سمير صبري.. حكاية فنان إسكندراني مسنود بالجدعنة وونس «حكايات العمر» (بروفايل)

كتب: عبد الرحمن بدر

«علمتنى الحياة أن الحب هو منبع كل جميل وكريم وعظيم ومن خلال تعاليم الحب تعلمت الحياة»، بهذه الكلمات لخص الفنان الكبير سمير صبري تجربته في الحياة بكتابه (حكايات العمر كله) حيث كان ومازال صديقًا للفنانين مساندًا ومحبًا للجميع.

«شخص مهذب جدًا، عمره ما تاجر بحكاياته، أو شوه سمعة زميل أو زميلة ليه، بل على العكس لا يحكي إلا الجانب الجميل والمشرق فقط»، بهذه الكلمات تحدث السيناريست عبد الرحيم كمال عن سمير صبري بعد ظهوره الأخير في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، خلال تقديمه للفنانة نيللي لاستلام جائزتها.

ظهر صبري وهي يستند على عكاز، ورغم ذلك كان حاضر الذهن، لم يتوقف عن إضحاك الجمهور والغناء له بصحبة نيللي، وسط مشاعر محبة صادقة وتصفيق من الجمهور.

خلال عقود مضت اختار ابن الإسكندرية أن يقف إلى جوار زملائه خاصة في أوقات المحن والأزمات، تنقل بين الإذاعة والتليفزيون والغناء وتقديم البرامج، وظل وفيًا للفن ولأهله، لا يتأخر عن واجب ولا يعيب في زميل.

انفصلت عنه زوجته في مرحلة مبكرة وسافرت مع نجله الوحيد لخارج البلاد، وهي الواقعة التي ندم عليها حين تقدم في العمر، ويزور نجله وأحفاده بالخارج، وربما عوض غياب الأسرة بأن جعل كل أهل الفن أسرته وعزوته.

سمير صبري، من مواليد الإسكندرية في 27 ديسمبر 1936، بدأ حياته العملية مذيعاً في الإذاعة الإنجليزية ثم اتجه إلى التمثيل والغناء.

نشأ صبري في بيئة منفتحة، أحب الفن منذ الصغر وعاش وسط عائلة تجيد الفن تتذوقه وتحترمه، وسط السينما والمسرح والموسيقى، وأم وأب وجد و7 خالات شكلوا طفولته وصنعوا شخصيته.

اصطحبت أسرة سمير صبري الطفل منذ نعومة أظافره إلى دور السينما والمسرح وشجعوه عندما وقف أمامهم يقلد الفنانين ويغني ويرقص.

انتقل سمير صبري إلى القاهرة، وعرف عبد الحليم حافظ الذي قدمه للبنى عبد العزيز ليصبح وعمره 10 سنوات نجم البرنامج الأوروبي.

وعن عبدالحليم حافظ، يقول صبري: «كان بوابة عبورى إلى شارع الفن.. معه وقفت لمدة ثوان لأول مرة أمام كاميرا السينما، ومعه دخلت الإذاعة.. وبفضله ومساعدة الإعلامية آمال فهمى قدمت أولى فقراتى على موجات الإذاعة».

وأضاف: «حليم كان مؤسسة.. مدرسة ذكاء وعشق للفن.. تعلمت منه الدقة والإتقان فى العمل.. تعلمت منه زواج الفنان الكاثوليكى لفنه».

أما موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب فوصفه بـ«الفنان ذى الذكاء النادر»، وقال عنه «الأستاذ مدرسة فى الذكاء الفنى، عبقرى فى اختيار كلماته، وفى توظيف وخدمة فنه، واختيار توقيت وصوله للجمهور، أستاذ فى الحوار، فى صوته موسيقى تسمعها حتى فى حديثه العادى، أستاذ فى معرفة متى يتحدث، ومتى يصمت، ومتى يرد بالإجابة الموزونة التى لا تجرح».

ورغم أن صبري تحدث في سيرته عن عشرات الشخصيات الفنية، فإن الفنانة نادية لطفي كان لها مكانة خاصة بقلبه، بحسب وصفه، مؤكداً «كانت صاحبة مواقف بطولية لا تنسى، من بينها سفرها إلى العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982 أثناء حصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات».

عرف صبري بمواقفه الإنسانية مع زملائه في الوسط الفني من بينها تسببه في رجوع سامية جمال للرقص بعد سنوات طويلة من الاعتزال، حيث كانت تمر بأزمة مالية بعد غرق شقتها.

وعن ذلك قالت سامية عن صبري: (رجعني للحياة تاني)، فحينما لم تستطع إجراء بعض التصليحات الضرورية لمسكنها الذي كانت تستأجره بالزمالك، كان صبري في ذلك الوقت يؤسس فرقة استعراضية، ويغني في فنادق الخمس نجوم ويغني في الحفلات، طلب منه المدير الألماني أن يستحدث عمل مختلف أثناء فترة الصيف، فأخبره صبري باقتراح أن يكون هناك كل يوم اثنين ما يسمى بـ(الليلة الكبيرة) يقدم فيها حفلات استعراضية مع الفنانة المعتزلة سامية جمال، وقدم دعوة لسامية لتناول العشاء مع مدير الفندق الألماني، ليبدي بعدها موافقته بما أخبره به صبري، وفي هذه الأثناء لم تقتنع سامية جمال بعودتها للرقص وهي في عمر الـ 60، لكن سمير صبري أقنعها، وحققا معًا نجاحا كبيرا، وكان ينتظرها الجمهور العربي والأجنبي على حد سواء، وبعد الانتهاء من العمل على مدار موسمين كاملين، اعتزلت مره أخرى.

كما كانت علاقته قوية ووثيقة بسعاد حسني خلال فترة مرضها، والتقى بها حوالي ثلاث مرات قبل وفاتها في يونيو عام 2001، فقد كانت تخطط معه رحلة رجوعها، وما كانت ترغب به ومرافقته لها أثناء وصولها في المطار، وبعد رحيلها الغامض سجل للتليفزيون برنامج (لغز رحيل السندريلا) على مدار 8 حلقات للتحقق في قتلها أو انتحارها، وقال سمير صبري إنه يقوم بالتحقق في قتلها وليس التحقيق، وانتهت حلقاته بترك النهاية مفتوحة للمُشاهد.

أما الفنانة القديرة تحية كاريوكا كانت تناديه بـ (أنت ابني)، وكان يناديها بـ(ماما) جمعت بينهما علاقة صداقة قوية، وكان من القلائل اللذين يواظبون على السؤال عنها وزيارتها أثناء تواجدها في المستشفى في أواخر عام 1999.

أما الفنان الراحل نور الشريف فقد ذكر في تصريح سابق أن صبري الوحيد الذي كان يتصل به تليفونيًا للسؤال عنه، أثناء تعرضه لأزمة اتهامه بالخيانة، على صفحات الصحف القومية بسبب فيلم (ناجي العلي) الذي عُرض عام 1992.

وحين اشتبه الأطباء في إصابة محمود عبد العزيز بسرطان في المعدة اصطحب معه سمير صبري في رحلته العلاجية إلى باريس منذ ما يقرب من21 عاما، حتى تعافى الفنان وعاد إلى عمله.

ييلغ رصيد سمير صبري سينمائيا 138 فيلمًا، بالإضافة لعدد من البرامج التليفزيونية الناجخة منها (النادي الدولي)، و(هذا المساء).

وشارك صبري عددا كبيرا من أفلامه مع الزعيم الفنان الكبير عادل إمام، من أبرزها فيلم البحث عن فضيحة من بطولة ميرفت أمين، من مسلسلاته التلفزيونية حضرة المتهم أبي الذي تم إنتاجه عام 2006 وكذلك قضية رأي عام بطولة يسرا ولقاء الخميسي.

مازال سمير صبري متوهجًا وقادرًا على العطاء رغم السن والعكاز الذي ظهر به مؤخرًا، لكن سيرته الطيبة ستبقى طويلاً تحكي عن سيرة فنان عاش مسنودًا بالجدعنة ولمة الحبايب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *