غزة تحت الحصار والقصف: مجازر إسرائيلية تستهدف المدنيين وكمائن المقاومة ترد بقوة وسط صمت دولي

كتب – أحمد سلامة

يواصل قطاع غزة نزيفه تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المتصاعد، حيث شهدت الساعات الأخيرة من يوم الأربعاء، ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي لمجزرة جديدة استهدفت تجمعًا مدنيًا في مطعم وسط مدينة غزة، مخلفة عشرات الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال.

في الوقت ذاته، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، عن تنفيذ كمين محكم شرق مدينة رفح أسفر عن مقتل وإصابة 10 جنود إسرائيليين، في إطار عملياتها المستمرة للتصدي للعدوان.

هذه التطورات، التي تأتي وسط صمت دولي مثير للجدل، تُبرز استمرار سياسة الإبادة الجماعية وتصعيد المقاومة الفلسطينية، مما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وقانوني عاجل.

* مجزرة المطعم: استهداف متعمد للمدنيين

أدانت حركة “حماس”، في بيان رسمي عبر قناتها على “تليجرام”، المجزرة “الوحشية” التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصفه تجمعًا مدنيًا في مطعم وسط مدينة غزة، مما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال.

وأكدت الحركة أن هذا الاستهداف يأتي في إطار “حرب إبادة ممنهجة” تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني عبر القتل والتجويع والحصار. وأشارت إلى أن الاحتلال يتعمد استهداف التجمعات المدنية، من مراكز الإيواء إلى نقاط توزيع الطعام، في سياسة تهدف إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا.

في السياق ذاته، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال ارتكب أربع مجازر دموية خلال الـ24 ساعة الماضية، شملت قصف مدرستين تؤويان أكثر من 10 آلاف نازح، بالإضافة إلى استهداف المطعم وسوق شعبي مزدحم.

وأكد المكتب أن استهداف 235 مركز إيواء حتى الآن يعكس نية واضحة لإيقاع أكبر عدد من الشهداء، واصفًا هذه الأفعال بأنها “جرائم حرب مكتملة الأركان” وامتداد لسياسة الإبادة الجماعية.

وطالب المكتب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف هذه المجازر، وتوفير الحماية للمدنيين، ومحاسبة قادة الاحتلال كمجرمي حرب.

* كمين القسام: المقاومة ترد بقوة

في المقابل، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، عن تنفيذ عملية نوعية ضمن سلسلة عمليات “أبواب الجحيم” شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وفي بيان رسمي، أوضحت الكتائب أن مقاتليها تمكنوا من استدراج قوة إسرائيلية راجلة مكونة من 10 جنود وكلبين عسكريين إلى كمين مُجهز مسبقًا بالعبوات الناسفة.

وأضافت أنه “فور وصول القوة إلى نقطة الكمين، تم تفجير العبوات، مما أوقع الجنود بين قتيل وجريح قرب مفترق المشروع”، مشيرة إلى رصد طيران مروحي إسرائيلي لإخلاء الضحايا، مع استمرار الاشتباكات.

في عملية منفصلة، أكدت القسام استهداف قوة إسرائيلية تحصنت داخل منزل قرب مفترق المشروع بقذيفتي “TBG”، مما أدى إلى إيقاع أفراد القوة بين قتيل وجريح.

وأضافت أن مقاتليها تقدموا نحو المنزل وأجهزوا على الناجين من القوة بأسلحة خفيفة من مسافة الصفر، في عملية عكست تنسيقًا عاليًا وجرأة ميدانية.

ووفقًا لبيانات الجيش الإسرائيلي، ارتفعت حصيلة قتلاه منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 853 ضابطًا وجنديًا، بينهم 6 منذ 18 مارس 2025، مع إصابة 5758 آخرين، منهم 2588 في المعارك البرية بغزة، وهي إحصاءات حكومية يرجح عدد من المتابعين أن تكون غير مشتملة على الأعداد الحقيقية.

* ردود فعل ومطالبات ومقاومة مستمرة

أثارت هذه التطورات موجة إدانات فلسطينية واسعة، حيث طالبت “حماس” بتحرك دولي عاجل لوقف “المسلسل الإجرامي” الإسرائيلي، وردع حكومة الاحتلال التي تمعن في ارتكاب جرائم الحرب والتطهير العرقي.

وحثت الأمتين العربية والإسلامية، وأحرار العالم، على تصعيد الحراك الشعبي لدعم صمود الشعب الفلسطيني، ورفض سياسات الإبادة والتجويع، والمطالبة بمحاسبة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية.

من جانبه، أدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة المجازر المستمرة، محملاً الاحتلال والدول الداعمة له المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم. وأشار إلى أن الصمت الدولي المريب يشجع الاحتلال على مواصلة عدوانه، داعيًا إلى تدخل فوري لتوفير الحماية للمدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

وتُظهر الأحداث الأخيرة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في سياسة الاستهداف المتعمد للمدنيين، حيث يُعتبر قصف المطاعم والمدارس ومراكز الإيواء جزءًا من استراتيجية تهدف إلى تعميق المعاناة الإنسانية في غزة.

في المقابل، تُبرز عمليات كتائب القسام قدرة المقاومة على التكيف والرد بقوة، رغم الحصار الخانق والفارق الكبير في الإمكانيات العسكرية. وتشير هذه العمليات إلى استمرار استراتيجية المقاومة في استنزاف قوات الاحتلال عبر كمائن محكمة وعمليات نوعية.

* الوضع الإنساني: كارثة مستمرة

ويعيش قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والمأوى، وسط استمرار الحصار والقصف. استهداف مراكز الإيواء ونقاط توزيع المساعدات يفاقم هذه الأزمة، مما يجعل المدنيين عرضة للموت جوعًا أو تحت القصف. ومع ارتفاع حصيلة الضحايا، يتزايد الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حاسم يوقف هذا التصعيد.

تظل غزة مسرحًا لصراع دموي يجمع بين وحشية الاحتلال وصمود المقاومة، حيث تُبرز المجازر الإسرائيلية استهتارًا بالقوانين الدولية، بينما تؤكد عمليات القسام عزيمة الشعب الفلسطيني على الدفاع عن أرضه وحقوقه. أمام هذا الواقع المأساوي، يبقى السؤال: هل سيستجيب المجتمع الدولي لنداءات وقف الإبادة ومحاسبة المسؤولين، أم سيستمر الصمت في تغذية هذه الجرائم؟ إن غزة اليوم ليست مجرد قطاع محاصر، بل هي صرخة عالمية تطالب بالعدالة والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *