«صار القمر أكبر».. فيروز صانعة البهجة ورفيقة الصباح تُطفئ شمعة عامها الـ86 (بروفايل)

عبد الرحمن بدر

بحبّك! ما بعرف، هنّ قالولي

من يومها صار القمر أكبر

أجيال متعاقبة تعلقت بصوت فيروز وارتبطت ذكرياتها بأغنياتها المتعددة المميزة، ومازلنا نعيش في زمن فيروز، ومازال صوتها نابضًا بالحيوية والجمال قادرًا على صنع الصباحات المبهجة.

 تطفئ فيروز اليوم شمعة عيد ميلادها الـ86، وخلفها مسيرة إبداعية كبيرة، أهلتها لتتربع على عرش الغناء لعقود، تذهب أجيال وتأتي أخرى وتبقى هي جارة القمر بصوتها الفريد وحضورها الطاغي وملامحها الرقيقة التي تشبه عذوبة صوتها.

ورغم انقسام اللبنانيين على الكثير من القضايا السياسية والطائفية إلا أنهم يجتمعون على حب فيروز التي ظل صوتها يصدح بالأغاني الوطنية في عز أيام الحرب الصعبة ويرافق صباحات محبيها.

حملت فيروز العديد من الألقاب مثل الأيقونة، والملكة، وجارة القمر، ويرفق اسمها دوماً بلقب “السيدة” تقديراً لها، شعبيتها الطاغية هي ما جعلت الرئيس الفرنسي ماكرون يذهب إليها في بيتها خلال زيارته الأخيرة للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، ليتحدث معها ويلتقط الصور التذكارية.

بداية الأيقونة.. ولقاء الأخوين رحباني

ولدت نهاد رزق وديع حداد فى قرية الدبية فى منطقة الشوف الجبلية في 21 نوفمبر 1935، لوالد يعمل فى مطبعة، ووالدة كرست حياتها لرعاية الأسرة المكونة من أربعة أولاد.

بدأت فيروز مسيرتها الفنية فى نهاية الأربعينيات حينما اكتشفها المؤلف الموسيقى محمد فيلفل حينما كان يبحث عن أصوات جديدة لضمها إلى الإذاعة اللبنانية، ومع اكتشافه لموهبتها وصوتها الشجى ضمها إلى الكونسرفتوار لتتعلم أصول الموسيقى والغناء، فأعجب المدير الموسيقى للإذاعة حينذاك حليم الرومى بصوتها فاقترح عليها اسمها الفنى فيروز.

وفى الإذاعة تعرفت فيروز على عاصى ومنصور الرحبانى المؤلفين الموسيقيين وتعاونت مع الأخوين الرحبانى فى مطلع الخمسينيات، وقدمت مجموعة كبيرة من الأعمال الغنائية والمسرحية والأفلام السينمائية التى جمعت بين الألحان الشرقية والفولكلور اللبنانى والأنغام الغربية، فشكلت معهما علامة فارقة فى مهرجانات بعلبك الشهيرة ولُقبت بـ”عمود بعلبك السابع”.

وفى منتصف الخمسينيات تزوجت فيروز من عاصى الرحبانى وأنجبا أربعة أولاد، هم: زياد، وليال التى توفيت عام 1987 بعد سنة من وفاة والدها، وهلى وريما.

وكان آخر ألبوم لفيروز صدر في  العام 2017، من ألحان ابنتها ريما الرحباني، أما آخر ظهور علني لها فكان نهاية العام 2011  حين أحيت مجموعة حفلات على مسرح البلاتيا في جونية على ساحل كسروان بلبنان.

فيروز.. توحد فرقاء لبنان على صوتها

لم تفارق فيروز لبنان في محنته خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، كما لم تحيي حفلاً واحداً على أرض وطنها طيلة تلك السنوات الدامية، في إشارة واضحةٍ منها لعدم الانحياز لأي طرف، بينما بقي صوتها يبعث الأمل على جانبي جبهات القتال، إلى أن لمت شمل اللبنانيين، وداوت جراحهم، في حفلٍ أحيته بساحة الشهداء وسط بيروت، بعد انتهاء الحرب سنة 1994، وأحيت أحدث حفلاتها بلبنان سنة 2011.

ولذلك اعتبرها كثيرون رمزاً لوحدة لبنان، فلم تنحز يوماً لأي من أفرقائه السياسيين، وطالما نأت بنفسها عن حروبهم، لتكون سفيرة اللبنانيين إلى النجوم، حملت صوتهم وحنينهم لوطنٍ مشتهى، وجمعت شملهم لأجيال على امتداد أصقاع الأرض، حتى آخر صلاة أطلقتها بمناسبة عيد الفصح الماضي وسط قيود التباعد الاجتماعي التي فرضتها أزمة كورونا.

وخلال مسيرتها الممتدة لاقت جارة القمر العديد من التكريمات من ملوك ورؤساء، لكن تبقى الجائزة الكبرى هي حب الجمهور بالوطن العربي الذي جعل منها أيقونة للرومانسية ورفيقة للصباحات الدافئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *