د. أشرف البيومي يكتب: وفاة عالم قدير ومناضل وطني مخلص.. دكتور أنطوان زحلان

تعرفنا علي ـأنطوان زحلان ( توني أو ABZ) عندما جاء إلى الإسكندرية بزيارتنا في  محاولاته التي لم تكل لتجميع العلميين العرب في مؤسسات علمية حتي تساهم في نهضة الأمة العربية ولمواجهة الكيان الصهيوني.

كان ذلك في عام 1964 عندما كاًن أستاذا بقسم الفيزياء بالجامعة الأمريكية ببيروت قبل رئاسته للقسم لاحقاً وكان أشرف مدرسا بكلية العلوم بجامعة الاسكندرية.

كانت مواضيع البحث العلمي لدي أشرف وتوني متشابهة في مجال الفيزياء الضوئية. 

لم  يعتبر زحلان مأساة فلسطين منفصلة عن بقية القضايا العربية. كان واعياً بأهداف الكيان الصهيوني التي لم تنحصر في الاستعمار الاستيطاني لجزء أو كل فلسطين بل امتدت للهيمنة علي العالم العربي بأكمله، كما كان مدركاً لطبيعته ككيان وظيفي للمستعمر الغربي الذي قام بحمايته ودعمه بكل الوسائل.

استمر زحلان علي قناعة بأن المسئولية الأساسية لتحرير فلسطين من الاستعمار المباشر، والعالم العربي من الهيمنة، تقع علي كاهل المثقفين العرب وحدد العلم كوسيلة محورية للقضاء علي التخلف العربي ولتحقيق نهضة عربية. ومن ثم كرس حياته وجهده لتحقيق هذا الهدف. كان من أولي كتاباته المتعددة كتاب “العلم والتعليم العالي في إسرائيل” الذي أصبح بمثابة دق ناقوس الخطر بسبب الفجوة الهائلة بين العالم العربي والعدو الصهيوني في مجالات البحث العلمي.

كان زحلان مناضلا عربيا حقيقيا، لم ينس جذوره الفلسطينية في حيفا. ومن الطريف أن والده كان يخبره يوميا بحالة الطقس في حيفا. لم يستغل زحلان نشاطه لخدمة طموحاته الشخصية واستمر حتي النهاية مؤمنا بضرورة تنمية عربية معتمدة علي العلم الحديث. رفض الإغراءات ومقولات السلام الخادعة. فعندما نشر رئيس الأكاديمية الإسرائيلية تقييماً إيجابياً للمؤتمر العالمي الناجح الذي نظمه زحلان في مجال الفيزياء الضوئية عام 1967 لام زحلان لعدم دعوته للمؤتمر رغم انه لا يبعد عن بيروت غير كيلومترات قليلة. رد عليه زحلان بنفس المجلة العلمية قائلاً بأنه يبعد بنفس المسافة ولا يستطيع العودة لوطنه وبلده ومنزله الذي لا يزال قائماً. 

نتذكر توني كصديق عزيز شاركه أشرف  في اغلب نشاطاته المتعلقة بإنشاء مؤسسات علمية في وطننا العربي، وشاركته سهير في بعض نشاطاته المتعلقة بالتنمية. كما سنتذكره كعالم مرموق في مجاله الأكاديمي وكمثقف عربي لم يألوا جهداً من أجل تحقيق التنمية العربية المنشودة بالرغم من العقبات ولكنه استمر في محاولاته لإنشاء مؤسسات علمية متميزة ذات كفاءة عالية. لا نشك ان مساهماته ستثمر في وقت لاحق وستحقق امالنا الوطني رغم كل الصعوبات. سيبقي زحلان نموذجا للمقاوم الوطني الذي يقدر أهمية المعرفة العلمية والمنهج العلمي في تحدي الهيمنة الأجنبية، والنهوض بأمتنا العربية.

سنفتقدك كثيراً توني!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *