رغم التحذير من التداعيات المحتملة للقرار.. رئيس الوزراء يتحدث عن تحريك سعر الخبز: سنضمن عدم تضرر الفئات الأكثر فقرا

كتب- صحف

مجددا، وبعد شهور قليلة، تناول مسؤول مصري بارز قضية سعر الخبز المدعوم، الذي تعتمد عليه شريحة كبرى من المصريين في غذائها اليومي، حيث قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الأربعاء أن  دعم رغيف الخبز في مصر “لن يُرفع”، بعد اتخاذ قرار تحريك سعره، وهو الأمر الذي تدرسه السلطات خلال الفترة الراهنة.

ونقلت صحيفة “المصري اليوم” عن مدبولي تصريحاته خلال مؤتمر صحفي، الأربعاء: «مش عايزين نكرر تاني إني أروح عامل رقم وأقعد عليه 30 سنة لغاية أما الدنيا تخرب ونرجع نقول هنعمل.. لازم  يبقى في دائمًا تفكير إنه في نوع من التحرك الطفيف (تغيير السعر بالزيادة) اللي يحصل بصورة منتظمة”.

وأضاف رئيس الوزراء: “هيفضل في دعم ودعم مش قليل، دعم كبير، ولكن متبقاش الفجوة بالطريقة دي، لازم الموضوع يتحطله إطار متكامل عشان لما نخرج بالموضوع ونقوله للناس يبقى واضح بصورة متكاملة”.

وفي أغسطس الماضي قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الوقت حان لزيادة سعر رغيف الخبز المدعوم، مضيفا أنه لا يتحدث عن زيادة كبيرة في السعر، لكن عن أن زيادة السعر باتت ضرورة.

وأوضح أنه يجب إعادة النظر في سعر رغيف الخبز المدعم البالغ خمسة قروش مصرية (الدولار = 15.7 جنيه مصري)، مشيرا إلى أن قيمة 20 رغيفا تبلغ ثمن سيجارة واحدة.

وشدد السيسي – حينها – على ضرورة زيادة سعر الخبز الحكومي “دون الخوف من ردود الفعل”.

وقال السيسي خلال كلمته بافتتاح عدد من المشروعات السكنية بمدينة بدر: “الناس استغربت لما اتكلمت في رغيف العيش.. خلال الـ 50 سنة اللى فاتوا اتعملت منظومات كتير، كانت مرتبة على ظروف وأوضاع موجودة في الوقت ده.. الظروف ده مش ممكن نستمر أو نقبل أنها تستمر كده على طول”.

وتابع: “هديكم مثال، رغيف العيش لما زاد من قرشين إلى 5 قروش كان بيتكلف 18 قرشا، ولما بقى 5 صاغ دلوقتى بيكلف 65 قرشا، طب هو دخل الفرد في 2011 كان أقل من 400 و500 جنيه ووصل إلى أكثر من ألفين جنيه وفق الحد الأدنى للمرتبات”.

وسرعان ما تلقفت الكثير من البرامج التلفزيونية في القنوات المصرية تصريحات السيسي لتبرزها، لافتة إلى وجاهة المقارنة بين سعر الرغيف والسيجارة، بينما تحدث منتقدون للفكرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على تداعيات سلبية للمسألة ستمس حياة ملايين المصريين الذين يعانون اقتصاديا منذ سنوات.

وأصدر المكتب الاقتصادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي بيانا آنذاك أعلن فيه رفضه المساس بأسعار رغيف الخبز المدعم، مؤكدا أن رفع سعر الرغيف 10 أو 20 قرشا سيؤدي إلى خفض دخل الفقراء بنسب تتراوح بين 9% و18% بالإضافة إلى رفع أسعار السلع المرتبطة بالخبز.

وأكد البيان أن الحكومة التي تدعم رجال الأعمال بـ 22 مليار جنيه سنويا لتثبيت أسعار الكهرباء للمصانع فإن الفقراء ومحدودي الدخل هم الأولي بالرعاية، مشددا على أن رفع أسعار رغيف الخبز سيتبعه سقوط آلاف الأسر تحت خط الفقر.

كما أعلن حزب التجمع رفضه لرفع أسعار الخبز، وقال الحزب في بيان له: “بعد مناقشات مطولة في اجتماع مشترك لكل من المجلس الرئاسي واللجنة الاقتصادية والهيئة البرلمانية لحزب التجمع يؤكد الحزب على  اختلافه مع اتجاه تحريك سعر رغيف الخبز.

وتابع الحزب: هذا الاتجاه يمس أحد أهم الاحتياجات المعيشية الأساسية للغالبية العظمى من المصريين في ظل مستوى الدخول المتاح، سواء للمنتمين للطبقات الشعبية (العاملين بأجر – أصحاب المعاشات – المرأة المعيلة.. الخ )، وحتى الشريحة الأدنى من الطبقة المتوسطة المهددة  بالسقوط في براثن الفقر، وهذه الفئات كلها تنفق من دخلها ما يصل إلى ٥٥٪ على الغذاء من الأطعمة الرخيصة والتي تعتمد في الأساس على رغيف الخبز، بالإضافة إلى الأعباء التي تزايدت على هذه الفئات بعد زيادات أسعار الكهرباء والمياه والغاز وأسعار الخدمات العامة.

أيضا، أعلن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي اعتراضه على رفع الدعم عن الخبز في هذه اللحظة وبهذه الطريقة، محذرا من الإقدام على هذه الخطوة. وقال الحزب في بيان له: “نتفق على أهمية استبدال الدعم العيني بدعم نقدي، لكن ينبغي أن يتم هذا بشكل متزامن، فرفع الدعم عن الخبز يجب أن يستبدل جزء من الوفر بدعم نقدي لكل الأسر التي يقل دخلها الشهري عن رقم يتم الاتفاق عليه بعد جلسات نقاشية مفتوحة تضم خبراء اقتصاديين”.

ودعا الحزب إلى حوار مجتمعي لوضع آليات محددة وكافية لتحديد المواطنين المستحقين للدعم النقدي وآليات واضحة وشفافة لتوصيله لهم واستفادتهم منه. 

وأعلن الدكتور جودة عبد الخالق، المفكر الاقتصادي، وزير التضامن الاجتماعي الأسبق، في أغسطس الماضي، رفضه لزيادة سعر رغيف الخبز، ودعا لعقد مؤتمر لمناقشة قضية الدعم تشارك فيه الحكومة والأحزاب والخبراء والمؤسسات البحثية.

وقال عبد الخالق إن اعتمادات دعم الخبز فى الموازنة الحالية «باستبعاد دقيق المستودعات» تبلغ 47.4 مليارات جنيه، فى حين يزيد إجمالى المصروفات على 1.8 تريليون (التريليون مليون مليون) جنيه. أى أن دعم الخبز لا يمثل أكثر من 2.6% من إجمالى المصروفات.

وتابع الوزير السابق في مقال بصحيفة (الأهالي)، اليوم، بعنوان (الرغيف بين الشعب والرئيس): واضح من الأرقام السابقة أن دعم الرغيف ليس هو سبب العجز المالى. فحتى لو تم الغاء الدعم تماما برفع سعر الخبز إلى مستوى التكلفة، فمعنى ذلك توفير 47.4 مليارات جنيه فقط من المصروفات العامة، يعنى قطرة فى محيط.

وأضاف: السبب الأهم للعجز المالى ليس هو الإفراط فى الدعم، بل هو الإفراط فى الاستدانة. فقد خصص لخدمة الدين فى موازنة 2021 / 2022 مبلغ 1.173 تريليون جنيه، يعنى تقريبا 25 ضعف المبلغ المخصص لدعم الخبز، وفضلا عن ذلك يوجد العديد من مجالات دعم الأغنياء، وهو دعم مسكوت عنه ولا يظهر فى الموازنة، على سبيل المثال لا الحصر، نذكر الدعم الذى تحصل عليه شركات تجميع السيارات منذ أربعين عاما فى صورة الفرق بين ما تدفعه من جمارك متواضعة على مكونات السيارات «فى حدود 15 – 20 %» والجمارك المرتفعة على السيارة المستوردة «100 % فأكثر».

وارتفعت تكاليف المعيشة ارتفاعا صاروخيا منذ عومت مصر المعتمدة على الاستيراد عملتها الجنيه في نوفمبر 2016 لتفقد نحو نصف قيمتها، مما قلص الدخل الحقيقي لكثير من المصريين.

وخلال تصريحات، الأربعاء، لفت مدبولي إلى أن النظام يدرس “الفئات المهمشة” وتأثير تحرك سعر الخبز عليها، و”عند اتخاذ خطوة رفع أسعار الخبز سنضمن عدم تضرر الفئات الأكثر فقرا”، وفق ما نقل موقع “مصراوي” عن رئيس الوزراء.

ويبلغ تعداد سكان مصر أكثر من 100 مليون نسمة، فيما يعيش نحو 29.7 في المئة منهم تحت خط الفقر حسب أحدث بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *