولكن مظهر الحرب الاول من قبل المتطرفين في هذه الدول سواء كانت حكومات أو أجهزة أمن تقوم بتلك الفظاعات والجرائم أو تغض الطرف عنها، وتتساهل مع المجرمين، هو مظهر ديني من خلال روايات الشهود وتقارير الصحافة المستقلة، وهيئات الإغاثة ومنظمات المجتمع المدني التي لاتزال صوتاً خافتا لضمير هذا العالم .

عنف غير مبرر علي عرقيات وأقاليم عاشت واستقرت في بلادها منذ مئات السنين. ولا نسمع الإدانة والعقوبات الاقتصادية بنفس النبرة والمستوى والوضوح في حق الدول العربية والإسلامية، وهذا التمييز يدفع علي الجانب الآخر بقطعان المتطرفين المسلمين للقيام بما هو مطلوب منهم في الدور المرسوم المخطط من قبل الغرب والشرق وهو زيادة الشعور بالاسلاموفوبيا، وأجهزة الإعلام الغربية والعربية أيضاً جاهزة لاستكمال الدور المرسوم بدقة مستغلين الديكتاتورية التي ترزح تحتها البلاد العربية والإسلامية مع حالة الفقر والجهل والمرض والحرمان من العدالة والتنمية.

لتبدأ عجلة الإرهاب الأسود في الدوران ضد البلاد العربية والإسلامية في المقدمة ويضيع الابرياء العزل بسبب إساءة فهم وتفسير وتأويل النصوص الدينية ويغذي ذلك الفساد والاستبداد في تلك الدول مع خنق الحريات فتبدأ موجات من العنف علي شكل القاعدة مرة وتنظيم داعش الإجرامي بدعم ومساندة المخابرات الغربية كما حدث مع طالبان والقاعدة ونظام صدام حسين في العراق وغيرهم علي الطريقة الأمريكية من دعم أعداء أعدائها ثم تتخلص منهم بعد إتمام المهمة وإنعاش الخزانة الأمريكية بالأموال والمواد الخام وما تدره من أرباح علي الشركات الغربية ، ما تفعله المخابرات الغربية من تحريك لأسباب العنف الداخلي في بلادنا وغيرها يعطي ذرائع للإرهابيين والتكفيريين في سفك الدماء.

تعالت المطالبات بتنقية وتنقيح التراث العربي والإسلامي في بلادنا وتغيير لغة الخطابة و حذف وتعديل بعض مناهج التعليم وهو أمر جيد بل وضروري لو كان نابعاً من إرادة الشعوب و تفعله الحكومات والمنظمات الأهلية في شفافية ونزاهة وحوار محتمعي وليس أمراً مفروضا من الغرب لغض الطرف عن الممارسات الديكتاتورية والقمعية وانتهاكات حقوق الإنسان في تلك الدول ويا للعجب دول غربية ترفض تسليم مطلوبين للعدالة في بلادهم ومحكومين وتمنحهم اللجوء والجنسيات وبعضهم متورط في العنف والإرهاب والفوضى ثم يطالبون دولهم الاصلية بإصلاحات حقوقية

وليس أدل من ذلك من رصد تقارير صحافية من تسهيل بعض أجهزة الأمن الغربية المتشددين والتكفيريين الخروج من دولهم الأصلية والعبور إلى سوريا والعراق ، بعد كل هذه الاستفزازات لمشاعر العرب والمسلمين مثل حوادث رسوم شارلي ايبدو المهينة وتصريحات بعض المسئولين الأوروبيين ، ومنع الرئيس الأمريكي ااسابق ترمب المسلمين من دخول أمريكا ، والضغط الشديد على شعوب منطقتنا وحكوماتها سيذهب كثير من الناس الي التشدد والعنف ويتخذونها كوسيلة للتغيير والأكثر.منهم سيرحب بذلك مثل أفغانستان ووصول خركة طالبان للحكم وقبلها الدولتان الكبيرتان السعودية وإيران حيث الأنظمة المذهبية

المنظار الدولي أعور ففي الصين والهند وميانمار تحدث جرائم تطهير عرقي وتهجير قسري وجرائم ضد الإنسانية فهل يخرج المجتمع الدولي ويطالب بتغيير وتطوير الخطاب الديني البوذي او الهندوسي مثلما يكالبنا به البعض وأتمني أن يحدث تطوير حقيقي في الفكر الديني في بلادنا ليواكب العصر ومستجداته أم أن الابرياء في دولنا فقط هم من يدفعون الثمن دائما بالاتهامات والضغوط الدولية أو بالقمع من الديكتاتوريات الحاكمة أو بالإرهاب من التكفيريين والمتطرفين.       

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *